للمحبين طرق.. «سادات قريش والمقرقع وأمير الجيوش».. مساجد عريقة.. وتراب معطّر بـ«40 صحابى»

للمحبين طرق.. «سادات قريش والمقرقع وأمير الجيوش».. مساجد عريقة.. وتراب معطّر بـ«40 صحابى»
بمجرد إعلان دار الإفتاء عن موعد الصيام، بعد استطلاع هلال شهر رمضان، تعم أجواء الفرحة والسعادة مختلف قرى ومدن محافظة الشرقية، ويستعد الأهالى لاستقبال حدث عظيم ترقبوه بعد غياب 11 شهراً، فتتزين الشوارع والمنازل، ويخرج الأطفال يحملون الفوانيس، ويرددون الأغانى الشهيرة التى ارتبطت بشهر الصيام: «وحوى يا وحوى» و«مرحب شهر الصوم»، وعلى الرغم من زحف التكنولوجيا، ما زال «المسحراتى» يجوب شوارع القرى، يقرع على الطبلة، يرافقه الأطفال والكبار، لدعوة الناس إلى تناول السحور، وتنبيههم بقرب مطلع الفجر.
وترافق ليالى الشهر الكريم الكثير من الروحانيات والعبادات، ويقبل الأهالى على الصلاة فى المساجد وزيارة الأضرحة وإقامة الشعائر الدينية، كما تشهد المدن والقرى تحركات مكثفة من جانب بعض الأشخاص لتجهيز «شنطة رمضان»، وتوزيعها على الأهالى، كما تنتشر موائد الرحمن، وعادةً ما ينخرط كثير من الشباب، بعد أداء صلاة التراويح، فى أنشطة رياضية، وتزداد حلقات تحفيظ القرآن نهاراً، تضم أطفالاً وشباباً من مختلف الأعمار.
وفق بيان صدر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عام 2018، تضم الشرقية أكثر من 11 ألف مسجد، بينها عدد كبير من المساجد المعروفة بقيمتها التاريخية والأثرية، لعل أبرزها مسجد «سادات قريش»، وهو أول مسجد تم إنشاؤه فى أفريقيا، ومسجد «أمير الجيوش»، ومسجد «المقرقع»، إضافة إلى بعض المساجد الكبرى مثل مسجد «عبدالعزيز رضوان»، إضافة إلى «الجامع الكبير» بمدينة الزقازيق، الذى تم بناؤه فى عصر محمد على.
حلقات قرآن ومواكب لتوزيع "شنط رمضان".. "الكرم أصله شرقاوى"
«المسجد به روحانيات كبيرة، كأنها تجذب الأهالى للصلاة فيه، وتحديداً فى شهر رمضان، حيث يمتلئ المسجد بالمصلين على مدار الشهر، مثل صلاة الجمعة فى كل أسبوع»، بهذه الكلمات بدأ الشيخ «محمود عبدالرحمن نجم»، إمام مسجد «سادات قريش» حديثه لـ«الوطن»، مشيراً إلى أن مدينة «بلبيس» من أقدم المدن المصرية، وشهدت واحداً من أعظم الفتوحات الإسلامية، بقيادة عمرو بن العاص، واستشهد فيها نحو 250 من المسلمين، منهم 40 صحابياً، وانتصر فيها المسلمون على الرومان، الذين سقط منهم أكثر من 3 آلاف قتيل.
وأوضح «نجم» قصة بناء المسجد والأسماء التى أُطلقت عليه بقوله إن عمرو بن العاص قرر إقامة المسجد مكان قصر الحكم الرومانى، وأطلق عليه فى البداية اسم مسجد «الشهداء»، نسبة إلى شهداء معركة الفتح، وبعد استشهاد الإمام الحسين، وعندما قدمت السيدة زينب إلى مصر، ومرورها بمنطقة بلبيس، أقامت ومن معها فى المسجد لمدة 40 يوماً، ومن هنا تغير اسم المسجد، وأُطلق عليه اسم «سادات قريش»، مشيراً إلى أنه تم ترميم المسجد فى عام 1002 هجرية، فى عهد الأمير «مصطفى الكاشف»، أحد أمراء العصر العثمانى.
