أمراض القلب والدورة الدموية

حمدى السيد

حمدى السيد

كاتب صحفي

تمت مناقشة هذا الموضوع فى مجلس الشعب وقدمنا عدة اقتراحات للوقاية وتقليل نسبة الإصابة بهذا المرض، ومع الأسف الاستجابة قليلة.

مع الأسف، القلب والدورة الدموية تشكل السبب الأول للوفاة والعجز فى مصر.

منذ عودتى من الخارج كان معظم الحالات التى أفحصها إما حالات أمراض خَلقية بالقلب لدى الصغار وفى بعض الأحيان لدى الكبار أو حالات روماتيزم القلب نتج عنها إصابات شديدة أو متوسطة لصمامات القلب ويحتاج بعضها لعمليات جراحية إما لتوسيع الصمام الضيق أو قلب مفتوح لاستبدال الصمام. كان هناك حالات قليلة من الإصابة بشرايين القلب وهى الشرايين التى تغذى عضلة القلب وتنقل إليها 25% من حجم قدرة القلب على ضخ الدم والتى تبلغ ربع لتر فى أثناء الراحة وتصل إلى 6 لترات مع المجهود الشديد (وذلك فى الدقيقة الواحدة) وتمثل للقلب أنابيب البنزين التى تنقل الطاقة إلى محرك السيارة وتزيد عند زيادة سرعة السيارة والقلب هو العضو الوحيد الذى لا يستريح ويحتاج للطاقة عن طريق الأكسجين والجلوكوز طوال الوقت.

فى ذلك الوقت لم يكن هناك علاج أو أبحاث لمرضى ضيق الشرايين المغذية للقلب سوى بعض الأدوية المحدودة الفاعلية وكان هذا المرض يصيب المرضى فوق سن خمسين عاماً وكانوا فى العادة من الطبقة المستريحة وأصحاب الوزن الزائد والذين يقضون معظم الوقت فى المكاتب وكان هناك مقولة أن المرض يصيب العُمد وليس الخفراء، يصيب سائق الأوتوبيس وليس محصل التذاكر.

مع التقدم الملموس فى الخدمة الصحية وتطبيق التأمين الصحى على طلاب المدارس بدأت الحمى الروماتيزمية فى الانحسار بفضل وعى المواطنين وإحساس أطباء الأطفال وأطباء الأسرة بالمسئولية والوقاية من هذا المرض وأصبحت لا أكاد أشخص الحمى الروماتيزمية فى شكلها التقليدى الذى كانت تحتاج للعلاج 60 ملى جرام كورتيزون فى اليوم والراحة لفترة طويلة والوقاية الدائمة بحقن البنسلين طوال الوقت.

بدأت الزيادة المطردة فى أمراض القلب وضيق الشرايين فى القلب وفى المخ وفى الأطراف وبدأ المرض يصيب صغار السن وبدأنا نشاهد المرض فى الشباب فى العشرينات والثلاثينات والأربعينات وهذا كان يشكل ظاهرة خطيرة ولو حدثت حالة فى صغار السن فى أى بلد متقدم لدقت نواقيس الخطر والسلطات الصحية انزعجت جداً وبدأت فى البحث والتقييم والتطبيق بشدة لوسائل الوقاية.

العالم كله بدأ بالاهتمام بالوقاية من هذا الوافد الذى أصبح يشكل السبب الأول للوفاة فى البلاد المتقدمة وبدأ ينتشر وبشراسة فى بلاد العالم الثالث التى لم تبذل أى جهد مؤثر فى تطبيق وسائل الوقاية واهتمت الجمعيات العلمية وعلى رأسها جمعية القلب الأوروبية والأمريكية بالاهتمام بنشر وسائل الوقاية وتحفيز حكومات الدول فى تطبيق معايير مهمة فى هذا السبيل وبدأت فعلاً تجنى ثمار انخفاض نسبة الإصابة والعجز والوفاة من هذا المرض.

الأسباب الرئيسية للمرض

فى الرجال يتقدم التدخين جميع الأسباب، يليه مرض السكر وضغط الدم المرتفع، ثم أخيراً زيادة الوزن، خصوصاً أصحاب الكروش وعدم ممارسة الرياضة وسوء التغذية، وهذا يمثل السبب الأول للمرض للسيدات (السكر والضغط وزيادة الوزن وزيادة نسبة الدهون فى الدم).

فى مصر التدخين يصيب 40% من الرجال ونحو 10% من السيدات وهو فى ازدياد ولا توجد إجراءات وقائية ذات فاعلية بالرغم من وجود قوانين ضد التدخين واتفاقية إطارية لمكافحة التبغ، كنا من المشاركين والموقعين على هذه الاتفاقية، وكان هناك محاولات لوزارة الصحة والهيئات الدينية (وزارة الأوقاف والأزهر الشريف) وكذلك لجمعيات المجتمع المدنى ولكن هذه الجهود أجهضت بعد ثورة 25 يناير. حاولنا ونحاول تطبيق القانون الذى يمنع الإعلان عن التبغ ومنتجاته ويحد من استخدام التبغ فى النوادى ومراكز الشباب والمؤسسات التعليمية ووسائل المواصلات والمنشآت الصحية والمصالح الحكومية ويوقع غرامات على المخالف وقد تصل العقوبة لرئيس المصلحة التى تقع فيها المخالفات إلى عشرين ألف جنيه ومنظر المكاتب الحكومية التى بها سيدات ورجال وبعض السيدات حوامل وجو الحجرة معبأ بدخان السجائر ومدير المصلحة غافل ويحتاج للعقاب ولا أحد يفتش أو يطبق القانون مثل ذلك فى جميع وسائل المواصلات وأيضاً داخل المنازل وإصابة الأطفال بالنزلات الشعبية والزوجات بمرضى القلب ولقد كتبت حول التدخين مقالة أرجو الرجوع إليها ونستكمل باقى الموضوع فى الأسبوع المقبل عن مسببات الخطر والوقاية منها.

وفق الله الجميع