على باب المحكمة: طوابير نظام لـ«الدوخة والمصاريف وأشياء أخرى»

كتب: سمر نبيه

على باب المحكمة: طوابير نظام لـ«الدوخة والمصاريف وأشياء أخرى»

على باب المحكمة: طوابير نظام لـ«الدوخة والمصاريف وأشياء أخرى»

«المعاناة واحدة»، الجميع متضرر، زوجة كانت أو زوجاً، وإن كان هناك مكسب لأحدهما، فهو مؤقت تواجهه خسارة دائمة، فكلاهما يواجه إجراءات طويلة داخل محكمة الأسرة، وكل طرف يرى القوانين مجحفة بالنسبة له، لكن الضحية الحقيقية هم الأبناء.

تقول «منار حسن» 45 سنة: «أقمت دعوى قضائية بالخلع، لأن زوجى لم يكن يريد تطليقى، فقررت أخلص نفسى، وبصراحة المحامى هو من نصحنى بالخلع بدلاً عن الطلاق، قال لى الخلع لن يستغرق أكثر من 6 أشهر، لم أكن أدرى أنه من مضمونه وفق القانون الخاص به هو عدم حصولى على مستحقاتى، واستسلمت للفكرة رغم مفاجأتى بها، إلى أن جاء زوجى قبل النطق بالحكم بشهرين، وطلب ألا أخلعه، وأنه يريد أن يطلق وألا يخلع، ودخلت فى قصة التفاوض، هو دكتور كبير ويريد إنهاء الأمر من أجل سمعته، وجلسنا وتفاوضنا على أن يظل الولدان لأنهما كبيران معه، والبنت ستظل معى»، تضيف: «بدأت مرحلة الاتفاق على مصاريف البنت، وظل متجاوباً إلى أن تم الطلاق بهدوء، إلا أنه لجأ للمحكمة بعد ذلك ليرى البنت، وبدأت أنا أيضاً اللجوء للمحكمة للحصول على النفقات بعد انقطاعه وعدم انتظامه فى المصاريف، واستمرت البنت بيننا فى جو من الشد والجذب، إلى أن جاء أهله، وطلبوا أن تختار البنت بينى وبينه بعد وصولها 12 عاماً، واختارت بنتى أن تعيش مع والدها، لأن والدها يعيش بالخارج، فالبنت لم تستطع التأقلم على الحياة فى مصر، وكان من الممكن أن أعارض، لكنى قررت الخضوع لرغبتها، ولكى أضمن أن أرى بنتى، اضطررت للتنازل عن حقوقى، المؤخر والنفقة، وتنازلت عن كل شىء»، وتوضح أن محكمة الأسرة لم تكن عوناً لها فى شىء، قائلة: «محكمة الأسرة أزمة كبيرة، المحاكم عايزة نفس طويل، غير صحيح أن المرأة تحصل على كل حقوقها، فهى لا تحصل على النفقة المناسبة، فالمرأة التى تطلب الطلاق تنتزع حقوقها من مصاريف ونفقة، والمؤخر و«القايمة»، حيث اضطررت للتنازل عنها تحت ضغط، حتى يوافق الزوج على الطلاق، مع إمكانية رؤية أولادى، وضاع حقى كإنسانة عشت معه 25 عاماً، وفى النهاية لم يتوفر معى أى أموال، رغم أنه كانت تتوفر لى الكثير من فرص العمل فى فترة الزواج، إلا أنه كان يرفض، فلم يكن لى مصدر دخل غيره».

"منار": دعوى النفقة استمرت 3 سنوات والمحامى هو المستفيد.. و"عز": التحريات غير دقيقة وهناك صعوبة فى تنفيذ الأحكام.. و"منى": حصلت على حكم وعطله الاستئناف