وفى شارع جانبى على بعد أمتار قليلة من مسجد «سادات قريش»، توجد لافتة مثبتة أعلى باب خشبى، تجذب انتباه المارة، مدون عليها، مسجد «المقرقع»، يتوارث الأهالى قصة بنائه، وكأنه يشكل ملحمة تاريخية، بطلها العبادة والحرب فى آن واحد.
«محمد يحيى»، إمام المسجد الكائن بشارع «القيسارية»، المتفرع من شارع «بورسعيد»، بمدينة بلبيس، قال إن تسمية المسجد جاءت نسبة إلى «قعقعة» السيوف فى الفتوحات الإسلامية، مشيراً إلى أن المسجد ينقسم إلى نصفين، الشطر الأيسر هو على حالته منذ إنشاء المسجد، ومشيد بالطوب «الدبش»، ويضم القبلة، ويحيط بها عمودان من الرخام، والمنبر الخشبى، ويعلوه سقف خشبى، أما الشطر الآخر فتم تطويره وتوسعته، ويضم عدداً من الأعمدة الرخامية، ويعلوه سقف خرسانى، وأوضح أن المسجد تم تطويره وتوسعته على مرحلتين، الأولى عام 1995، والثانية بعدها بعامين سنة 1997، وذلك بالجهود الذاتية على نفقة الأهالى، الذين سارعوا بالتبرعات للمساهمة فى أعمال التطوير والتجديد، للحفاظ على المسجد الأثرى وقيمته التاريخية، مشيراً إلى أن المسجد يتبع إشرافياً لهيئة الأوقاف، ولفت إلى أن مسجد «المقرقع» تم تشييده بعد نحو 5 سنوات من إنشاء مسجد «سادات قريش»، وكان يوجد أسفله «سرداب» يمتد إلى عدة أماكن بمحافظة الشرقية والمحافظات المجاورة، وكان الصحابة يستخدمونه فى تنقلات القوات والخيول أثناء فترة الحروب مع الرومان.
تبرعات المصلين أعادت ترميم مسجدعبدالعزيز الأثرى فى الزقازيق
ووسط شارع «سعد زغلول»، بمدينة بلبيس أيضاً، يقع مسجد «أمير الجيوش» الأثرى، نسبة إلى أحد قادة الجيوش فى الفتوحات الإسلامية، وتحمل العديد من المحلات التجارية نفس الاسم، تبركاً به، حيث أكد «خالد أحمد»، كبير أئمة المسجد، أنه يُعد ثانى مسجد يتم إنشاؤه بالمدينة، بعد مسجد «سادات قريش»، وتم تطويره عدة مرات آخرها عام 1973 بالجهود الذاتية من الأهالى، تحت إشراف وزارة الأوقاف، كما لفت إمام المسجد إلى أن مؤسسه كان له أثر بالغ فى فتح مدينة بلبيس، ومنها امتدت الفتوحات إلى بقية المدن المصرية وإلى شمال أفريقيا.
وفى مدينة الزقازيق، يوجد «الجامع الكبير»، الذى تم بناؤه فى عهد «محمد على»، لخدمة العمال فى مشروع «القناطر التسعة»، وهو أحد مشروعات الرى الكبرى بمحافظة الشرقية، وتم إنشاء عدد من المحال التجارية بجوار المسجد، لتوفير احتياجات العمال.
أما مسجد «عبدالعزيز رضوان»، وهو أحد المساجد الأثرية بمدينة الزقازيق، فقد تعرض للإهمال على مدار عدة سنوات، حتى أصبحت جدرانه متهالكة، وتعرض السقف لانهيار أجزاء منه، إلا أن الأهالى قاموا بجمع تبرعات بلغت نحو 500 ألف جنيه، وتم ترميم المسجد وتطويره، لتعود إليه الروح من جديد، وأصبح مقصداً للمئات من المصلين، خاصةً فى ليالى رمضان.