إنجاز زراعة 700 كبد بالمنصورة!

خلال هذا الشهر الكريم تنشط إعلانات التبرعات وبعض المؤسسات لديها موازنة ضخمة للدعاية وتستخدم كل الأساليب (مشروعة وغيرها) لاستنزاف تعاطف المواطنين وأموالهم.

أرقام خيالية نسمعها بمئات الملايين وأحياناً تتجاوز المليار جنيه تجمعها مؤسسات تعالج بضع عشرات من المرضى ولكن سوف تظل قناعتى بأن المستشفيات الحكومية الأولى بالتبرعات لأنها تتحمل العبء الأكبر فى علاج المواطنين رغم محدودية مواردها، وفى السطور التالية تسليط للضوء على مستشفى الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة الذى يتردد عليه مرضى بمئات الآلاف سنوياً من محافظات الجمهورية ويعالج جميع أمراض الجهاز الهضمى والكبد (علاج - جراحة - مناظير) بالإضافة إلى برنامج زراعة الكبد الذى يعتبر من أنجح البرامج الطبية الموجودة فى مصر حالياً بل ومن أهم الإنجازات التى تتحقق وتتطور وما زالت تحافظ على استمراريتها بعيداً عن الفوضى التى أصابت الكثير من مؤسساتنا.

غرفة عمليات واحدة فى الطابق الثانى بمركز الجهاز الهضمى بالمنصورة استطاعت إجراء 700 حالة زراعة كبد بفريق مصرى خالص وهو إنجاز لو تعلمون عظيم، ولم يأت من فراغ، ولكن بعد مجهود كبير شاق وعمل متقن يقف وراءه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، 700 حالة زراعة كبد بين الأحياء، رقم صعب تحقيقه عالمياً فالزراعة فى الخارج من الأموات إلى الأحياء وهى أكثر سهولة.

مركز الجهاز الهضمى والكبد بالمنصورة يجرى حوالى 40% من عمليات زراعة الكبد فى مصر رغم أنه أحدث من مؤسسات كثيرة، ولكنه تفوق عليها بفضل الانضباط والإخلاص ونسبة النجاح، وهو الأول محلياً والثالث عالمياً فى عدد عمليات الزرع مع الالتزام الصارم بالأخلاقيات والضوابط التى تمنع تماماً تجارة الأعضاء البشرية.

80% من المرضى زرعوا مجاناً فبجانب مساهمة الدولة تبرعات أهل الخير تحمل عن المريض هموم تكاليفه وأدوية الزرع التى تستمر مدى الحياة.

فريق زراعة الكبد بالمنصورة يقف على قدميه 36 ساعة أسبوعياً فى غرفة العمليات ثم يقيم بجوار المريض والمتبرع حتى تستقر حالتهما، ونظراً لقائمة الانتظار الطويلة يضطر الفريق لزيادة أيام الزرع إلى ثلاثة بدل يومين.

تجربة المنصورة فى زراعة الكبد تدرس فى المحافل العلمية الدولية وتلقى الإشادة من علماء زراعة الأعضاء فى العالم،

ونظراً للسمعة الطيبة لفريق زراعة الكبد وتكاتفه تبرع أحد رجال الخير (الحاج عادل عرفة) بـ20 مليون جنيه لبناء مركز متخصص لزراعة الكبد سوف يكون الفريد من نوعه بمنطقة الشرق الأوسط، ويسهم فى إنهاء قوائم الانتظار وإنقاذ حياة المرضى، حيث يتوفى بعضهم بسبب طول الانتظار، أيضاً د. سلطان القاسمى حاكم الشارقة العاشق لمصر ساهم بـ5 ملايين جنيه فى بناء المركز الذى ما زال يحتاج الدعم لتجهيزه وتشغيله.

علماء زراعة الكبد بالمنصورة يعملون فى صمت ودون صخب إعلامى، ويحملون الوطن على أكتافهم ويضربون المثل والقدوة فى الإخلاص والانضباط والنجاح، ويمنحوننا الأمل والتفاؤل ويؤكدون أن مصر تستطيع فى الطب وجميع المجالات طالما توافرت القدوة والإرادة.

وسام الاحترام للمشاركين فى الإنجاز العظيم على مدى عشرين عاماً من علماء الزرع ورؤساء جامعة المنصورة وعمداء كلية الطب ومديرى الجهاز الهضمى وأهل الخير لأنهم يقدمون خدمات جليلة للوطن والمواطن.. وتحيا مصر.