رئيس المصرفيين العرب يدعو لدعم الإصلاحات الاقتصادية

كتب: إسماعيل حماد

رئيس المصرفيين العرب يدعو لدعم الإصلاحات الاقتصادية

رئيس المصرفيين العرب يدعو لدعم الإصلاحات الاقتصادية

قال الدكتور جوزف طربية رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية، ورئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، إنه بالعودة عدّة سنوات إلى الوراء وبالتحديد إلى العام 2011، وبداية التحوّلات السياسيّة، وما خلّفته من تراجع في النموّ، وتأثر الأوضاع المالية العامة، وموازين المدفوعات في بعض الدول العربية، وتباطؤ الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إضافة إلى التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية منذ منتصف العام 2014، أصبح من الضروري إعادة النظر في معظم القواعد والسياسات السائدة في السابق، والمباشرة بورشة إصلاحات هيكلية تختلف حسب ظروف كل دولة، وترمي إلى نتيجة واحدة، وهي تنويع مصادر الإيرادات وتوسيع القاعدة الإنتاجية، لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وخلق فرص عمل في منطقة تعاني من أعلى نسب البطالة في العالم.

وأضاف في كلمته خلال حفل افتتاح أعمال المؤتمر المصرفي العربـي لعام 2019 تحت عنوان "الإصلاحات الاقتصادية والحوكمة" المنعقد في بيروت: "في الواقع أن بلداننا العربية تواجه أخطاراً كيانية في الاقتصاد، إذ هي تعاني من تشوهات مزمنة نتجت عن سنوات من غياب التخطيط الصحيح على مختلف الصعد الاقتصادية والمالية، وأدّى غياب هذا التخطيط إلى أن معظم الاقتصادات العربية أصبحت تفتقر إلى التنويع الاقتصادي، ويعتمد بعضها بشكل كبير على قطاع واحد سواء النفط أو الغاز أو الزراعة أو السياحة، وسيطرة قطاع واحد أدّى إلى تأثّر الاقتصادات العربية بالدورات الاقتصادية العالمية والصدمات الاقتصادية والمالية العالمية، وتراجع إيراداتها نتيجة لهذين العاملين".

وأضاف أن هذا الأمر استتبعه ضعف الإيرادات الحكومية بشكل عام، وبالتالي عجز في الموازنات، واضطرار بعض الدول العربية إلى الإستدانة، ما رتّب ديوناً كبيرة عليها، حيث أصبح من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تسديدها.

وتظهر مؤشرات المديونية إلى أن بعض دولنا العربية قد إحتلّ أولى المراتب في لائحة الدول الأكثر مديونية في العالم، حيث تشير دراسة لصندوق النقد العربي إلى أنّ 11 بلداً عربياً مثقلة بديون فاقت بنسبة 50% من إجمالي الناتج المحلي لديها عام 2017، في مقدمها لبنان الذي بلغ الدين العام فيه ما يوازي 150% من الناتج، كما بلغت نسبة خدمة الدين في بعض الدول العربية 40% من نفقات الميزانية.

إضافة إلى ذلك، فإنّ الإشكالية الاقتصادية تبقى سبباً في ما تشهده دولنا العربية اليوم من استمرار التأزم الاقتصادي والاجتماعي، الظاهر في الفقر والأميّة، وانكشاف الأمن الغذائي، وارتفاع نسب البطالة في صفوف الشباب، وزيادة في نسبة الاقتصاد غير الرسمي، وتراجع في الأداء الإداري للحكومات، والذي يتمثّل في كبر حجم القطاع العام، وتراجع التنافسية والإنتاجية، وضعف الترابط والتبادل الإقتصادي العربي، وخاصة في المجالين الاستثماري والتجاري، وعدم كفاءة إدارة الموارد البشرية والطبيعية والمالية، وتراجعاً في البيئة، وعجزاً مزمناً في المياه.

