رمضان زمان| أمير الفوانيس يشكو الظلام.. نصف قرن إبداع هزمه السُل

رمضان زمان| أمير الفوانيس يشكو الظلام.. نصف قرن إبداع هزمه السُل
"أمير الفوانيس يعيش اليوم في ظلام"، قصة رجل أشاع الفرح والسعادة في قلوب جيلين متعاقبين، قبل أن يحطمه الزمن ويهدمه مرض السل لينساه الجميع.
الحكاية نشرتها مجلة "الاثنين والدنيا" في مارس 1960، داعية الأطباء الذين "قد يكونوا سعدوا يومًا من فوانيسه لعلاجه"، وفق باحث التراث، أيمن عثمان.
ورث "عم حسنين سليمان" صناعة الفوانيس عن أبيه، ومارسها منذ كان صبيًا عمره 8 سنوات، ولما مات الأب مضى حسنين يجود في الصناعة التي أحبها ويتفنن في أشكال الفوانيس التي تميز بها رمضان مبارك، قضى معظم سنوات عمره في صناعة اعتبرتها الدولة جزءا من الفولكلور الوطني وجديرة بتصدر سوق الإنتاج التراثي.
خلف سبيل أم عباس بمنطقة الخليفة في القاهرة، كان دكان مبدع الفوانيس، طوال نصف قرن ولدت أنامله عشرات الألوف منها، ليتزاحم عليها أجيال من الصغار.
كان يسعده، كل مساء، أن يرى نورها يخترق الظلام بأضواء الشموع، من أناشيد الصبية: "وحوي يا وحوي.. إياحا، لولا عم حسنين لما جينا، يالله الغفار، ولا تعبنا رجلينا، يالله الغفار".
كرّس عم حسنين حياته لصناعة الفوانيس متعددة الأشكال والألوان، وأدخلت السعادة إلى نفوس جيل من الآباء وجيل آخر من الأبناء، حتى اشتد عليه المرض إثر الشيخوخة ليلازم الفراش معتمدًا على غذاء قليل يأتيه من الجيران، لكنه انقطع عنه بمرور الوقت، ليضطر رغم ظروفه المأساوية لمواجهة مرض السل ومحاولة صنع فانوس من أجل "لقمة العيش".
والسل كان من الأمراض المتفشية في مصر حتى اكتملت المنظومة الصحية المصرية لمقاومته في الستينيات، ليتراجع حتى قارب الانقراض.
وكان محرر "الاثنين والدنيا" ممن سعدوا بإبداع "عم حسنين"، وحين رأى حالته، نشر قصته، داعيا الأطباء لمعالجته وإنقاذه من محنته، خاتما حكايته بـ"أن واجب الوفاء يحتم علينا ألا ندع أمير الفوانيس يعيش في الظلام".