متحف «محمد ناجى»: هنا تسكن الأعمال الفنية لـ«رائد فن التصوير»

كتب: نهال سليمان

متحف «محمد ناجى»: هنا تسكن الأعمال الفنية لـ«رائد فن التصوير»

متحف «محمد ناجى»: هنا تسكن الأعمال الفنية لـ«رائد فن التصوير»

الموقع الإلكترونى لقطاع الفنون التشكيلية كان الانطلاقة الأولى لـ«الوطن»، للوصول إلى مرسم «محمد ناجى»، أحد رواد الفن الحديث، والذى تحول بعد وفاته إلى متحف، لكن المعلومات المتاحة على الموقع لم تكن كافية لمعرفة العنوان بدقة، واختُصر فى (حدائق الأهرام - كفر غطاطى)، وبعد سؤال المارة لمدة تزيد على ساعة ونصف، تنوعت الإجابات بأنه فى اتجاه «المتحف المصرى الكبير»، ومعظم من كانوا فى سن العشرينات والثلاثينات، قالوا: «دى أشكال تروح متاحف؟!».

فى النهاية، بلغنا لافتة «متحف محمد ناجى»، أمام مبنى مشيّد على طراز قصر عابدين، لكن اللافتة وُضعت خالية من أى إشارة إلى المكان، فاستعنا بخرائط البحث فى تطبيقات الهواتف الذكية، التى أشارت إلى نفس عنوان اللافتة الخادعة، فكان الحل هو اللجوء لكبار السن، فأشار «عم محمد»، رجل خمسينى، صاحب كُشك، إلى وجود المتحف بنهاية شارع المدرسة الفندقية، وأيّده «أنور رجب»، الذى يدير مكتباً بالمنطقة منذ أكثر من 15 سنة، فقال لـ«الوطن»: «المتحف بعيد ومفيش كتير يعرفوه».

المتحف عبارة عن فيلا، أنشأها «ناجى» عام 1952 على قطعة أرض كان يملكها، ثم أصبح ملكية خاصة لوزارة الثقافة عام 1962، ومر بمراحل ترميم عدة، كانت آخرها إضافة قاعة كبيرة إليه عام 1991، وتحيطه حديقة قُلّمَت شجيراتها بعناية، ويستقبلك العاملون بحفاوة كبيرة وكأنك ضيف مُنتظر، وبعد الاستعلام عن هوية الزائرين، لتحديد قيمة التذكرة المدعومة للطلبة، وتصل قيمتها لغير الطلبة من المصريين إلى 5 جنيهات، بدأنا التجول فى المرسم الذى يحوى أكثر من 1200 قطعة، وعدداً لا بأس به من مقتنياته الشخصية، وأعمالاً فنية مستوحاة من الإسكندرية، حيث وُلد وعاش، وأخرى نفّذها أثناء رحلاته إلى إثيوبيا، وبعض البلدان الأوروبية.

عاش بـ"المرسم" حتى رحيله عام 56 ثم أصبح ملكاً لوزارة الثقافة عام 62.. ويضم 1200 قطعة فنية من بعض رحلاته فى إثيوبيا وأوروبا

يصطحبك أحد المرشدين فى جولة إرشادية بالمتحف، يشرح فيها كل المعلومات المتعلقة بالأعمال الفنية، ومؤسس فن التصوير المصرى، وما ترمز إليه الألوان الهادئة التى تعبّر عن لقطات من رحلة «ناجى» إلى إيطاليا، ثم أعمال فنية نفّذها أثناء وجوده فى دولة إثيوبيا لمدة عام، تتضمّن مناظر طبيعية وصوراً لرجال الدولة والدين هناك، وتمتاز بالألوان المبهجة، وكان لها نصيب كبير بين معروضاته، ثم يأخذك فى جولة عبر التاريخ المصرى الفرعونى والحديث، مثل لوحتى «الندابات» و«الموكب»، وفى وسط القاعة ستلحظ لوحة بيضاوية بعنوان «من يجنون البلح»، وعلقتها وزارة الثقافة بمكان لائق لجمالها الشديد، فيما تنتشر فى أركان الحجرات مقتنيات أخرى، مثل كرسيه، ومكتبه، وفرشاة الرسم، وأدوات أخرى كانت تلازم «ناجى» فى آخر 4 أعوام عاشها فى الفيلا، قبل رحيله عن الدنيا عام 1956.

تقول «ماهيناز ماهر»، مدير المتحف: «المتحف لا يشهد إقبالاً من الجمهور، بخلاف قِلة من المتخصصين فى الفن التشكيلى، لوجوده فى منطقة بعيدة، وأحياناً يأتى أحد المارة بالصدفة عندما يتملكه الفضول، ونعمل على التواصل مع المدارس ومديريات التربية والتعليم لتنظيم ورش فنية مجانية للطلبة فى نهاية الفصل الدراسى، وإقامة معرض لتكريم الطلبة المتميزين بالمدارس المشاركة، وأحياناً يمر شهر كامل دون أن نقطع تذكرة واحدة، وكلمة متحف فى منظمة (اليونيسكو) تعنى مكاناً لعرض وحفظ وصيانة التراث، إضافة إلى التربية والتثقيف، وهذا دورنا».

وأضافت: «هناك لوحتان تم وضعهما فى الطريق بشكل خاطئ للإشارة إلى مكان المتحف، لكنّ ثمة لوحتين أخريين على طريق مصر إسكندرية الصحراوى، وطريق الهرم فيصل، وتمت إزالتهما، على أمل وضعهما بعد انتهاء الأعمال الإنشائية فى الطرق».

قبل 10 سنوات، كانت تشغل «ماهيناز» منصب أمين المتحف، فتذهب بنفسها لجيران المتحف لتعرض عليهم القيام بجولة تثقيفية فنية، وكانت تتفاجأ من ردود فعل السكان، مثل: «إيه ده.. هو فيه هنا متحف؟»، وتستطرد: «الآن، الأمر اختلف، فأصبحنا نستقبل رحلات المدارس، ودور رعاية الأيتام والمسنين، كما استحدث المتحف قسماً للتسويق من خلال شركات السياحة التثقيفية».

يعمل بالمتحف نحو 15 موظفاً فى تخصّصات مختلفة، يودعونك بابتسامة يملأها الرضا، مما يُحفزك على تكرار الزيارة لمتحف رائد فن الرسم والتصوير فى القرن العشرين، ويُذكرونك بزيارة الصفحة الرسمية للمتحف على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، ومُدون فيها عنوانه «9 ش أنور السادات - حدائق الأهرام القديمة - أول طريق مصر إسكندرية»، وهو أكثر دقة، لكنه يتعارَض مع العنوان المكتوب على إحدى المطبوعات التى يتم توزيعها على زائرى المتحف وهى «9 ش محمود الجندى - حدائق الأهرام».


مواضيع متعلقة