«هواوى» والخروج من المأزق
- إبراهيم نافع
- التبادل التجارى
- التجارة الدولية
- الجيل الخامس
- الحكومة الصينية
- السوق الأمريكية
- الشركات الأمريكية
- الشركات الأوروبية
- الشركات الكبرى
- الشركة الصينية
- إبراهيم نافع
- التبادل التجارى
- التجارة الدولية
- الجيل الخامس
- الحكومة الصينية
- السوق الأمريكية
- الشركات الأمريكية
- الشركات الأوروبية
- الشركات الكبرى
- الشركة الصينية
أتيح لى أن أزور مقر شركة «هواوى» فى مقاطعة تشنجن الصينية مرتين فى 2000 و2002، ضمن وفد إعلامى مصرى من مؤسسة «الأهرام»، برئاسة أ. إبراهيم نافع، رحمه الله. كانت زيارة هذه الشركة، ولم يكن مر على إنشائها سوى ثلاث سنوات وحسب، بمثابة تعريف بالمميزات التى توفرها المقاطعات الاقتصادية الحرة التى أنشأتها الصين آنذاك للشركات الناشئة، التى تعتمد المعايير الدولية فى تبادل المعرفة التكنولوجية وفى التبادل التجارى الحر. وفى الشرح الذى قدمه أحد مسئولى الشركة للوفد، ركز على أن اهتمامهم الأكبر يكمن فى جودة المنتج والابتكار وتوظيف الكفاءات العلمية فى مجالات الفيزياء والهندسة والاتصالات أياً كانت جنسياتهم، مع توفير بيئة عمل تحفز على الإبداع والتفوق، مشيراً إلى أن أكثر من 85% من العاملين يحملون درجات الدكتوراه والماجستير، والنسبة الباقية هى للعمالة الإدارية والخدمات، وكلهم ذوو درجات جامعية. ومما ذكره ولفت انتباهنا أن الشركة تخطط لكى تكون الأولى فى مجال صناعة معدات الاتصالات للهواتف المحمولة على مستوى العالم فى غضون عقد أو عقد ونصف على الأكثر، وأنهم يسعون إلى توفير نقاط ارتكاز لهم فى كل بلدان العالم وليس فقط الصين رغم اتساع سوقها، وأن معدلات بيع منتجاتهم تتضاعف بشكل لم يكونوا يتوقعونه، إذ قفز خلال أربع سنوات من 200 مليون دولار إلى 4.6 مليار دولار.
استطاعت «هواوى» أن تشكل لنفسها مساراً خاصاً اعتمد على التعاون مع الشركات الكبرى فى الغرب إجمالاً، وفى الولايات المتحدة على وجه التحديد، فى مجالات الاتصالات ونظم التشغيل والرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، وفى الوقت نفسه تحقيق إنجاز خاص بها يضمن لها التفوق على المنافسين فى صناعة الشبكات والهواتف الذكية. وقامت فلسفتها على أن التعاون المتبادل، وما يحققه من منافع متبادلة سوف يوفر فرصاً أكبر لنمو الشركة عالمياً من الناحية التجارية والاقتصادية، كما سيوفر لها نظام حماية يحول دون الإضرار بها، استناداً إلى الالتزامات الواردة فى معاهدات حرية التجارة الدولية، وبالتالى يضعها فى مرتبة الشركات العولمية الكبرى. ووفقاً لبيانات وحدة التحقيقات الاستقصائية لوكالة «بلومبرج»، فإن الشركة حققت المرتبة الثانية بعد «سامسونج» الكورية عام 2018 فى مجال تصنيع الهواتف المحمولة والذكية، بنسبة 21٫3 فى المائة بعد سامسونج التى حققت 26 فى المائة، وتليها «شاومى» الصينية بنسبة 10 فى المائة، ثم كل من فيفو وأوبو بنسبة 8٫4 فى المائة، وهما شركتان صينيتان أيضاً.
فلسفة «هواوى» على النحو السابق تواجه مأزقاً كبيراً بعد الضغوط التى تمارسها إدارة الرئيس ترامب، حيث وُضعت الشركة وتوابعها الفرعية فى «قائمة الكيانات» لوزارة التجارة الأمريكية، المحظور عليها التعامل مع أى شركة أمريكية، ومحظور عليها التعامل فى السوق الأمريكية إلا بتصريح خاص ولمدة محددة. وتبع ذلك قيام شركات الرقائق الإلكترونية والمعالجات كـ«إنتل» و«كوالكم» وغيرهما بحظر توريد أى منتج لهما إلى الشركة الصينية، كما حظرت «جوجل» توريد أنظمتها التشيغلية لهواتف «هواوى» التى ستصنع مستقبلاً، وهو ما يعنى توجيه ضربة قاصمة لصناعة هواتف «هواوى» المحمولة، لا سيما الذكية. أما المستخدمون لهواتف «هواوى» عبر العالم، فقد أصبحوا أكبر المتضررين، ولا يعرفون كيف سيحصلون على التحديثات اللازمة لهواتفهم فى المستقبل. ورغم بيان «هواوى» بأن ما تم بيعه وشحنه وما زال موجوداً فى المخازن عبر العالم سوف يظل يحصل على الخدمات اللازمة من «جوجل»، كتحديث التطبيقات والبرنامج التشغيلى «أندرويد»، فإن الأمر لن يكون مضموناً أو كفؤاً، كما كان سابقاً.