ولفت إلى أنّ هذا الواقع أدّى إلى تراجع العالم العربي في العديد من القطاعات، إضافة إلى الإرهاب الذي أدخل المنطقة في إضطراب كبير، فانصرفت الدول العربية إلى تكريس كل إمكاناتها لمكافحته، وغالباً إهمال تحقيق إصلاحات اقتصادية من شأنها خلق فرص عمل جديدة وتعزيز التنمية، في حين أنّ هذا الإهمال أدّى بدوره إلى تأجيل عمليات الإصلاح، وبالتالي تآكل نموّ الاقتصادات العربية وشلّ حركتها.

من جهة ثانية، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ إنهيار الطبقة الوسطى، يُعتبر من أهم التحديات التي تواجه مجتمعاتنا العربية، حيث بدأت هذه الطبقة تضعف لمصلحة الطبقة الدنيا، وأصبحت الفجوة بين طبقات المجتمع متباينة، فالطبقة الوسطى هي صمام الأمان الاقتصادي والأمني والاجتماعي، والسياسي، وهي التي تخلق التوازن المطلوب في المجتمعات سياسياً واقتصادياً، وهي جسر تواصل بين الأثرياء والفقراء، وهي التي تعمل على حماية القيم الاجتماعية والثقافية من الانهيار.

وقال إن تحوّل الشعب العربي، إلى شعب مثقل بهمومه السياسية والمعيشية، ومخاوفه الأمنية اليومية، وإن غياب الحياة السياسية الصحيحة، وانتشار ثقافة الخوف، هما من الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من وضع مأسوي، وغياب القدرة على حلّ الأزمات وتعقيدات الوضع العربي الراهن.

وتابع: "ما زاد من سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، هو الدمار الهائل الناجم عن الحروب والنزاعات والاضطرابات السياسية المستمرة منذ نحو عقد من الزمن، إضافة إلى تراجع نوعية الخدمات العامة تراجعاً كبيراً في مؤشرات الحوكمة الرشيدة في القطاع العام، وتفشي الفساد والرشوة، وتراجع في مجالات تطبيق القانون ونوعية التشريع والثقة بالقطاع العام".

وذكر: "لذلك، حرص اتحاد المصارف العربية، أن يعقد مؤتمره المصرفي العربي هذا العام تحت عنوان الإصلاحات الاقتصادية والحوكمة بحضور نخبة من الخبراء والاقتصاديين والمصرفيين في هذا الوقت بالذات، لما يشكّله من فرصة ثمينة للإطلاع على تجارب الدول العربية في مجالات الإصلاحات الاقتصادية وتقييم مقومات نجاحها، ونتائجها وانعكاساتها، وخصوصاً لجهة، إصلاح المالية العامة من خلال ترشيد الانفاق وتحسين الفعالية ومعالجة الدين العام، ووضع استراتيجية فعالة لخفض حجمه، وتحسين إدارته، كما لا بدّ من تحقيق التوازن المالي عبر رفع كفاءة الانفاق الرأسمالي والتشغيلي، وتنمية الإيرادات الحكومية، وتعزيز السياسات والتشريعات التي من شأنها تحسين مناخ الإستثمار، ودعم القطاع الخاص في تحريك العجلة الاقتصادية وتحقيق التنمية الإقتصادية".

وقال: "كما يهمنا العمل على تطوير وتأهيل البنى التحتية المتهالكة لتأمين حاجات ومتطلبات المجتمع إضافة إلى وقف التدهور البيئي وما يرافقه من تدمير للمواقع الطبيعية".

ودعا إلى تعزيز برامج التنمية البشرية من خلال تحفيز الدمج والتكافل الاجتماعي، ورفع قدرة الحصول على الخدمات والبرامج في مجالات الصحة والتعليم والحماية الإجتماعية لكافة شرائح المجتمع وهذا بدوره يستدعي الترويج لاستراتيجية تنموية اقتصادية واجتماعية، تؤمن فرص عمل في مختلف المناطق، وخاصةً خارج العواصم والمراكز التقليدية، وبناء خطط اقتصادية تساهم في رفع نسبة مشاركة المرأة العربية في سوق العمل لتخفيض نسبة البطالة في الدول العربية".

 


مواضيع متعلقة