التدخل العسكري في فنزويلا بين حسابات روسيا وأمريكا.. سوريا في الواجهة

التدخل العسكري في فنزويلا بين حسابات روسيا وأمريكا.. سوريا في الواجهة
عادت الولايات المتحدة الأمريكية مجددا للتلويح بخيار التدخل العسكري في أزمة فنزويلا المشتعلة منذ أشهر، إثر إعلان زعيم المعارضة خوان جوايدو المدعوم أمريكيا نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد، في مواجهة الرئيس نيكولاس مادورو.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أنّ العمل العسكري "ممكن" و"مطروح على الطاولة" في البلد اللاتيني، في ظل تصاعد التوتر بين البلدين على خلفية الأحداث الأخيرة.
وقال بومبيو في تصريحات لشبكة "فوكس بيزنس"، إنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان واضحا للغاية وصادقا بشأن العمل العسكري إذا كان هذا هو المطلوب، وهذا ما ستفعله الولايات المتحدة، وهي التصريحات التي لطالما حذرت منها روسيا مرارا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويعيد التهديد الأمريكي إلى الأذهان سيناريو الأزمة السورية، ما يثير التساؤل بشأن الحسابات الأمريكية والروسية حيال تطور المشهد السياسي في فنزويلا.
من جهتها، قالت الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إنّ "روسيا تأخذ التهديدات الأمريكية بالتدخل في العسكري في فنزويلا على محمل الجد، إذ أنّ واشنطن تدخلت من قبل في دول أمريكا اللاتينية، أو حتى خارجها مثل العراق وسوريا، وبالتالي فروسيا ترى التدخل العسكري ممكنا، وفي الوقت ذاته فإنّ موسكو ترفض التهديدات الأمريكية، لأنها تتجاوز القانون الدولي والشريعة الدولية وميثاق الأمم المتحدة وكل المواثيق الدولية التي تمنع مثل هذه التهديدات التي تنتقص من سيادة الدول".
وأضافت الشيخ في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، أنّ "التركيز الروسي في المرحلة الحالية على دعم الشرعية الممثلة في الرئيس نيكولاس مادورو فهو الرئيس الشرعي المنتخب والذي جاء بانتخابات واضحة".
وعن أشكال هذا الدعم، أوضحت "الشيخ" أنّ "روسيا تركز على الدعم السياسي والدبلوماسي وشحذ التأييد الدولي لمادورو مثل الدعم من الصين وإيران، وهذه الجبهة التي تشمل حتى السلطة الفلسطينية وسوريا وعدد كبير من الدول، حتى داخل أمريكا اللاتينية هناك دول تؤيد مادورو، وفي الوقت ذاته فإنّ موسكو تعمل على تقوية الجبهة الداخلية وسط جماهير مادورو".
وقالت أستاذة العلاقات الدولية إنّ روسيا لا تتحرك بمفردها، وإنّما تخلق تحالفا دوليا داعم لمادورو، وهذا نمط أصبح متبعا في العلاقات الدولية في الوقت الحالي، حتى الولايات المتحدة تفعل الأمر ذاته، لكنها تخلق تحديات صعبة من خلال الاعتراف بجوايدو رئيسا مؤقتا لفنزويلا.
أما عن التحركات الروسية حال التدخل العسكري الأمريكي إنّ حدث، قالت "الشيخ": "لن تتدخل روسيا عسكريا، ولن تكون روسيا في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة في فنزويلا، لكن أعتقد سيكون هناك دعما كبيرا للجيش الفنزويلي وسيأخذ أبعادا مختلفة لوجستيا أو استخباراتي أو أسلحة أو معدات على الأقل في المرحلة الأولى، لا أعتقد وجود مواجهة عسكرية أمريكية".
وقالت الشيخ إنّ السيناريو السوري قد يتكرر في فنزويلا بتحريك بعض الميليشيات أو خلق فصائل مسلحة في الداخل الفنزويلي ضد الرئيس مادورو، وهنا قد تتحرك موسكو لاحقا على النموذج السوري ذاته، لكن أعتقد هناك يقظة ولن يسمح بوصول الأمر إلى ذلك، وهناك حرص فنزويلي على تأمين الحدود حتى لا يتكرر مسألة نقل السلاح والمقاتلين كما حدث في الحالة السورية".
واندلعت مواجهات في أرجاء فنزويلا أمس الأول، بعد أنّ دعا زعيم المعارضة خوان جوايدو، الذي تعترف به "واشنطن" وأكثر من 50 دولة رئيسا مؤقتا للبلاد، إلى الإطاحة بمادورو.
فيما أعلن مادورو أمس الأول "إفشال" انتفاضة عسكرية نفذتها ضد حكمه مجموعة صغيرة من العسكريين المؤيدين لـ"جوايدو"، متوعدا المتورطين في هذه "المحاولة الانقلابية" بملاحقات جزائية.