رمضان في الكتب| مستشرق هولندي يصف "مسحراتي" مكة و4 صلوات "مذهبية"

كتب: ماريان سعيد

رمضان في الكتب| مستشرق هولندي يصف "مسحراتي" مكة و4 صلوات "مذهبية"

رمضان في الكتب| مستشرق هولندي يصف "مسحراتي" مكة و4 صلوات "مذهبية"

"المكيون (أهل مكة) يبدأون الحديث عن رمضان منتصف شعبان"، هذا ما يقوله الدكتور كرستيان سنوك هورخرونيه، "عبد الغفار"، المستشرق الهولندي الذي يوصف بعميد اللغة العربية بين المستشرقين بعد جولدزيهز، في كتابه "صفحات من تاريخ مكة".

والكتاب ترجمه، علي عودة الشيوخ، نتاج رحلة المؤلف لعام كامل لجدة ومكة (1884 – 1885م). يقول في مقدمته: "واجهت تأخيرا غير مرغوب فيه لإبعادي عن المدينة المقدسة". وأكمل هورخرونيه، خلال إقامته بمكة، كتابه عنها في جزأين، الأول لتاريخها، والثاني وصف فيه حياة أهلها الاجتماعية وصفا دقيقا.

ويبدأ هورخرونيه، بحديثه عن رمضان بطرفة يتداولها المكيون في 20 شعبان، وهي أن "الشيخ رمضان بدأ رحلته مع القافلة القادمة من المدينة المنورة، وسيكون في مكة بعد 10 أيام، وفي كل يوم يقطع الشيخ رمضان مسافة، ويصل إلى مكان يسمى للأطفال، وهكذا إلى أن يبدأ الشهر، ويبدأ شهر رمضان بضرب طلقة من المدفع".

ويصف شوارع مكة خلال الشهر الفضيل، بأنها تصبح "أكثر حياة"، تنشط الأسواق والباعة يتفننون في صناعة أطباق الحلوى، وبعد منتصف الليل يعتلي المؤذنون منارات الحرم السبع، ليذكروا المكيين بالاستغفار والتهجد، والاستعداد للسحور.

توقف المستشرق الهولندي عند "المسحرون" أو "المسحراتي"، مستعيدا مشهدهم: يقرعون طبول السحور أمام البيوت لإيقاظ السكان مع الهتاف "أيها النائمون اصحوا، اذكروا الله الذي سخر الرياح، إن جيش الليل قد انسحب، وجيوش الصباح تشعشع، أسرعوا بالشرب فقد حان موعد الصباح"، حتى يؤذن الفجر.

ويرصد أنه في عام 1885 كانت تصلى أربع صلوات متتالية في المسجد الحرام على المذاهب الأربعة، فيبدأ بالمذهب الشافعي الذي يتقدم إمامه لأداء الصلاة بالمبكرين في الحضور للمسجد من الأتقياء، وأصحاب الأعمال التجارية الحريصين على أداء الصلاة باكرا، للإسراع إلى متاجرهم، ثم إمام الحنابلة، وبعده إمام المالكية، وفي النهاية يأتي إمام الأحناف.

في نهار رمضان "تنطفيء أنشطة المكيين الذين يخلدون إلى الراحة"، وبعد العصر يبدأ الزمازمة بفرش السجاجيد والحصر في الأماكن المخصصة لزبائنهم، لبيع ماء زمزم، كما يبدأ المكيون في إعداد موائد الإفطار داخل المسجد الحرام.

الشخصية الثانية التي يتوقف عندها المستشرق الهولندي كثيرًا هي "الريس" (محدد أوقات الصلوات)، ويصعد إلى الطابق العلوي الذي يحيط ببئر زمزم، ويلوح بعلم إلى القلعة التي ينتظر فيها بعض الجنود لإطلاق المدفع إيذانا بالإفطار.

وبعد الإفطار يبدأ المكيون بالاستعداد لصلاة التراويح التي يفضلون إطالتها، ويسخرون من الأئمة الذين يقصرونها، بتسميتهم بـ"البابور"، ثم بعد التراويح ينشغل المكيون بالأنشطة الاجتماعية، والجلوس في المقاهي.

ولد كرستيان سنوك هورخرونيه، في شمال برابانت 8 فبراير 1857، تعلم في بردا ثم التحق بجامعة ليدن لدراسة اللاهوت عام 1874م، وبعد عام 1878م كرس نفسه لدراسة اللغات والآداب السامية، ونال الدكتوراه عام 1880 عن "الحج عند المسلمين وأهميته في الدين الإسلامي".

أسهم هورخرونية، في جعل الدراسات الإسلامية تستقل عن اللغة والتاريخ، وتقدم رواد الدراسات عن الفقه الإسلامي والأصول والحديث والتفسير في أوروبا، وتوفي 4 يوليو 1936 عن 81 عاما.


مواضيع متعلقة