أجراس الحب فى نوتردام
- التراث الإنسانى
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الشعب المصرى
- العالم الخارجى
- ريتشارد هاريس
- سائل التواصل الاجتماعى
- سلمى حايك
- فيكتور هوجو
- آثار
- أجر
- التراث الإنسانى
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الشعب المصرى
- العالم الخارجى
- ريتشارد هاريس
- سائل التواصل الاجتماعى
- سلمى حايك
- فيكتور هوجو
- آثار
- أجر
أنا متشرد! كنت سيداً نبيلاً من قبل، ولكننى الآن واحد منكم!
وإليكم بخطتنا لهذه الليلة: سنذهب لكاتدرائية «نوتردام» ننقذ الفتاة، ونشعل النيران فى المكان! لقد ضاعت ثروتى، لذا سأنضم إليكم أيها النساء والرجال العظماء، يتوجب علينا أن ننقذ «أزميرالدا».
جاء ذلك على لسان «جيون» إحدى شخصيات أروع الروايات العالمية الأدبية «أحدب نوتردام» التى كتب أحداثها الروائى والشاعر الفرنسى الأكثر روعة «فيكتور هوجو» (1805-1885)، الذى وصفه الشاعر الفرنسى «الفونيس دى مارتين» بأنه «شكسبير» الرواية، حيث حرص «هوجو» فى معظم رواياته على تسليط الضوء على الفقراء والضعفاء والمحرومين والمشردين، وارتقى بمشاعرنا الإنسانية بنقده للظلم وغياب العدل فى المجتمع، وقد دارت مساحات واسعة من عمله الأدبى المميز جداً «أحب نوتردام» فى محيط كاتدرائية «نوتردام» فى باريس فى أواخر القرون الوسطى.
هذه الكاتدرائية التاريخية التى تقع فى منطقة «جزيرة سان لويس» المطلة على نهر السين، والمدرجة على لائحة التراث الإنسانى لمنظمة اليونيسكو، والتى تعد أيضاً المعلم التاريخى الأشهر فى فرنسا، حيث شيدت على مدار ما يقرب من 200 عام فى القرن الثانى عشر، وقد كادت بكل أسف أن تأكلها النيران خلال الأيام الماضية، ففى يوم الاثنين الحزين وفى الساعة الثامنة تحديداً بتوقيت باريس، كان قد انهار سهم الكاتدرائية الذى كان يبلغ ارتفاعه 93 متراً، ثم تطاير الشرر حولها وأحرق هيكلها الخشبى الذى كان يحمل سقفها.
إنها حقاً مأساة عالمية ووطنية، أن يحترق هذا المبنى الذى توج فيه «نابليون بونابرت» فى عام 1805م فى هذا الصرح الذى يقع فى قلب فرنسا، والذى كان يرتاده ما يقرب من 15 مليون زائر سنوياً، والذى شهدت جدرانه أحداثاً تاريخية فارقة، وكانت أصوات أجراسها تدوى فى كل حادث وطنى وتاريخى فرنسى.
وقد غرد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى على أحد حسابته بوسائل التواصل الاجتماعى معلناً جوهر الموقف المصرى المتحضر والراقى الإنسانى دائماً قائلاً: «تلقيت بحزن بالغ نبأ حريق البرج التاريخى بكنيسة نوتردام.. فقدان ذلك الأثر الإنسانى العظيم خسارة فادحة لكل البشرية».. وقد أعلن تضامنه معقباً «وأعلن تضامنى وتضامن الشعب المصرى مع الأصدقاء فى دولة فرنسا، متمنياً تدارك آثار هذه اللحظة الإنسانية بالغة التأثير بأسرع ما يمكن».
ولعلى أتذكر أول مرة شاهدت فيها فيلم «أحدب نوتردام» فى نسخته التى أنتجت عام 1997م، الذى كان من بطولة «بيترميداك» و«سلمى حايك» و«ريتشارد هاريس»، وذلك بعد مرور ما يقرب من 5 سنوات على قراءتى للقصة، تلك القصة التى رسخت فى وجدانى معنى من أجمل معانى الإنسانية والمساواة، علمتنى الوجه الحقيقى لكلمة «الحب»، فقد قدم إلى بلدة «نوتردام» الطفل «كوازيمودو» الأحدب الظهر الذى يمتلك وجهاً غير جميل بالمرة، فأخذه القس بالكنيسة الدوم «كلود فرولو» وقام بتربيته وتدريبه على قرع الأجراس فى كنيسة «نوتردام»، وبتطور أحداث الرواية كبر الطفل الصغير وتم اختياره زعيماً للمهاجرين فى تلك البلدة، وفى الحفل وقعت عيناه فى عينى الفتاة الفرنسية الغجرية الفائقة الجمال «أزميرالدا» أثناء رقصها، فوقع فى غرامها، ولكن جاءت السفن بما لا تشتهى الأنفس، حيث أعجب بها أيضاً الدوم «فولو» الذى حاول لفت إعجابها فيما بعد، ولكنها رفضت، فحاول اغتصابها بالعنف.. وتأخذنا الرواية للكثير والكثير من التفاصيل الدرامية الممتعة التى لا مجال لسردها فى تلك المساحة، ولكنها تنتهى بوقوع «أزميرالدا» الفاتنة فى حب «أحدب» عاشق الجمال، الذى كان يمتلك وجهاً ومظهراً خارجياً قبيحاً على عكس تماماً ما كان يمتلكه من جمال داخلى تجسّد فى حبه الحقيقى لفتاته التى كان يحاول طوال أحداث الرواية أن يمنحها أهم شعور تحتاج إليه المرأة وهو الإحساس بقيمة «الأمان»، ظل يفعل حتى وإن كلفه ذلك حياته.. ولعل المفاجأة تأتى عندما أظهر لنا «هوجو» من خلال الأحداث أن حب «أحدب» لـ«أزميرالدا» لم يكن حب رجل لامرأة بقدر ما كان حباً لدفء الجمال الإنسانى المحروم منه والموجود فى أعماقه الداخلية، هذا الجمال الذى تجسد فى حبيبته، وكان أجمل ما خرج به من قصة حبه الرائعة هو أنه تعلم أن الجمال الحقيقى هو جمال الروح وليس الجسد المتفانى، مما جعله أصبح قادراً على الخروج من الكنيسة ومواجهة العالم الخارجى بعد أن كان متخفياً لأعوام وأعوام خلف أسوار الكاتدرائية فى عزلة تامة وخوفه من الشعور بالرفض أو الاحتقار فى العالم المجهول، ولكن الحب أضاء بداخله نور الجمال الإنسانى، فتغير وغير معه الأحداث، ليصبح مصير القوة فى يد المتحكم فيها، وتفوق «أحدب» على الجميع وأصبح هو الأفضل بفضل «الحب».