الوزيرة «المشاط»

حازم منير

حازم منير

كاتب صحفي

يقولون إن الوظائف تمنح القيمة لأصحابها، بينما هناك آخرون يمنحون بشخصيتهم القيمة للمنصب الذى يتولونه، واعتقادى أن الوزيرة رانيا المشاط من النوع الأخير، الذى يضيف للمنصب قيمة، ولا يزيد المنصب من قيمة شخصيته.

الحقيقة أنى أسأت التقدير مبكراً، حين إعلان انضمام الوزيرة رانيا للتشكيلة الحكومية، تساءلت فى برنامج تليفزيونى مستغرباً عن اختيارها وزيراً للسياحة، وما إذا كانت ستتمكن من تلبية احتياجات المنصب وتحقق الهدف المرجو؟ وهى من خريجات صندوق النقد الدولى المشهود لهن بالكفاءة والجدارة.

استغرابى استند على تاريخ السيدة الوزيرة ومؤهلاتها، فهى تحمل شهادة الدكتوراه فى الاقتصاد من جامعة مريلاند، وكانت وكيل محافظ البنك المركزى للسياسة النقدية، وقبلها كانت اقتصادية فى صندوق النقد الدولى، وهى لعبت دوراً مهماً وشغلت مناصب عديدة كلها ذات صلة بتحديث السياسات النقدية.

القصد من وراء كل ذلك أن السيدة المشاط مؤهلة تماماً للعب دور اقتصادى فى أى تشكيلة حكومية، خصوصاً ونحن فى مرحلة الإصلاح النقدى والسياسات المالية، وقلت وقتها إن اختيارها للسياحة إهدار لقيمتها وقدراتها المهنية وخبراتها العملية التى تمثل دعماً وسنداً قوياً للدولة فى هذا التوقيت، وإن عطاءها فى السياحة لن يحقق ما نريده.

النتائج جاءت عكس التوقعات تماماً، فما حققته الوزيرة حتى الآن فى التسويق السياحى لمصر سجل تقدماً واضحاً للسجل المصرى، وهو فيما بدا مغايراً تماماً فى أدوات عملية التسويق ومفاهيمها ومضامينها، والجولات واللقاءات التى قامت بها والتقدير العالمى وتكريم المؤسسات الدولية المعنية لخطط النهوض بصناعة السياحة الوطنية، كلها علامات ودلائل على أن شيئاً مختلفاً يحدث فعلياً على الأرض.

ارتفاع معدلات ونسب السياحة إلى مصر يبشر بالخير، ويؤشر إلى قرب استعادتنا للمعدلات التى كُنا عليها قبل 2011، وهى المعدلات التى تراجعت وتدنت بسبب الانهيارات والتطورات التى تداعت عن أحداث يناير سواء فى مصر أو فى المنطقة العربية.

معنى ارتفاع معدلات السياحة أن هناك مشروعات وبرامج، وهناك من يخطط وينفذ، وأن هناك إدارات حديثة تستخدم العلم فى الإدارة لتحقيق أهداف مرجوة، وهى تعنى قبل كل ذلك أن هناك كفاءات لديها العلم والقدرة والإرادة على النجاح.

لن أقول إن الوزيرة المشاط من جيل الشباب الجديد القادر على النجاح، لأن نظرتنا يجب أن تتغير، فلا يوجد جيل شباب قادر أو غير قادر، إنما هناك كفاءات فى مصر، سواء من الشباب أو حتى من العجائز يملكون الكفاءة والقدرة، والوزيرة المشاط من هذه الفئة الكفء القادرة على النجاح والتميز، وهى ممن يضيفون للمنصب ولا يُضيف المنصب لهم.