انقسام وخلاف.. صقور "ترامب" يكررون أخطاء العراق مع إيران

انقسام وخلاف.. صقور "ترامب" يكررون أخطاء العراق مع إيران
سلطت صحيفة "جارديان" البريطانية، اليوم، الضوء على التصعيد الأمريكي الإيراني في منطقة الخليج، وسط تهديدات بحرب يؤكد الطرفان أنهما "لا يسعيان إليها ولا يفضلان خوضها".
وقالت "جارديان"، إنه في الوقت الذي يتحدث فيه صقور الإدارة الأمريكية عن تهديد وشيك من "طهران" دون أدلة دامغة، فإن ذلك يعيد التذكير بما حدث في بداية الغزو الأمريكي للعراق، وفي المقابل فإن المتشددين الإيرانيين يعلو صوتهم في "طهران".
وأضافت الصحيفة: "سواء كانت نتائج الحرب ستكون للأفضل أو الأسوأ، تظل أمريكا القوة العسكرية الرائدة في العالم، وفي واشنطن الأسبوع الماضي، اندلع خلاف حول أفضل طريقة لاستخدام هذه القوة، في السابق، كانت الأهداف السابقة للإدارة الأمريكية، هي روسيا السوفيتية وتنظيم القاعدة في أفغانستان وصدام حسين في العراق، أما اليوم فإيران تتصدر قائمة مهام البيت الأبيض".
وتابعت الصحيفة البريطانية: "مرة أخرى تلوح الولايات المتحدة بالحرب، وهذه المرة هناك انقسام حولها، فبالنسبة لجانب صقور الإدراة الأمريكية، ومن بينهم مستشار الأمن القومي جون بولتون الذي دعم غزو العراق في 2003، والمدير السابق للاستخبارات الأمريكية وزير الخارجية الحالي مايك بومبيو، ونائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، يميلون إلى معاقبة إيران والتلويح بإعلان الحرب، أما الجانب الآخر، والذي يشمل قادة الحزب الديمقراطي في (الكونجرس) وعددا من المرشحين المحتملين للرئاسة، وبعض قادة الجيش وأجهزة الأمن، يعترضون على التصعيد مع إيران، وهؤلاء لا يوافقون على تحليل (بولتون) ورؤيته للملف الإيراني".
وأشارت الصحيفة البريطانية، في تقريرها، إلى أن محور الخلاف بين الفريقين كانت المعلومات السرية التي كشفت عنها الاستخبارات الأمريكية، والتي جمعتها الأقمار الصناعية الأمريكية خلال الأسابيع الأخيرة، وتم تقديمها إلى المسؤولين في الـ3 من مايو الجاري، حيث تظهر تلك الصور عناصر للحرس الثوري الإيراني، وهي تشحن صواريخ على قوارب في الخليج، وكان الغرض الذي افترضته الإدارة الأمريكية لهذه الصواريخ هو مهاجمة الشحن البحري أو التجاري الأمريكي أو حلفائه في مضيق هرمز، والذي يمر عبره الكثير من إمدادات النفط في العالم.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الصور والمعلومات المتعلقة بها كانت سرية، إلى أن تسربت بشكل غير مفهوم إلى وسائل الإعلام يوم الأربعاء الماضي.
وأضافت الصحيفة البريطانية: "في أعقاب الهجمات على الناقلات السعودية، رفعت الإدارة الأمريكية الرهان على التصعيد، كما تم تسريب تفاصيل اجتماع الأمن القومي بالبيت الأبيض، وكشفوا أن باتريك شاناهان القائم بأعمال وزير الدفاع، قدم خطة جديدة لإرسال 120 ألف جندي إلى الشرق الأوسط، بهدف ردع إيران، وثمة خيار آخر قيد المناقشة يتمثل في ضربات صاروخية بحرية وجوية متعددة على المنشآت العسكرية الإيرانية والأهداف ذات الصلة بالسلاح النووي الإيراني، ومنذ ذلك الحين، تحدث مسؤولو البيت الأبيض باستمرار عن تهديد وشيك من طهران، وقد أطلع (بومبيو) شخصياً حكومات الاتحاد الأوروبي على هذا الأمر، وجرى إجلاء السفارة الأمريكية في بغداد جزئيًا".