تروى «منار» معاناتها مع محكمة الأسرة: «3 سنوات ذهبوا من عمرى، وأنا بجرى فى محاكم، للحصول على نفقة لبنتى، ناس حكت لى إنها استمرت 10 سنوات، وأخرى 12 سنة، للحصول على نفقة ومصاريف لأولادها، فلم يكن طليقى يرسل مصاريف عندما كانت ابنتى معى إلا كل 3 أشهر، وكانت أموالاً ضئيلة لا تكفى، لكن هذا الأمر لم يكن يشغله»، تضيف: «المحاكم بدأت تكون سبوبة للمحامين، المحامى كل ما الوقت يزيد، هو المستفيد، بل يكاد يكون المستفيد الأوحد، وهذا على عكس طبيعة الأمر فى الغرب، فالمحامى هناك يضع لنفسه «تارجت»، إذا لم يحققه يعطيك تعويضاً، لأنه بذلك يكون قد أضرك ولم ينفعك فى شىء، لكن هنا سمعت الكثير، وكثيراً ما كانت تؤجل القضية لنقص أوراق، وأحياناً لأن المحامى لم يحضر فتؤجل القضية، استمرت قضية النفقة 3 سنوات بهذا الشكل، أما الحكم فبعد ذلك جاء هزيلاً، وبتقدير هزيل للنفقة لا يتناسب مع طبيعة المعيشة والمصاريف، وبعد هذه المدة يأتى المحامى ليطالب باستكمال مصاريف القضايا والأوراق التى تابعها، ما حصلت عليه تم إعطاؤه للمحامى، مبلغ قليل وغير عادل، وذلك لأنه كان معه محام استطاع بشكل ما أن يقنع القاضى بأنه يعول إخواته، كوسيلة للتهرب وعدم سداد شىء، ، وكانت هذه كلها وسائل ومحاولات للضغط لدفعى للتنازل عن حضانة البنت، وعندما استجبت لرغبتها وهى فى عمر 12 عاماً بالعيش مع والدها، وقررت العيش مع والدها، انتكست بالمرض الذى أصابها هناك، حيث أصيبت بالسرطان، لذا فنحن من عامين ونحن نجرى على الأطباء بدلاً من المحاكم».

ويوضح «أحمد عز» 38 سنة، عدم رضاه عن محكمة الأسرة، قائلاً: «ليس بها أمر محمود على الإطلاق، لأسباب عديدة منها طول أمد التقاضى، قضية الرؤية تستمر من 9 أشهر حتى عام، ليتمكن الطرف غير الحاضن من رؤية ابنه»، فمحكمة الأسرة من المفترض أن تكون مدة التقاضى فيها قصيرة لأنها تخص أسرة وأطفالاً، فضلاً عن أن مكاتب التسوية التى من المفترض أن يكون لها دور فى حل الخلاف لا تقوم بأى دور، كل ما تفعله هو كتابة ورقتين، واستكمال مستندات ليس أكثر، وهو ما ينطبق كذلك على مكاتب الخبراء الاجتماعيين والنفسيين»، يضيف: «كذلك يجب أن يتسم التعامل مع قضايا الأسرة بالمرونة، لأن الأمور تختلف من حالة لأخرى، فعلى سبيل المثال، تختلف الأسباب والدفوع التى يقدمها شخص عن آخر عند طلب إسقاط الحضانة عن طليقته، ففى مصر القانون ينص على أنه لكى يستطيع الطرف غير الحاضن إسقاط الحضانة عن الطرف الحاضن، لا بد أن يكون الحاضن مصاباً بمرض نفسى يصل لحد الجنون، أما الاكتئاب وغيره فلا يعتبرونه أمراضاً نفسية تسقط الحضانة»، ويتابع: «هناك أزمة كبيرة فى مسألة تحريات النفقات، كونها تتم عن طريق جهة واحدة، وشخص واحد، فالزوج أحياناً يكون مصيره الحبس، لأن التحريات تكون قد أجريت دون إعلامه بالقضية أو وصول الإعلان إلى عنوان غير عنوانه الأصلى، وغالباً ما تجرى عن طريق شخص يدفع له مقابل إتمام التحريات بشكل معين، من قبل الطرف الآخر (الزوجة أو أهلها)، ولا تكون التحريات دائماً ظالمة للزوج، فأحياناً تقف ضد المرأة وتظلمها، ويتم تقدير مبلغ صغير للنفقة على خلاف الحقيقة والراتب الحقيقى للزوج، وفقاً لتحريات لم تجر بشكل صحيح».

