"بيانولا جدا".. حكايات ورقصات الشارع أحلام صانعي الابتسامة

كتب: نهال سليمان

"بيانولا جدا"..  حكايات ورقصات الشارع أحلام صانعي الابتسامة

"بيانولا جدا".. حكايات ورقصات الشارع أحلام صانعي الابتسامة

"أنا دوبت وجزمتي نعلها داب.. من كتر التدوير ع الأحباب.. أنا قلبي مزيكا بمفاتيح.. من لمسة يغنيلك تفاريح... بيانولا وألاباندا وحركات.. اطلعي بقى يا نصاص يا فرنكات"، صندوق خشبي يُصدر أنغام موسيقة، كان يدور شوارع مصر منذ أكثر من قرن، يحمله على الأقل اثنان، بمجرد أن يحددا المكان الذي ستنطلق في أنغامهم، يقوم أحدهما بتدوير عصا جانبية لتنطلق القطعة الموسيقية تشع البهجة في الأرجاء عبر جهاز "البيانولا"، يقوم الآخر بأداء رقصات استعراضية وأحيانا يصاحبها الغناء أو الحكي، ليبدأ المارة في الالتفاف حولهم والتفاعل معهم، وينتهي العرض بعد أن يقوم بعض المشاهدين بدفع أي مبلغ، اختفت البيانولا لكن مواهب المصريين لم تنتهِ، فكان أن شكل محمد حسن ذو الـ 29 عامًا، بعد أن تخرج من كلية الهندسة فرقة تقوم بعروض "حكي وغناء ورقص استعراضي" على نفس المنوال وأطلق عليها اسم "بيانولا جدا"، يستعيد بها ذكريات لم يعشها ولكن عاصرها أجداده وكانت سبب ابتسامتهم في كثير من الأحيان.

يحكي حسن لـ "الوطن" أن الأمر بدأ عندما علق الكثير من أصدقائه على قدرته في جذب انتباه الجميع إذا تحدث حتى أن بعض أصدقائه أصبحوا يقولون عنه "محمد سحرلك" كناية عن قدرته على الحكي بطريقة جذابة وبصوت مُقنِع، فكان أن التحق يالأبرا لدراسة التمثيل والدراما الحركية كي يقوي موهبته في العرض والحكي "بعد فترة لقيت محدش بيقدم الحكي بتاع البيانولا زمان ومفيش متفرغين ليه، فكونت الفرقة في آخر 2016 ووصل عدد الأعضاء إلى 9 أفراد منه 3 أداء حركي و6 عزف مزيكا وبتختلف من عرض للتاني، لكن معظم الآلات بتكون شرقية زي العود والطبلة والدُف".يعتمد فريق "بيانولا جدا" على سرد حكايات تراثية تخدم رسائل مجتمعية للتوعية أو للترفيه مثل ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة وحكايات من الواقع برسائل إيجابية مثل منع التحرش، ويبدأ العرض بأغنية "البيانولا" لـ "صلاح جاهين" ويدور الحكي على خلفية موسيقى تتر مسلسل مثل "بوابة الحلواني" أو "زيزينيا" أو "الشارع الجديد"، ويكون العرض في أماكن خاصة تهتم بالفنون لكن شحاتة يصفها بالقليلة جداًا، "في القاهرة فيه 5 أماكن بس ممكن نقدم عرضنا فيها.. وكان قدامنا نقدم في أماكن تانية بس ماقدرش أعمل عرض استعراضي زي اللي بقدمه في مطعم ولا كافيه لأن الناس مش هتكون متابعة ومشغوله.. والأماكن التابعة للدولة زي المسارح ماتنفعش لأننا بنحتاج نكون بين الناس زي المسرح الروماني".

في بيت السناري تحققت شروط يراها شحاتة أساسية حتى يمكنه تقديم عرض بيانولا كما كان معروفا، حيث كانت الدعوة عامة ومجانية لأهالي المنطقة وتمكن من رؤية إعجاب الناس بالفكرة وبنجاح فرقته في إدخال السرور على قلبهم "تفاجئنا بعدد الناس اللي حضرت.. كان كبير، إلا أن عدم وجود كثير من الأماكن بنفس الشكل يجعل تقديم العروض أمرا صعبا، كما أن ارتفاع الضرائب المفروضة على الأماكن التي تستضيفهم يرفع من ثمن التذكرة "الفرقة فيها ناس زيي هاويين وممكن نصرف من شغلنا عليها إنما فيه ناس دي أكل عيشهم ومع ارتفاع الضرائب علينا وعلى المكان بنحاول إن الفرقة تستمر مش أكتر".

بعد أن بحث شحاتة كثيرا عن صندوق البيانولا الخشبي ولم يجده استعاض عن ذلك بتمثيل الأمر كأن هناك جهاز يقوم شخص بتدوير "المانافيلا" لتنبعث الموسيقى، كما لا تعتمد الفرقة على اقتناء ملابس معينة لتجسيد شخصيات مختلفة، لكن القصة والأداء هما سيد الموقف، وتابع شحاتة "دلوقتي بعمل مجسم ثلاثي الأبعاد لشكل البيانولا من الجلد ونفكر الناس بالتراث ويعيشوا معانا موود الأساطير".

يأمل مؤسس بيانولا جدا" أن يصبح تقديم العرض الاستعراضي والحكي المصحوب بالرقصات والموسيقى أمرا مسموحًا به في الشارع دون الحاجة لتصاريح أمنية حتى تظل الرسالة كما كانت منذ أكثر من مائة عام "من القلب للقلب ونكون قريبين من الناس".


مواضيع متعلقة