«المقاتلون الأجانب» خطة تركيا لتدمير المنطقة العربية

كتب: محمد حسن عامر

«المقاتلون الأجانب» خطة تركيا لتدمير المنطقة العربية

«المقاتلون الأجانب» خطة تركيا لتدمير المنطقة العربية

طوال السنوات الماضية، منذ اندلاع الأحداث السورية، لعبت «تركيا» دوراً قوياً فى تدمير البلد العربى الشقيق، عبر عدة استراتيجيات، أبشعها على الإطلاق، هى فتح حدودها وتقديم الأموال والسلاح لـ«المقاتلين الأجانب»، الذين جمعتهم الجماعات الإرهابية والدول الراعية لها من كل حدب وصوب للمشاركة فى الحرب على نظام الرئيس بشار الأسد، بحسب كثير من الوثائق الدولية، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن هذه الميليشيات قتلت أبناء الشعب السورى، وخربت ودمرت بلاده، وارتكبت جرائم عديدة ضد الإنسانية على أرض الشام.

ويبدو أن الكرة تعاد مرة أخرى، لكن هذه المرة مع ليبيا، فبعد أن مُنيت الميليشيات الإرهابية بهزائم متكررة على الأراضى الليبية، اتجهت «تركيا» إلى استنساخ تجربة «المقاتلين الأجانب»، وبدأت فى نقل الآلاف منهم إلى العاصمة الليبية، طرابلس، للقتال ضد «الجيش الوطنى»، الذى يقوده المشير خليفة حفتر، وهذا أيضاً وثقته صور ومقاطع فيديو ووثائق دولية.

ولأن الأمن القومى العربى لا يمكن النظر إليه بـ«القطعة»، ولأن ليبيا تمثل لمصر عمقاً استراتيجياً، واستقرارها يشكل جزءاً مهماً من الأمن القومى المصرى، يحق لنا أن نثير بعض الأسئلة المهمة، ماذا لو انتشرت هذه العناصر الإرهابية على الحدود بيننا وبين الدولة الشقيقة؟ وهل تشكل هذه العناصر خطراً على مصر وحدها، أم يمتد خطرها إلى جميع دول الجوار، وفى مقدمتها تونس والجزائر؟ وكيف نتعامل مع كثير من المخاوف التى يثيرها المراقبون الدوليون، حول إمكانية تحول ليبيا إلى نقطة انطلاق جديدة لـ«دولة الإرهاب».. أمام كل ذلك يتحتم علينا أن نفهم أن المعركة الدائرة على أرض ليبيا الآن، لا تهم أهلها فقط، إنما هى معركتنا جميعاً، مصر وتونس والجزائر، لأن الخطر يطال الكل دون استثناء.

 

خبراء: "أنقرة" تتخلص من الميليشيات الإرهابية فى سوريا بنقلها إلى ليبيا

يوم 4 أبريل الماضى، أطلق الجيش الوطنى الليبى عملية عسكرية للقضاء على الميليشيات والجماعات الإرهابية المتحالفة مع حكومة فايز السراج، والمدعومة من تركيا وقطر، وتحرير العاصمة «طرابلس» من تحت سيطرتها. ومع اندلاع المواجهات بدأت شخصيات إرهابية معروفة ومطلوبة محلياً ودولياً تظهر على الأرض الليبية وهى تقاتل إلى جانب الميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق». وخلال الأيام الماضية، تم رصد سفينة تركية تتجه إلى السواحل الليبية، وأعلن «الجيش الوطنى» أنها كانت تحمل «مقاتلين أجانب»، ما دعا الأمم المتحدة إلى التحذير من خطورة تدفق «العناصر الأجنبية» على ليبيا للمشاركة فى القتال الدائر هناك.

وأكد المبعوث الأممى إلى ليبيا، غسان سلامة، فى الجلسات العلنية والمغلقة، وعبر المنابر الإعلامية، أن هناك مخاوف حقيقية من أن تصبح الأراضى الليبية مجدداً ساحةً لتوافد العناصر والجماعات المتطرفة، وفى الوقت نفسه، أعلن «ذراع الإخوان» فى ليبيا، صالح بادى، المطلوب دولياً بتهمة ارتكاب جرائم حرب والاشتراك مع عصابات تهريب البشر فى زعزعة الاستقرار والارتباط بعناصر من تنظيم «داعش» الإرهابى، انضمامه إلى الميليشيات، التى تواجه «الجيش الليبى».. ليتضح يوماً بعد يوم أن «تركيا» وحليفتها فى دعم الإرهاب «قطر» تسعيان إلى إعادة صياغة المشهد السورى على الأراضى الليبية مرة أخرى.

