إلغاء حل الدولتين يشعل الأزمات

الحالة الفلسطينية سوف تفرض نفسها على الأحداث إقليمياً وعالمياً خلال الأسابيع القليلة القادمة، وسط ضباب كثيف تطلقه واشنطن حول ما يسمى «مبادرة ترامب لحل الصراع فى الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، يركز خطاب كل القادة العرب على أن المأساة الفلسطينية هى جوهر الأزمات والصراع فى المنطقة ويجب علاجها اعتماداً على حل الدولتين ورد الحقوق المنتهكة نتيجة الحالة الاستعمارية التى تمارسها إسرائيل على الفلسطينيين والعرب طوال سبعين عاماً، ويتعاملون مع أمريكا بوصفها طرفاً دولياً محايداً وضامناً لإقرار السلام مع روسيا ودول الاتحاد الأوروبى، ونجد أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى خطابه وقراراته قد تخلص مبكراً من مفهوم الحياد واندفع فى طريق عقابى للفلسطينيين وحكومتهم وانحاز بقرارات أحادية لإسرائيل، معترفاً بالقدس عاصمة لها وبالجولان السورية تحت سيطرتها، دون التفات للقرارات الدولية والواقع المتأزم على الأرض ومسيرات العودة السلمية وآلاف القتلى والمصابين المدنيين من الفلسطينيين برصاص الصهاينة.. وبدأ مستشار الرئيس الأمريكى وصهره «كوشنر» تصريحات إعلامية مكثفة مؤخراً تبشر بمبادرة ترامبية تلغى مبدأ حل الدولتين وتقرر القدس عاصمة لإسرائيل وستعلن خلال يونيو المقبل.. والأغرب أن دول أوروبا لم تعلق على الصفقة!!

ونشرت الصحف الإسرائيلية تقارير عن «صفقة العصر» تتضمن وثيقتها ألفى صفحة وتمثل مشروعاً اقتصادياً مشتركاً يقام على أراضى ست دول عربية بقيادة إسرائيلية.. ويبدو أنها شراكة تقفز على الواقع السياسى والاحتلال المجرم دولياً وتلغى الحدود والسيادة للدول المشاركة فيها.. وقد رفضت الأردن والمغرب علناً أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل.

وفى اجتماع القمة العربية فى تونس مؤخراً رفض القادة العرب قرار ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان السورية إلا أنهم لم يعلنوا موقفاً من الصفقة الترامبية المزعومة، ونرى أن إسقاط حل الدولتين والقدس وحقوق الفلسطينيين وضحايا الحروب الإسرائيلية من مشروع صفقة البيت الأبيض سيفجر الكثير من الأزمات داخل الكيان الصهيونى وحوله، وربما ينسف آليات السلام المستمرة طوال الـ40 عاماً الماضية.. فهل استعدت العواصم والشعوب العربية لصفقة اقتصادية تنسف السلام الهش فى المنطقة؟؟

اللهم سلمنا من الطامعين فى بلادنا.. والله غالب.