الذين بكوا على نوتردام..!
- إعادة ترميم
- التراث الإنسانى
- الجامعة العربية
- جمع الأموال
- سوريا والعراق
- فى كل مكان
- مناطق أثرية
- وسط المدينة
- آثار
- أبراج
- إعادة ترميم
- التراث الإنسانى
- الجامعة العربية
- جمع الأموال
- سوريا والعراق
- فى كل مكان
- مناطق أثرية
- وسط المدينة
- آثار
- أبراج
لدىّ حالة من الارتباط العاطفى بالفن القوطى لا أعلم لها سبباً.. ربما هو الانبهار الذى صاحب زيارتى الأولى للقارة العجوز والسير فى شوارع فيينا الضيقة المغطاة بالحجر الصغير الملون.. أو ربما تلك الكاتدرائية القديمة التى تدعى «شتيفين».. والتى تتوسط المدينة بشموخ بينما تبدو عليها آثار حريق قديم يقولون إنه بفعل يد هتلر حين احتمى بها اليهود.. وإن قوى الصهيونية تضغط كى تظل آثاره باقية لابتزاز العالم بها حتى وقت قريب للغاية.. ومع ذلك تبدو عالية مبهرة.. بحيث يمكنك رؤيتها من أى مكان بالمدينة..!
أو ربما هو ولعى الفطرى بالتاريخ كله وسير الأولين.. لا أعرف السبب تحديداً.. ولكننى أعشق هذا الفن حقاً.. أغوص فى تفاصيل الأبراج المنحوتة بتماثيل القديسين الصغيرة.. أهيم عشقاً بذلك الطراز المجعد للأبراج المدببة.. ووسط كل هذا الفن.. تظل نوتردام عملاً فريداً يستحق أن نقف عنده طويلاً.. عملاً يحمل أجمل ما أنجبه الفن القوطى.. ويستحق أن يبكيه العالم كله حين يفقده بعد أكثر من ثمانية قرون من الصمود.. المشكلة أن ردود الفعل حول سقوط برج نوتردام متأثراً بذلك الحريق -مجهول السبب- تدل وبشدة على أننا نحيا فى عالم مرعب.. فمن سعادة البعض بانهيار البرج باعتباره رمزاً للوثنية والكفر والضلال.. لهتافات البعض الآخر ومحاولة إسقاط الحريق على أنه انتصار للإسلام على الزنادقة من الأوروبيين الكفار!! حتى البقية الباقية القليلة من أصحاب العقول.. وجدت منهم استنكاراً لذلك الحزن الشديد على اعتبار أن الأمر لا يخصنا من قريب أو من بعيد.. فلم نحزن على ما لا نمتلك؟!!
الطريف أن الذين بكوا على نوتردام لم يتأثروا بكل ما انهار فى سوريا والعراق من آثار على يد الدواعش.. لم تهتز مشاعرهم لكل ما تم تحطيمه وحرقه من مبان ومقتنيات فى متاحف حمص وحلب..!
فوفقاً لإحصائية أعدتها اليونيسكو توجد ست مناطق أثرية تم تدميرها فى سوريا منذ ٢٠١١ وحتى الآن.. هذا بالإضافة إلى ألف مسجد تاريخى.. يقع على رأسها المسجد الأموى بحلب، الذى تحول إلى أنقاض جراء الحرب هناك..!
إن تقدير التراث الإنسانى لا يتجزأ.. وكل قطعة فيه تحمل ثقلها من التاريخ الذى يكتب كل لحظة حولنا.. والذين شعروا بالسعادة لانهيار البرج هم أحفاد هؤلاء الذين قصفوا أنف أبوالهول فى محاولة لهدمه.. وهم أنفسهم من حطموا الآثار الفينيقية والآشورية فى حلب والموصل.. هم أعداء الإنسانية والتاريخ فى كل مكان وزمان..!
لقد وجدت نوتردام -مع حزنى الشديد على برجها الذى انهار- من يجمع لها الأموال لإعادة بنائها كما كانت.. ولكن أحداً لم ينتبه إلى أننا نمتلك الكثير الذى يحتاج لجمع الأموال وإعادة بنائه من جديد..!
نحتاج أن نحصر الخسائر فى مساجد وكنائس سوريا والعراق.. نحتاج أن نستوعب أن تاريخنا لا يقل أهمية.. وخسارتنا فيه لا تقل فداحة عما فقدته البشرية من ذلك الحادث..!
أعتقد أن حملة لجمع الأموال عبر الجامعة العربية أو حتى عبر اليونيسكو لإعادة ترميم ما فقدناه من آثار فى سوريا والعراق فى السنوات القليلة الماضية فى رأيى هو أمر ينبغى أن يوضع فى الحسبان.. فكل ما انهار هناك هو جزء من تاريخنا العربى.. بل جزء من التاريخ الإنسانى كله.. ويحتاج للدعم من أهله.. الذين بكوا على نوتردام..!