«أنا جدة، وتعاملت بشكل مباشر مع المحكمة، عندما أقامت زوجة ابنى دعوى قضائية ضده لطلب النفقة»، تروى «ميرفت نصر» 58 سنة: «لم أتذكر عدد القضايا التى أقيمت ضد ابنى، كل أسبوع كان فيه قضية، قضايا بجميع أنواع النفقات، نفقة صغير، ونفقة الأم، وفرش وغطا، ومصاريف مدرسة، وكل دعوى قضائية تمت فى هذا الصدد، أقيمت أخرى شبيهة لها مرة أخرى لزيادة النفقات بعد فترة، ووصلنا لطريق مسدود، لتتوالى القضايا ونجد دعوى قضائية جديدة «بالقايمة»، واتحكم فيها غيابى بشهرين، دون أن يأتى لنا محضر، أو نعلم عنها شيئاً، أصبح ابنى من شخص معه شهادة عليا له وضعه، إلى شخص مطارد كالمجرمين، وقبض عليه مرتين أمام بنته أثناء الرؤية، حيث كان رجال تنفيذ الأحكام يداهمونه خلال وجوده بمراكز الرؤية»، تضيف: بعد ذلك أقمت دعوى قضائية لرؤية بنت ابنى، فلم أكن أستطيع رؤيتها بشكل ودى، إلى أن حكم لى ونفذت قضية الرؤية، وكنت حريصة على أن أرى البنت كل أسبوع، لم أغب سوى مرة واحدة أثناء العمرة، كنت أذهب لرؤيتها حتى وإذا لم تكن هى تأتى، كنت حريصة أن تجدنى فى المرة التى تصادف وتأتى، فقد ذقت المرار، ولم أكن أراها كما هو محكوم لى كل أسبوع»، تتابع: «عانيت 4 سنوات، فلم نكن نرى البنت بانتظام، كانت أياماً صعبة لا تنسى، وكأنه كان ابتلاء، تأثر ابنى نفسياً، وتأثر عمله، إلى أن استطعنا بعيداً عن محاكم الأسرة وعن أحبالها الطويلة، التى لم تفعل شيئاً، أن نصل لحل ودى، بعد أن دفعنا أموالاً وتنازلنا عن الكثير، للوصول لاتفاق من أجل مصلحة البنت، هى لم تختر أن تكون موجودة فى هذه الظروف، نحن وصلنا لطريق مسدود، بسبب القانون، القانون أعطى سيفاً للمرأة، الآن أصبحت المرأة عندما تحمل وتلد تطلب الطلاق، وللأسف مكاتب التسوية لا تفعل شيئاً، المحاكم ليس لها أى دور، الحل الودى هو الذى أنهى المشاكل، بعد أن استنزفت طاقتنا».

الوضع بالنسبة لـ«منى الحسينى» 31 عاماً، كان مختلفاً، فقد أنصفتها المحكمة بحصولها على حكم نفقة من طليقها بـ2500 جنيه شهرياً لمدة عامين و3 أشهر، تحكى «الحسينى»: «طلقنى غيابى بعد عام ونصف، ولم أنجب منه، كان يتخيل وفق ما أقنعه آخرون، أن نفقتى لن تتجاوز 500 جنيه، لكنى استطعت أن أحصل على ورقة من مكان عمله، بأجره الحقيقى، وهو ما مكنى من هذا الحكم»، تضيف: «القضاء فى مصر يتعامل مع الأوراق الرسمية، إضافة إلى أن الطلاق الغيابى يخسر الرجل كثيراً، وحاول محاميه أن يشكك فى مستند راتبه، ويطلب من القاضى إعادة تحريات الراتب مرة أخرى، إلا أن القاضى رفض»، تتابع «الحسينى» تفاصيل قصتها: «أقمت الدعوى القضائية فى ديسمبر الماضى، وحصلت على الحكم فى أبريل، إلا أننى لم أصرف النفقة حتى الآن، ومن المتوقع أن أصرفها خلال 4 أشهر، كما قال المحامى، حيث يتجه طليقى حسب ما هو متوقع حدوثه، إلى الاستئناف على الحكم، ويحاول محاميه إيجاد مخرج».


مواضيع متعلقة