يحارب أو لا يحارب: الكرة الآن أمام دونالد ترامب

رغم كل شىء، قرار الحرب المحدودة لم يتخذ بعد فى «واشنطن».

كل شىء يدعو ويستفز للعمل العسكرى، لكن الأمريكى يريد أن يضغط، ولكن -حتى الآن- لا يريد أن يدفع ثمن المواجهة العسكرية.

حتى الآن لم يتم ضرب هدف أو مصلحة أمريكية، ولم يتم ضرب هدف أو مصلحة إسرائيلية، لذلك -بالحسابات الأمريكية- لا شىء يدعو للتحرك الأمريكى حتى لو اشتعل الخليج من أوله لآخره.

«ترامب» تاجر، مقاول سياسى، بائع سلاح لمن يشترى من السعودية للإمارات، ومن إسرائيل لقطر، ومن باكستان إلى تركيا.

غضب «ترامب» من إيران ليس لأفكارها أو سياساتها، لكن غضبه الحقيقى أنها بعد رفع العقوبات لم تعط حصة الأسد لشركات أمريكية فى إعادة التأهيل والإعمار.

غضب «ترامب» من تركيا ليس لسياساتها فى سوريا والعراق أو موقفها من الأكراد أو موقفها من روسيا وإيران أو دعمها لجماعة الإخوان و«داعش»، ولكن لأنها اشترت صفقة «إس 400» الروسية وصرفت النظر عن منظومة «الباتريوت» الأمريكية.

رضاء أو غضب «ترامب»، تدخله الإيجابى أو ابتعاده السلبى، يعتمد على لغة المصالح.

اللاعب الإيرانى يدرك قواعد الاشتباك جيداً، حينما فعل الآتى:

1- ضرب ناقلتين على بعد 35 كم من المياه الدولية الإيرانية، ثم قام بإنقاذ 42 من بحارتها.

2- تم الضرب فى ذات الساعة التى كان فيها رئيس الوزراء اليابانى فى اجتماع مع المرشد الأعلى لنقل رسالة من «ترامب».

3- سرب عن عمد كامل ملخص اللقاء مع رئيس الوزراء اليابانى ليعلن للعالم أنه لا يثق فى «ترامب» كمفاوض، وأنه لا يثق فى تأكيده بأنه لا يريد إسقاط النظام الإيرانى، وكأنه يستفزه لتقديم ضمانات لطمأنة إيران.

4- رده على الطلب الإماراتى بضرورة المشاركة فى أى مفاوضات دولية جديدة مع إيران بإعلان مبادرة دعوة دول المنطقة لعمل حوار إقليمى مع إيران ولكن دون حضور أمريكى. وكأن «طهران» تريد أن تفك أى ارتباط بين أى مفاوضات يكون فيها الأمريكى ودول الخليج مجتمعين فى آن واحد لأنه يعرف أن مثل هذا الاجتماع سينتهى بضغط إقليمى - دولى على إيران.

5- يدرك جيداً تصريح «ترامب» بأن «واشنطن» سوف تتحرك عسكرياً إذا تم ضرب مصالح أو أهداف أمريكية لذلك تم ضرب ناقلتين لا ترفعان علماً أمريكياً لكنهما قامتا بتحميل حمولتيهما؛ الأولى من مدينة الجبيل السعودية والثانية من «الرويس»، متجهتين إلى تايلاند وسنغافورة.

6- الاستمرار فى الضغط على الحلفاء فى المنطقة، وآخرها قيام الحوثيين بضرب مطار «أبها» أمس الأول، ثم محاولة ضرب «أبها» و«خميس مشيط» أمس بخمس طائرات مسيرة تم اعتراضها.

إيران تريد رفع العقوبات وتبتز المنطقة والعالم من خلال تهديد عمليات تصدير النفط والتجارة العالمية فى بحر الخليج وممراته الدولية ودائماً تستدرك حول رغبتها فى عدم التفاوض أن المبدأ هو عدم التفاوض «الآن» وليس للأبد.

اللعبة الإيرانية شريرة بامتياز، وماهرة بكفاءة.

الكرة الآن أمام «ترامب» إما أن يبتلع التهديد، أو يقوم بضربة محدودة، أو يثأر للهيبة الأمريكية ويلعب دور شرطى العالم، ويقوم بضربة تأديبية تخدمه فى معركته الرئاسية التى ستبدأ بقوة فى فبراير المقبل.

منسوب التوتر عالٍ وساخن ولكن لم يصل إلى حالة الانفجار بعد.