 

"مقصود": أصبحوا خطراً على "أردوغان" بعد هزيمتهم فى الشام.. و"راغب": الهدف استنزاف الجيش الليبى والانتقام لسقوط إخوان مصر وتونس

وفى اتصال هاتفى مع «الوطن»، قال الخبير العسكرى السورى، العميد على مقصود، إن «تركيا وفرت كل السبل أمام العناصر الإرهابية الأجنبية والمحلية لتدمير سوريا، بهدف إسقاط الجيش الوطنى بما يخدم مخطط إضعاف المنطقة ككل»، مؤكداً أن «مشروع أردوغان كان يهدف إلى توسيع مساحة تركيا بضم بعض المناطق السورية إليها، وهى الآن تحتل بعض بلدات الشمال السورى، وساعدها فى ذلك العناصر الإرهابية، لكنها ستخرج منها لا محالة».

وأضاف أن «تركيا وجدت نفسها فى مأزق، لأنها هى التى أحضرت هذه العناصر الإرهابية وأمدتهم بالمال والسلاح للقتال فى سوريا، وعليها إخراجها، لكنها لا تستطيع نقل هؤلاء الإرهابيين إلى أرضها، وبالتالى فالحل الوحيد أمامها هو نقلهم إلى بؤرة جديدة، وهى ليبيا، وهذا بديل مناسب لها، لاستكمال مشروع الإخوان لتدمير المنطقة».

وتوقع الخبير العسكرى السورى أنه سيأتى وقت وتنقلب هذه الجماعات الإرهابية على تركيا، و«ستأكل نار المقاتلين الأجانب الأتراك»، مؤكداً أن هذه الجماعات تحولت إلى معضلة كبيرة أمام «أردوغان» بعد هزيمتها الكبيرة فى سوريا.

من جهته، قال مدير المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، الخبير الأمنى العميد سمير راغب إن «طموحات أردوغان واضحة تماماً، فهو يحلم باستعادة نفوذ السلطنة العثمانية، لذلك تغول فى الشمال السورى والشمال العراقى، وبعد خسارة معارك حلب، وإدلب قادمة فى الطريق، تبقى ليبيا هى المعركة الكبرى أمام المشروع التركى القطرى».

وأضاف أن «نقل هؤلاء المقاتلين الأجانب إلى ليبيا يكشف عداء جماعة الإخوان الشديد لمصر وتونس، نتيجة إسقاط مشروعهم وهزيمتهم فى مصر، وتحجيم وإضعاف قوتهم فى تونس»، مؤكداً «هؤلاء الإرهابيون مثل الثعابين وصولهم إلى ليبيا يعنى نشر الرعب والقتل والدمار».

وتابع أن «المخطط يستهدف تدفق الموارد على المنطقة الغربية لدعم الميليشيات والمجموعات الإرهابية، ما يؤدى إلى انشغال الجيش الليبى بالمعركة أكثر، وبالتالى تقل سيطرته على الحدود، بما فى ذلك الحدود مع مصر»، مضيفاً: هؤلاء المقاتلون يعملون على استنزاف ليبيا والجوار، وأبوبكر البغدادى، زعيم تنظيم داعش الإرهابى، نفسه، قال إن الوقت الحالى حرب استنزاف، وليست حرب سيطرة على نقاط جغرافية، وبمجرد ظهور «البغدادى» ظهرت عناصر التنظيم تنفذ هجمات فى تمنهنت جنوباً وفى سبها وفى زلة، فى الخطوط الخلفية للجيش الليبى، وفى الوقت نفسه يتزامن ذلك مع عملية نقل المقاتلين الأجانب، وتدفق الأسلحة التركية المختلفة، التى تستخدم فى حروب العصابات.

وأكد «راغب» أنه إذا نجح الجيش الليبى فى السيطرة على «طرابلس»، فإن ذلك يعنى استقرار ليبيا ومن ثم استقرار مصر. وقال إن «الرئيس عبدالفتاح السيسى تحدث كثيراً منذ عام 2014 عن ظاهرة المقاتلين الأجانب، لأن هؤلاء مطرودون ودولهم لا تريدهم، والمجتمع الدولى لا يعرف كيف يتعامل معهم، والنظام التركى لن يقبل بوجودهم على أرضه، وبالتالى يعمل على الاستفادة منهم بدفعهم إلى معارك تخدم سياساته، وإذا قُتلوا فإنه يكون فى الوقت ذاته تخلص منهم».

وشدد الخبير الأمنى على أنه إذا كانت نقطة دخول المقاتلين الأجانب كانت عبر تركيا، فإنه ينبغى أن تكون تركيا كذلك هى نقطة خروجهم، وبالتالى «أنقرة» تحاول الاستفادة منهم، فى ظل وجود حواضن لهم فى «مصراتة» و«تاجوراء» بليبيا.


مواضيع متعلقة