أولويات العمل الوطنى فى ظل دستور 2014 (3 -3)
حيث قرر رئيس الجمهورية تعديل خريطة المستقبل بتقديم الانتخابات الرئاسية وتحديد موعدها بما لا يجاوز تسعين يوماً من تاريخ العمل بالدستور الجديد، يصبح الطريق ممهداً للإسراع بخطوات حاسمة على طريق تفعيل الدستور الجديد والتحول الديمقراطى لتحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
وعلى طريق استكمال عرض أولويات العمل الوطنى يأتى فى المقدمة إلى جانب القضاء على الإرهاب الإخوانى الوفاءُ بمجموعة الواجبات الوطنية التى نص الدستور على التزام الدولة بها والبالغ عددها واحداً وسبعين التزاماً. وتشمل تلك الالتزامات تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سبل التكافل الاجتماعى، وتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، وحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً، والحفاظ على حقوق العمال، وتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن 10% من الناتج القومى الإجمالى للصحة والتعليم والتعليم الجامعى والبحث العلمى، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
وألزم الدستور الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى، ووضع خطة شاملة للقضاء على الأمية الهجائية والرقمية بين المواطنين فى جميع الأعمار ووضع آليات تنفيذ تلك الخطة بمشاركة مؤسسات المجتمع المدنى، وذلك وفق خطة زمنية محددة.
وفى المجال الاقتصادى، ألزم الدستور الدولة بحماية الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية وزيادة تنافسيتها، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، والعمل على زيادة الإنتاج، وتشجيع التصدير، وتنظيم الاستيراد.
كما تلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وتجريم الاعتداء عليها. كما تلتزم بتنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح.
وقد حدد الدستور التزام الدولة بحماية الثروة السمكية وحماية ودعم الصيادين، وتمكينهم من مزاولة أعمالهم دون إلحاق الضرر بالنظم البيئية. واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على أمن الفضاء المعلوماتى باعتباره جزءاً أساسياً من منظومة الاقتصاد والأمن القومى، وحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها فى كافة المجالات، وضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها.
كما ألزم الدستور الدولة بوضع خطة وطنية للإسكان تراعى الخصوصية البيئية، وتكفل إسهام المبادرات الذاتية والتعاونية فى تنفيذها، وتنظيم استخدام أراضى الدولة ومدها بالمرافق الأساسية، ووضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات.
وفى ضوء المهام العديدة التى حددها الدستور للدولة، فإنه من المحتم أن يشكل رئيس الجمهورية القادم حكومة كفاءات وطنية قادرة على تحمل المسئولية واتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات لترجمة مواد الدستور إلى واقع يعيشه المصريون بما يحقق لهم المنافع التى جاهدوا من أجلها سنوات طويلة حتى تمكنوا من إسقاط نظامى «مبارك» وإخوان «مرسى»!
وتتحدد مهام الحكومة الجديدة فى أمور استراتيجية تتعلق بالإجهاز على الإرهاب الإخوانى، وضبط الأمن الداخلى، وإشاعة الطمأنينة بين المواطنين فى كافة أنحاء الوطن وبخاصة سيناء، وحماية الأمن القومى. كما يجب أن تعمل الحكومة الجديدة على استئناف مسيرة التحول الديمقراطى، وتهيئة الوطن لإعادة بناء مؤسساته الدستورية.
وفى ذات الوقت، سيكون من واجبات الحكومة إقالة الاقتصاد الوطنى من عثرته، وتنشيط الطاقات الإنتاجية المعطلة، ورفع كفاءة الزراعة للوفاء باحتياجات الاستهلاك المحلى وتخفيض الاعتماد على الاستيراد.
ومع نجاحها فى القضاء على الإرهاب، ستعمل الحكومة على حفز السياحة الوطنية والعربية والأجنبية، وتشجيع تدفق الاستثمار الوطنى والعربى والأجنبى، وتصويب مسار العلاقات الاقتصادية لمصر مع دول العالم والمؤسسات المالية الدولية.
ونعتقد أنه من الأفضل أن يتم تنظيم هيكل الحكومة الجديدة على أساس «قطاعات» تتعامل مع الملفات الحيوية والاهتمامات الاستراتيجية، بحيث يتكون كل قطاع من الوزارات المتجانسة ذات الاختصاصات المكملة، على أن يرأس كل قطاع وزارى «نائب رئيس وزراء» ينسق بين وزراء القطاع، لضمان تكامل الخطط الاستراتيجية والتوجهات الرئيسة لمجموعة وزارات القطاع.
ويكون الواجب الأساسى لكل وزير التنسيق بين المصالح والهيئات العامة والهيئات القومية والمجالس العليا والأجهزة المركزية والكيانات المستقلة التابعة له، ويهتم بتعديل القوانين المنظمة لتلك الكيانات لتحقيق درجة أكبر من اللامركزية والاستقلال المالى والإدارى، بحيث يتفرغ للتخطيط الاستراتيجى وتدبير الموارد اللازمة والمتابعة وتقييم الأداء، وتطوير تقنيات ونظم الأداء.
وبالنسبة لوزارات الخدمات التى تمتد أنشطتها إلى المحافظات، يتم تطوير نظام الإدارة المحلية حسب ما جاء بالمادة 176 من الدستور التى تنص على:
«تكفل الدولة دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية، وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات الإدارية من توفير المرافق المحلية، والنهوض بها، وحسن إدارتها، ويحدد البرنامج الزمنى لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات الإدارة المحلية، لمنح مديريات الخدمات بالمحافظات مزيداً من اللامركزية».
إن المستقبل المصرى واعد بإذن الله، بدون إرهاب «الإخوان» ولا «نفاق» المتسلقين!