مسجد إبراهيم الدسوقي في كفر الشيخ.. 25 سنة من الترميم

كتب: سمر عبد الرحمن

مسجد إبراهيم الدسوقي في كفر الشيخ.. 25 سنة من الترميم

مسجد إبراهيم الدسوقي في كفر الشيخ.. 25 سنة من الترميم

خمسة وعشرون عامًا، ولا تزال أعمال الترميم لم تكتمل، بمسجد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، أحد أبرز المساجد التاريخية في مصر، الذي يقع بمدينة دسوق في محافظة كفر الشيخ، ويُعد قٍبلة للملايين من مُحبي آل بيت الله، حيث شهد خلافات كثيرة على ترميمه مابين وزارتي الآثار والأوقاف انتهاءً بالمحافظة، بسبب تحمل نفقات الإنشاءات.

وفي عام 2011 بدأت خطوات المرحلة الأولى من الترميم عقب توقفه لسنوات طويلة، وحينها أعلن محافظ الأقليم، إعادة صب سقف المسجد بالكامل من الداخل والخارج وإعادة صب القباب والترميم للمأذن وإجراء أعمال الإضاءة والإذاعة الداخلية بالإضافة لتجديد وتحديث صالة كبار الزوار الملحقة بالمسجد وإصلاح وترميم دورات المياه بالكامل، بنحو 6 ملايين جنيه، على أن تقوم وزارة الأوقاف بدفع جزء منها والجزء الآخر من صندوق الخدمات بالمحافظة، إلا أن الترميم لم يتم.

وفي سبتمبر عام 2013 وقعت المحافظة من جديد بروتوكول تعاون مع الجهاز المركزي للتعمير، لترميم وتطوير مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي، وجرى الاتفاق على قيام المحافظة بتفويض المكتب الاستشاري التابع لوزارة الأوقاف كاستشاري للمحافظة في هذا المشروع، على أن يتم البدء في أعمال الطرح والترسيه والبدء فورا في ترميم المسجد، وتم البدء الفعلي في نهاية العام واستغرقت الأعمال الأولية للترميم قرابة الستة أشهر بتكلفة 5.5 مليون جنيه، ثم توقفت الأعمال مرة أخرى وعادت بداية 2015.

مخاوف الأهالي

محمد عبد الحي، مهندس من مدينة دسوق، قال إنه "عام 2015، أعلن المحافظ باستئناف أعمال تدعيم وترميم أعمدة وقواعد مسجد الدسوقي، مؤكدًا على ترميم وتدعيم 137 عمودا، تنفيذ شركة المقاولون العرب، وحينها كانت وصلت نسبة التنفيذ لـ25% واستمر العمل على مدى عامين مابين التوقف والاستمرار إلى أن تم افتتاح المرحلة الأولى من التطوير في نهاية أكتوبر 2017 والتي شملت 82 عمودًا فقط بنسبة وصلت لـ35%وتم افتتاحها بحضور وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية، ومن وقتها كان من المفترض البدء في المرحلة الثانية، لاستكمال باقي الإنشاءات لكنها توقفت بسبب الخلاف بين المحافظة والأوقاف على تدبير مستحقات شركة المقاولون العرب".

وفي سبتمبر عام 2018 أعلن الدكتور إسماعيل عبدالحميد طه، محافظ الإقليم، عن تم تدبير جميع المبالغ المستحقة لشركة المقاولون العرب من وزارة الأوقاف، لإنهاء أعمال المرحلة الثانية، تمهيدًا لافتتاحها، بما في ذلك مصلى النساء، مكلفًا بإنهاء معوقات أمام الشركة لاستئناف الأعمال مرة أخرى والانتهاء من المرحلة الثانية، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن.

إبراهيم محمد علي، مدرس ويقيم بالقرب من مسجد الدسوقي، أوضح أن حالة المسجد أصبحت سيئة بسبب عدم استكمال الإنشاءات، وهناك تبادل للإتهامات بين وزارة الأوقاف أو الآثار والمحافظة والشركة المنفذة لمشروع الترميم والتطوير، فالأعمال توقفت نهائيًا وسحبت الشركة عمالها من الموقع، ولم يعلم الأهالي الأسباب الواضحة لتوقف الأعمال، وهناك حالة من الهرج وعدم الجدية فى إستكمال الترميم، واصفًا المسؤولين بالـ"المتخاذلين"، قائلاً"هناك قصور كبير من كل المسؤولين، فلا يصح أن يكون ثاني أكبر مساجد الجمهورية فريسة للاتهامات بين المسؤولين، ولا يجب أن يسبب هلع بين الأهالي، فحتى سطح المسجد الذي تم صبه في المرحلة الأولى تم إنشاؤه بطريقة غير صحيحة، ولو سقط ستحدث كارثة".

