القمص سرجيوس.. خطيب ثورة 1919 الذي ترهبن في الوطنية

القمص سرجيوس.. خطيب ثورة 1919 الذي ترهبن في الوطنية
- خطيب الثورة
- تورة 1919
- مئوية ثورة 1919
- القمص سرجيوس
- الجامع الأزهر
- الأزهر الشريف
- الاحتلال البريطاني
- خطيب الثورة
- تورة 1919
- مئوية ثورة 1919
- القمص سرجيوس
- الجامع الأزهر
- الأزهر الشريف
- الاحتلال البريطاني
"أنا مصري أولاً ومصري ثانياً ومصري ثالثاً لا فرق بين مسلم ومسيحي"، كلمات جسد بها القمص سرجيوس من أعلى منبر الجامع الأزهر إبان ثورة 1919، تاريخ طويل من احتضان الهلال للصليب.
"خطيب الثورة" كان اللقب الذى حصل عليه "سرجيوس" المولود فى سوهاج عام 1882، التي كانت خطاباته ثائرة، مضمونها الوحدة الوطنية ومقاومة الاستعمار، كان مؤمناً بما يقول أشد الإيمان، لقد ترهبن في الوطنية، وتقمص دور المسيح في مقاومة الرومان، واستدعى مخزون المسيحية من عصر الشهداء.
لم يكن يدري الاستعمار البريطاني أن "سرجيوس"، سيولد وقتما وطأت قدماه أرض مصر، ليصبح لزامًا عليه الدفاع عن وطنه وحث المصريين أقباطًا ومسلمين على ضرورة التمسك بالوحدة.
"لن أكف عن النضال وإثارة الشعب ضدكم إلى أن تتحرر بلادي من وجودكم"، هكذا تحدى "سرجيوس" سطوة الاحتلال البريطاني لمصر، بالخُطب أعلى منبر الأزهر، باعثًا الأمل في نفوس المصريين للصمود أمام الاستعمار.
"إذا كان الاستقلال موقوفا على الاتحاد، وكان الأقباط حائلا دون ذلك، فإنى مستعد لأن أضع يدى فى يد إخوانى المسلمين للقضاء على الأقباط لتكون مصر أمة متحدة"، هكذا قدم "سرجيوس" نموذجًا حيًا لمعنى الوحدة الوطنية، وبحكم خبرته الطويلة في الميدان الوطني والطائفي كان يجيد التنقل من دور المجاهد إلى المهادن، ولعل هذا ما ساعده على الاستمرارية دون أن ينكسر أو يتهاون.
حفيد سرجيوس: قصة كفاح جدي جعلتني أعشق تراب وطني
"كان حافظاً للقرآن الكريم ويستشهد بآياته في خطبه التي كان يبدأها باسم الله الرحمن الرحيم ثم يعقبها باسم الأب والابن والروح القدس، ثم يؤكد أنه مصري أولا وثانيا وثالثا، وأن الوطنية لا تعرف مسلما أو مسيحيا بل تعرف مجاهدين فقط"، هكذا حكى حفيد القمص سرجيوس، المهندس وجدي الجاويش، عن نضال جده لتوحيد المصريين.
ويقول "الجاويش" الذي ما زال يعيش في منزل القمص سرجيوس في شبرا حتى الآن، لـ"الوطن"، إن جده كان قساً وخطيباً وثائراً وطنيا وفصيح اللسان، وأول رجل دين مسيحي يقف أعلى منبر الأزهر الشريف ويخطب في الناس من أجل التحرر من الاحتلال، وكان مخاطراً بحياته وضحى بكل ما يملك من أجل الوطن.
"تعلمت من خالي أموزيس سرجيوس وهو الابن الأكبر للقمص سرجيوس، الذي أطلعني على عظمة جدي سرجيوس وقصة كفاحه والتي تجعلك تعشق تراب هذا الوطن لذلك أنا أعشق مصر"، هكذا عبر "الجاويش" عن فخره بالانتماء للوطن.
"سرجيوس" نظم أول إضراب واعتصام في تاريخ مصر 1902
عرف "سرجيوس" الذي تخرج من المدرسة الإكليركية عام 1903، النضال منذ الصغر وقام بأول إضراب واعتصام في تاريخ مصر عام 1902 بعد أن جمع 50 طالباً وقدم اعتراضا ضد الجامعة آنذاك.
عقب تخرجه من الجامعة خدم في عدد من الكنائس داخل مصر، ثم أصبح وكيل لمطرانية أسيوط حتى سنة 1912، ثم سافر إلى السودان ليتولى وكيل لمطرانية الخرطوم قبل ترحيله منها 1915 بعد أن جمع المسلمين والمسيحيين وخطب فيهم خطبة "عيشوا في سلام" كشف خلالها افتعال الاحتلال الفتنة الطائفية.
ويضيف "الجاويش": "سرجيوس انتصر في كل المعارك التي خاضها، عدا واحدة وهي الموت، وكان يحرص على المشاركة في جميع المظاهرات ويتحدث في الناس، وأصدر مجلة (المنارة المصرية) على نفقته الخاصة، ودعا فيها المسلمين والأقباط إلى الوحدة فى مواجهة الاحتلال فقام المحتل بترحيله من السودان".
"إن كان بقاء الإنجليز في مصر لحماية الأقباط فليمت كل الأقباط ليعيش كل المسلمين أحرار"، هكذا لم يستسلم "سرجيوس" للفتنة الطائفية التي يفتعلها الاحتلال واستطاع أن يوحد طرفي الأمة.
ويحكي "الجاويش" عن محاولات قتل الإنجليز للقمص سرجيوس: "ذات يوم كان فى ميدان الأوبرا يخطب في الجماهير المتزاحمة، وفي وقت خطابه جرى تجاهه جندي إنجليزي شاهراً سلاحه فى وجهه، فصرخ الجميع حاسب يا أبونا، حايموتك، وفي هدوء جاوبهم ومتى كنا نحن المصريين نخاف الموت، دعوه يُريق دمائي لتروي أرض وطني التي أرتوت بدماء آلاف الشهداء، دعوه يقتلني ليشهد العالم كيف يعتدي الإنجليز على رجال الدين، وأمام ثباته واستمراره فى خطابه تراجع الجندي عن قتله".
فى 5 سبتمبر 1964، غيب الموت القمص سرجيوس عن عمر ناهز 81 عامًا، تاركًا خلفه تاريخ حافل بالنضال، ومسيرة طويلة عريضة من الكفاح قطعها خطيب الثورة مسلحا بالوطنية في مواجهة الاستعمار.