إجهاض مخطط السيطرة على القضاء.. وإعادة الهيبة إلى «منصة العدل»
محاصرة «الإخوان» للمحكمة الدستورية العليا
تخلصت مصر من «كابوس الإخوان» فى 30 يونيو 2013 وعادت للقضاء هيبته ومكانته وقدسيته، بعدما حاولت الجماعة الإرهابية تدميرها خلال عام من حكمها لمصر، ففى الفترة من 2012 وحتى 30 يونيو 2013 شهدت مؤسسة القضاء محاولات مستميتة من جانب الجماعة للسيطرة عليها، فيما عرف بـ«أخونة القضاء»، وهو المخطط الذى كان موثقاً فى أوراق التنظيم التى تم الكشف عنها عقب ثورة 30 يونيو من قبل لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان. على مدار عام كامل دخل الإخوان فى صراعات وأزمات مستمرة مع السلطة القضائية، وفتح النظام أكثر من جبهة فى معركته مع القضاء، بدأت بعد شهور قليلة من وصول الإخوان إلى الحكم، مع المحكمة الدستورية العليا، ثم مع النائب العام، ولم يسلم جموع القضاة من محاولات التدخل والسيطرة عليهم من خلال سعى الجماعة لتعديل قانون السلطة القضائية بهدف تخفيض سن القضاة والإطاحة بما يقرب من 3000 من شيوخ القضاء وإحالتهم للمعاش المبكر.
وكشفت وثائق الإخوان، التى عثرت عليها لجنة التحفظ وإدارة أموال الإخوان بمقر مكتب الإرشاد، عن مخططات الإخوان لهدم مؤسسات الدولة، ومن بينها القضاء. أولى معارك نظام الإخوان كانت مع المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام السابق، حين أصدر الرئيس المعزول الراحل محمد مرسى قراراً جمهورياً بتعيينه سفيراً فى الفاتيكان، لكن «عبدالمجيد» خرج وأعلن رفضه قبول المنصب الجديد وترك منصب النائب العام، ليضع مؤسسة الرئاسة فى حرج كبير، بعد أن أعلنت موافقته على توليه المنصب الدبلوماسى، ورغم تراجع مؤسسة الرئاسة وسحب قرار تعيين «عبدالمجيد» سفيراً بالفاتيكان، فإن الصراع بين النظام والقضاء كان قد بدأ بالفعل، حيث سبق ذلك قرار جمهورى بإعادة مجلس الشعب للانعقاد، رغم صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بحله، فيما اعتبر تحدياً من الرئيس للقضاء، لكن انتصرت المحكمة لحكمها وأصدرت حكماً آخر بإلغاء قرار الرئيس، معتبرة إياه عقبة فى تنفيذ حكمها بحل مجلس الشعب.
معركة الإعلان الدستورى "أم المعارك".. و"حصار الدستورية" لمنع القضاة من الفصل فى بطلان "الشورى والتأسيسية"
وفى 21 نوفمبر 2012 بدأت أم المعارك، عندما أصدر رئيس الجمهورية الراحل محمد مرسى، إعلاناً دستورياً، حصّن فيه قراراته من الطعن عليها أمام القضاء، وكل من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومجلس الشورى من الحل، وعزل المستشار عبدالمجيد محمود من منصبه، وتعيين نائب عام آخر هو المستشار طلعت عبدالله، نائب رئيس محكمة النقض صاحب الميول الإخوانية.
إعلان «مرسى» كان سابقاً على إصدار المحكمة الدستورية العليا لحكمها فى دعوى بطلان «مجلس الشورى» و«تأسيسية الدستور» بأسبوعين، حيث كان محدداً لهما جلسة 2 ديسمبر 2012، ونفذه تنظيم الإخوان، من خلال حشد أنصاره بالشوارع فى مظاهرات تأييد «الإعلان» أمام دار القضاء العالى، والاحتشاد لمساعدة النائب العام الجديد على دخول مكتبه فى جنح الليل، وبدأ أنصاره فى المبيت أمام المحكمة الدستورية العليا والاعتصام ليلة 2 ديسمبر لمنع قضاة المحكمة من الدخول والفصل فى دعاوى بطلان «الشورى والتأسيسية».
"مرسى" عزل النائب العام وعين آخر "ملاكى" .. وحاول تعديل "السلطة القضائية" للإطاحة بـ3000 من شيوخ القضاء وإحالتهم للمعاش المبكر
وقال المستشار محمد الشناوى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، إن فترة حصار المحكمة الدستورية كانت أسوأ فترة فى تاريخ المحكمة، حيث ظللنا لمدة شهرين لا نستطيع دخول المحكمة، وكانت نية الإخوان واضحة وقتها فى تقليص اختصاصات المحكمة وتدميرها، وأضاف أن الجماعة الإرهابية لم تكتف بمحاصرة المحكمة وإنما حاصرت نادى قضاة المحكمة الدستورية، حينما علموا أننا نعقد جلسات المداولة فى النادى، موضحاً أنهم بدأوا تنفيذ مخططهم من خلال إصدار دستور 2012 الذى نص على تقليص عدد أعضاء المحكمة وبالتالى الإطاحة بمستشاريها أصحاب الخبرات. من جانبه قال المستشار أحمد عبدالرحمن، نائب رئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى الأسبق، إنه فى بداية حكم المعزول محمد مرسى كان هدف الجماعة واضحاً للتمكين والسيطرة على القضاء، من خلال عدة وسائل بدأت بعزل المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، وتعيين المستشار طلعت عبدالله بدلاً منه، وكانت مهمة نائب عام الإخوان إعادة ترتيب نظام النيابة العامة والاستعانة بالمنتمين للإخوان داخل القضاء، وتم عزلهم عقب ثورة 30 يونيو بأحكام قضائية، وطلب وزير العدل وقتها المستشار أحمد مكى من مجلس القضاء الأعلى تعيين ما يقرب من 1500 شخص بالنيابة العامة، وكان الهدف من ذلك هو التمكين وتعيين المنتمين للإخوان، لكن مجلس القضاء الأعلى لم يلب طلبه أو يستجب له.