والمؤكد أن فرع «هواوى» فى الولايات المتحدة سوف يكون أكبر المتضررين، والمؤكد أيضاً أن المستهلكين فى الولايات المتحدة، أفراداً ومؤسسات وشركات لمنتجات «هواوى»، سوف يبحثون عن بدائل، وسوف يتخلون عن تلك المنتجات تدريجياً، وهو ما يعنى أن السوق الأمريكية لن تعرف تلك العلامة التجارية فى مدى زمنى محدود جداً. وهناك أسواق أخرى حليفة للولايات المتحدة مرشحة لكى تطرد «هواوى» منها، والحديث يركز الآن على حظر استخدام معدات «هواوى» للجيل الخامس من شبكة الإنترنت، بدعوى أنها تشكل تهديداً للأمن القومى وتسمح للحكومة الصينية من خلال «هواوى» بالتجسّس على تلك الدول. ونظراً للضغوط الأمريكية القائمة والمتوقعة على الكثير من حلفائها ودول أخرى عبر العالم، فالمرجّح أن تواجه «هواوى» المزيد من الحظر وإغلاق الأسواق، مما سيؤثر على مكانتها الاقتصادية والتكنولوجية فى عالم الاتصالات.
ما سبق هو جزء من حملة إدارة «ترامب» على الصين، تجارياً وتكنولوجياً وأمنياً، وهدفها حدده الرئيس ترامب بوضوح فى آخر تغريدة له بأنه لن يسمح للصين أن تكون قوة اقتصادية عظمى، على الأقل فى عهده، وأنه سعيد بحربه التجارية مع الصين، لأنها توفر لبلاده المئات من المليارات، وتجعل موقف أمريكا أقوى فى مواجهة الموقف الصينى. بيد أن الأمور لن تكون بالضرورة على هذا النمط الحدى الذى يحقق فيه طرف مكاسب فائقة، بينما يخسر الطرف الآخر تماماً.
وعلى المدى القريب سوف تزداد الضغوط على الشركة الصينية، بيد أن خسائرها لن تتوقف عندها فحسب، فكل الشركات الأمريكية الموردة لمكونات أساسية فى هواتف «هواوى» سوف تخسر أيضاً، وتبلغ قيمتها 76 مليار دولار أمريكى، فضلاً عن أن معدات «هواوى» للجيل الخامس وهى الأكثر تقدماً والأرخص سعراً، سيصعب على كثير من الشركات الأوروبية والأمريكية أن تقدم بدائل مناسبة لها فى مدى زمنى قصير، مما يجعل أنظمة تلك البلدان التى حظرت «هواوى» أكثر تخلفاً من نظيراتها، ويشار هنا إلى أن «هواوى» بدأت بالفعل فى تصميم معدات الجيل السادس، بينما الشركات الأوروبية والأمريكية أقل تقدماً فى مجال شبكات الجيل الخامس.
وليس أمام «هواوى» سوى الاستمرار فى الابتكار الذى تميّزت به، وتوسيع دائرة صنع المكونات التى كانت تستوردها من الشركات الأمريكية بقيمة 76 مليار دولار، وسوف تبدأ حسب تلميحات رئيسها فى وضع نظام تشغيلى خاص بها، وربما يمكن تعميمه بعد ذلك على كل الهواتف المصنعة فى الصين، التى تمثل 46 فى المائة من إجمالى الهواتف الذكية فى العالم كله، بما يفقد نظام التشغيل الأمريكى مكانته المهيمنة عالمياً. والمؤكد أن الحكومة الصينية ستضع ثقلها الهائل وراء تلك المساعى للالتفاف على الضغوط الأمريكية، والحفاظ على واحدة من رموز القوة الناعمة الصينية الرائعة.
- إبراهيم نافع
- التبادل التجارى
- التجارة الدولية
- الجيل الخامس
- الحكومة الصينية
- السوق الأمريكية
- الشركات الأمريكية
- الشركات الأوروبية
- الشركات الكبرى
- الشركة الصينية
- إبراهيم نافع
- التبادل التجارى
- التجارة الدولية
- الجيل الخامس
- الحكومة الصينية
- السوق الأمريكية
- الشركات الأمريكية
- الشركات الأوروبية
- الشركات الكبرى
- الشركة الصينية