الاقتصاد المصرى ما بين التفاؤل والحذر

نشوى الحوفى

نشوى الحوفى

كاتب صحفي

على الرغم من النظرة الإيجابية التى أولتها مؤسسة فيتش للتصنيف الائتمانى مؤخراً للاقتصاد المصرى، وتصنيفه بـــ B+ بدلاً من B ومنحه نظرة إيجابية مستقبلية، فإن تقرير صندوق النقد الدولى عن الاقتصاد المصرى، الذى صدر يوم السبت 6 أبريل 2019، وحمل هو الآخر أكثر من مؤشر إيجابى تجاه الاقتصاد المصرى، يستحق التوقف والقراءة بتمعن للفهم وإدراك الصورة كاملة.

جاء التقرير فى إطار المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، والتى سيمنح الصندوق بموجبها مصر 2 مليار دولار فى إطار القرض البالغ قيمته 12 مليار دولار الذى حصلت عليه مصر منذ عام 2016. وعرض التقرير توقعاته للاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة، مشيراً إلى ارتفاع النمو بنسبة 5.9% خلال العام المالى المقبل 2019 - 2020، ثم وصوله إلى 6% بحلول عام 2023، إلى جانب تراجع معدلات البطالة لمستوى 6.4% بنهاية يونيو 2023، وكذلك استقرار معدلات التضخم عند مستوى 14.5% بنهاية يونيو المقبل وتراجعها إلى 10.7% بنهاية العام المالى 2019-2020، وبلوغه 6.9% فى العام المالى 2023، كما توقع التقرير أن يسجل حجم الناتج المحلى الإجمالى المصرى نحو 5.414 تريليون جنيه فى نهاية العام المالى الحالى، على أن يرتفع إلى نحو 6.458 تريليون جنيه فى العام المالى المقبل 19/2020.

كما أشار التقرير إلى توقعات بزيادة إيرادات قطاعى السياحة وقناة السويس، حيث قدر الدخل المصرى من السياحة بنحو 12.5 مليار دولار بنهاية العام المالى الحالى، على أن يواصل ارتفاعه فى العام المالى المقبل ليبلغ 14.2 مليار دولار، ثم إلى 18.1 مليار دولار فى العام المالى 2023. وبالنسبة لقناة السويس فمن المتوقع بلوغ إيراداتها 6.1 مليار دولار بنهاية العام المالى الحالى، على أن تواصل ارتفاعها لتصل إلى 7.3 مليار دولار فى عام 2023.

ما فات كان توقعات إيجابية عن الاقتصاد المصرى الذى يئن منذ عقود ضللنا فيها طريق الإصلاح الجاد والمستمر لتحسين نظام الاستثمار والأجور والدعم بشفافية. ولكن وجب الحذر من بعض المؤشرات الأخرى فى التقرير، ومنها على سبيل المثال خطوات مصر المقبلة لتطبيق آخر مراحل رفع الدعم عن الوقود ليباع بسعر التكلفة الفعلية له فيما عدا أسعار الغاز والوقود المستخدم فى المخابز وتوليد الكهرباء. وقد سبق لمصر إعلان تشكيل قواعد آلية تسعير الوقود فى العام الماضى، ثم قرار تطبيق آلية تسعير بنزين 95، الذى تم تثبيته لمدة ثلاثة أشهر. ولذا فإذا كنا على أعتاب تطبيق المرحلة الأخيرة فى رفع الدعم خلال الشهور المقبلة، فعلينا اتخاذ عدد من الخطوات المتعلقة بتوعية المصريين بنتائج تلك الخطوة وشرح أهميتها وآثارها وتطبيق الرقابة على الأسواق منعاً للتلاعب بالمصريين وافتتاح عدد من الأسواق المجمعة التى تباع فيها السلع بشكل مباشر من المنتج إلى المستهلك دون وسيط أو وسطاء يضاعفون من الأسعار.

ليس هذا وحسب، بل إن التقرير أشار أيضاً إلى حجم الدين المصرى الذى بلغ داخلياً نحو 3.600 تريليون جنيه، ويبلغ الخارجى منه بنهاية العام المالى الحالى نحو 104 مليارات دولار، فإذا أدركنا أن الديون ليست معيار الحكم على اقتصاديات الدول - الدين الأمريكى يبلغ نحو 21 تريليون دولار، مقابل 19 تريليون دولار ناتجاً قومياً- بل المعيار الأساسى هو الإنتاج ونسبة النمو والاحتياطى فإن علينا العمل على إصلاح ملف الاستثمار المباشر سواء المحلى أو الأجنبى، حيث أشار لتوقعه أن يبلغ الاستثمار الأجنبى 9.5 مليار دولار بنهاية العام الحالى، وهو أمر نحتاج لمضاعفته لزيادة الإنتاج ودعم الاقتصاد المصرى.

نعم، تفاءلنا بالأرقام المشجعة، وعلينا الحذر من ملفات الاستثمار والديون.