وتابعت الصحيفة: "لكن هناك مشكلة كبيرة وهي أنه طوال هذه العملية المتصاعدة من التصعيد العسكري والدبلوماسي، لم تقدم الولايات المتحدة أي دليل ثابت على وجود عمل إيراني عدائي، وبالنسبة لأي شخص يتذكر المعلومات المضللة والأكاذيب الصريحة التي سبقت الغزو الأمريكي للعراق، فإن أوجه التشابه هذه المرة مع إيران غريبة ومثيرة للقلق".
وكانت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، من بين أولئك الذين نبهوا على هذا الأمر الأسبوع الماضي، وحذروا من انجراف أعمى لحرب.
وتساءل تشاك شومر، الزعيم الديمقراطي في مجلس الشيوخ، قائلاً: "هل تعلمنا دروس العقد الماضي؟ فهناك نقص مفزع في الوضوح والشفافية هنا، وهناك نقص في الاستراتيجية وفي التشاور كذلك".
وحسب الصحيفة الأمريكية، فإن دور بولتون الحالي مشكوك فيه بشكل خاص، وخاصة بعد خطأ العراق الكارثي، حيث أُتهم على نطاق واسع بتدبير المعلومات السرية والتلاعب بها من أجل دعم قضية الحرب بشكل خاطئ، خاصة أن المزاعم الأمريكية غير الدقيقة بأن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل وكان على استعداد لاستخدامها، وهي مزاعم رددها رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير، كانت ضمن هذه الاستراتيجية.
وأضافت "جارديان": "ربما أثرت ذكريات الفشل في العراق على اللواء كريس جيكا، نائب قائد التحالف البريطاني ضد داعش، عندما سُئل عن المزاعم الأمريكية الأسبوع الماضي وقال لم يكن هناك تهديد متزايد من القوات المدعومة من إيران في العراق وسوريا، وبما أن جيكا يتخذ من بغداد مقراً له، فمن المتوقع أن يعرف ذلك جيدًا، حيث لم يمنع ذلك البنتاجون من إصدار دحض استثنائي، وقال إن تصريحات الجنرال تتعارض مع التهديدات الموثوق بها".
واستكملت الصحيفة: "في صدى آخر للعراق، خضعت الحكومة البريطانية للضغوط الأمريكية ونبذت جيكا في اليوم التالي، قائلة إنها تتفق تمامًا مع تقييم واشنطن لمستوى التهديد، وكانت الأزمة بدأت تتصاعد بشكل جدي في العام الماضي عندما تراجع ترامب عن الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا، واستمر ترامب في فرض العقوبات الاقتصادية والمالية الأشد والأوسع نطاقًا على الإطلاق، بما في ذلك فرض حظر على مبيعات النفط، كما تعهد بمعاقبة الدول الأخرى بما في ذلك الحلفاء مثل بريطانيا، إذا واصلوا التجارة مع طهران، وبرر ترامب تصرفه من خلال الادعاء بأن معاهدة 2015 كانت صفقة سيئة، وادعى أن إيران ربما لا تزال تصنع قنبلة نووية في نهاية المطاف".
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، "إن الأهم من ذلك كله، أن القوة الإقليمية الإيرانية المتنامية تعتبرها الولايات المتحدة تهديدًا مباشرًا لإسرائيل، حيث هددت شخصيات سياسية وعسكرية إيرانية بارزة، وخاصة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، مرارًا وتكرارًا بمسح إسرائيل من على الخريطة، وتقوم إيران ببناء قواعد عسكرية في سوريا، ضمن مدى صاروخي قريب".
وأكملت الصحيفة: "ما زال بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل وصديقه ترامب، مقتنعا بأن الملالي، رغم نفيهم، مصممون على امتلاك أسلحة نووية، وباختصار، أمريكا لا تفتقر لأسباب الخوف من إيران، لكن هل هذا يبرر استخدام القوة العسكرية؟ مثلما حدث في العراق في عام 2003، فجميع مكونات الحرب موجودة مرة أخرى في عام 2019، حيث الضغائن القديمة والأسلحة الجديدة والمخابرات المراوغة والأعداء الشخصيين والأيديولوجيات المعارضة والمنافسات الإقليمية والصراعات الدينية والتنافس على الموارد، ولا سيما النفط".