الأوقاف ترفض التعليق.. والمحافظ: أنهينا المعوقات

وقال علي عبد الله، مهندس من أبناء المدينة،"إن الأعمال التي تمت في المسجد بها جزء فني خاطئ، وتم تنبيه الشركة المنفذة له وهو صب سقف فوق القديم، ولكن لم يحدث تغيير، وأن تأخر الترميمات جاء بسبب عدم إستطاعة الجهزة المختلفة تدبير المبالغ المالية للتطوير، ورفض وزارة الأوقاف تحمل كل المبالغ المطلوبة، والمحافظة أيضًا، وأن الشركة ليس لديها ذنب بسبب عدم حصولها على مستحقاتها المالية، وأنه بدلاً من انتهاء الترميم وزيادة أعداد السائحين للمدينة وتنشيط السياحة الدينية، أصبح الأهالي يؤدون الصلوات بصعوبة"، مطالبًا رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بالتدخل لحل الأزمة وفض الاتهامات بين الأجهزة المختلفة، والبدء في استئناف الأعمال مرة أخرى، وأن تتولى الهيئة الهندسية عملية التطوير لتحديد موعد زمني للانتهاء المطابق للمواصفات- على حد وصفه -.

وفي عام 2014، أكد وزير الأوقاف على رصد ميزانية مفتوحة لترميم المسجد ليخرج بشكل يليق بمكانته الدينية والأثرية، وفي 2017 خلال افتتاح المرحلة الأولى أكد على نفس المعنى معلنًا البدء الفوري في المرحلة الثانية دون توقف، إلا أن ذلك لم يحدث، وبالتواصل مع مسؤولين بارزين في وزارة الأوقاف للتعليق على هذا الموضوع، اكتفوا بعبارة "الموضوع عند الوزير".

قبلة الصوفيين في العالم

وفي تصريحات له، أكد الشيخ محمد أبوزيد، وكيل مشيخة الطرق الصوفية ونقيب الأشراف عن حالة من الاستياء الشديد لدى الطرق الصوفية بالمدينة، ومحبي القطب الدسوقي، من تعنت مسؤولي الأوقاف بسبب توقف أعمال الترميمات بالمسجد، محذرًا من حالة القلق التي تنتاب أبناء المحافظة غلق مسجد الدسوقي، مثل غلق مسجد الإمام الشافعي بقرار من وزير الأوقاف، وهو أكبر قبلة للزائرين من دول العالم الإسلامي، مطالبًا بإنهاء عمليات الترميم حتى يزيد الإقبال عليه.

الدكتور إسماعيل عبد الحميد طه، محافظ كفر الشيخ، أعلن في نهاية أبريل الماضي، إسناد الأعمال المطلوبة لترميم وتدعيم أعمدة وأساسيات المسجد الإبراهيمي بدسوق لشركة المقاولون العرب، وقال إن الشركة تقدمت بالمقترحات الآتية:

"مقايسة تقديرية بتنفيذ تشطيبات المرحلة الثانية، وتحديد البنود المراد العمل بها حيث أنها غير مدرجة بأمر الإسناد "بنود مستحدثة"، مقايسة تقديرية للأعمال المطلوبة لمعالجة رشح مياه من سقف مصلى السيدات بالمسجد، مقايسة تقديرية للأعمال الخاصة بواجهات المسجد".

وكلف بسرعة الانتهاء من أعمال ترميم وتدعيم أعمدة المسجد الإبراهيمي بدسوق وفقًا للخطة الزمنية المحددة، لافتاً إلى مكانة المسجد الدينية والسياحية.

وفى تصريح لـ"الوطن"، أكد محافظ الإقليم، على البدء في استئناف الترميمات بداية العام المالي الجديد لتدبير الاعتمادات المالية من الميزانية الجديدة، وأنه تم إنهاء المعوقات خلال الفترة الماضية مع الوزراء المعنيين، وأن الأوقاف تعاقدت بشكل مباشرة مرة أخرى مع الشركة المنفذة لاستكمال الترميمات.

من جانبه نفى مسؤول بارز في شركة المقاولون العرب، سحب معدات الشركة من المكان، مؤكدًا على أن الشركة حصلت على كل مستحقاتها المالية وسيتم استئناف الأعمال

عقب توفير الوزارة للاعتمادات المالية وأنها ستلتزم بالجدول الذي ستضعه فور البدء.

 


مواضيع متعلقة