صوت من السماء.. «شعيشع».. عبقرى التلاوة ومكتشف المواهب الجديدة فى العصر الذهبى

كتب: سمر عبد الرحمن

صوت من السماء.. «شعيشع».. عبقرى التلاوة ومكتشف المواهب الجديدة فى العصر الذهبى

صوت من السماء.. «شعيشع».. عبقرى التلاوة ومكتشف المواهب الجديدة فى العصر الذهبى

واحد من قراء القرآن الكريم، الذين أثروا فى الوجدان المصرى بأصواتهم الملائكية، حتى إنه يُعد أحد أشهر قراء إذاعة القرآن الكريم، إنه الشيخ أبوالعينين شعيشع، أحد عباقرة المقرئين، ورائد من رواد التلاوة فى العصر الذهبى لقارئى القرآن الكريم فى مصر، قرأ فى الروضة الشريفة والحرم المكى‏ وفى أهم مساجد العالم‏ فى ضيافة الملوك والرؤساء‏، فكرموه جميعاً ومنحوه الأوسمة، لكنه لم ينس لحظة أنه خادم للمصحف الشريف، فهو من مواليد سنة 1922 بمركز بيلا بمحافظة كفر الشيخ، وذات مرة سمعه الشيخ يوسف شتا، شيخ الكتاب وقتها وهو يدندن مع الأطفال بالقرآن، فتنبأ له بمستقبل عظيم، وفى المدرسة كان يتلو بعض آيات من القرآن فى المناسبات، وكان محاطاً من الجميع بالتشجيع والتعاطف مع صوته، ولما بلغ الرابعة عشرة من عمره ذاع صيته فى بلده كفر الشيخ والبلاد المجاورة.

وفى عام 1939م دُعى الشيخ شعيشع لإحياء مأتم الشيخ الخضرى، من كبار علماء الدين، وكانت تربطه به صلة مصاهرة، فلما حضر وجد الشيخ عبدالله عفيفى وكان شاعراً، بالإضافة إلى كونه إمام الملك فى ذلك الوقت، طلب أن يقدمه للإذاعة، فذهب الشيخ أبوالعينين شعيشع لمقابلة سعيد لطفى باشا، مدير الإذاعة المصرية آنذاك، وكذلك مستر فيرجسون المدير الإنجليزى، وحدد له يوم الامتحان أمام لجنة مكونة من كبار العلماء منهم: الشيخ أحمد شوريت، وإبراهيم مصطفى عميد دار العلوم، والشيخ المغربى ومصطفى رضا مدير معهد الموسيقى، وفى ذلك الوقت كانت الإذاعة متعاقدة مع الشيخ محمد رفعت، والشيخ عبدالفتاح الشعشاعى، وتم التعاقد معه أيضاً، وكان يعد أصغر قارئ للقرآن، إذ كانت سنه سبع عشرة سنة.

الشيخ أبوالعينين شعيشع هو أول قارئ للقرآن الكريم يسافر إلى الدول العربية، وذلك فى عام 1940م بدعوة من إذاعة الشرق الأدنى ومقرها فلسطين، التى تعاقدت معه لمدة ثلاثة أشهر، وكان يقرأ قرآن صلاة الجمعة من المسجد الأقصى وتنقلها إذاعتا الشرق الأدنى والقدس على الهواء مباشرة.

استدعته الإذاعة المصرية فى عام 1952، ليقوم بتكملة أشرطة الشيخ محمد رفعت بعد وفاته، وكان الشيخ أبوالعينين فى ذلك الوقت يرتدى الكاكولا والطربوش، مخالفاً بذلك الزى التقليدى لمشايخ القراء، ولكنه اضطر إلى خلع الطربوش عندما زار تركيا، وفى بداية الستينات أصيب الشيخ بمرض خطير أثر على أحباله الصوتية فلم يستطع القراءة، ولكن الشيخ استطاع بالصبر والتوكل على الله أن يهزم المرض، وعاد إلى القراءة من جديد، وكان يسافر كل عام إلى الخارج ليقرأ فى ليالى رمضان المبارك فى كثير من بلدان العالم الإسلامى، كما كان للشيخ جولات واسعة فى ريف مصر لاكتشاف المواهب الجديدة، وتوفى عام 2011م بعد أن ترك إرثاً ضخماً من التسجيلات القرآنية الخالدة فى الماضى الجميل الذى عاشه المصريون وسعدوا به.


مواضيع متعلقة