"الحل سياسي".. الدور المصري في احتواء الأزمة الليبية على مدار 8 سنوات

كتب: هبة وهدان

"الحل سياسي".. الدور المصري في احتواء الأزمة الليبية على مدار 8 سنوات

"الحل سياسي".. الدور المصري في احتواء الأزمة الليبية على مدار 8 سنوات

حالة من الرفض الدولي للأحداث الدائرة داخل الدولة الليبية، بعدما سيطر الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر على 3 بلدات جنوب طرابلس، واقترب أكثر بوتيرة سريعة من العاصمة طرابلس بإطلاق عملية لـ"تحرير" عاصمة ليبيا من "قبضة الميليشيات والجماعات المسلحة"، بينما أوعز فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني بالتعامل بقوة لصد زحف قوات الجيش الوطني.

وعلى إثر التصعيد الخطير والتوتر بين الطرفين، دعا أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كل الأطراف الليبية إلى ضبط النفس والقيام على الفور بخفض حالة التصعيد الميدانية الناتجة عن التحركات والتحديدات العسكرية الأخيرة في المناطق الغربية من البلاد والالتزام بالمسار السياسي باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا. 

وكذلك أعربت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم الجمعة، عن بالغ القلق من الاشتباكات التي اندلعت منذ صباح اليوم في عددٍ من المناطق الليبية، وناشدت جميع الأطراف ضبط النفس ووقف التصعيد، مؤكدًا على موقف مصر الثابت والقائم على دعم جهود الأمم المتحدة والتمسُّك بالحل السياسي كخيار وحيد للحفاظ على ليبيا وضمان سلامة ووحدة أراضيها وحماية مقدرات شعبها وثرواته من أي سوء.

وبحسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات، فإن مصر منذ الانتفاضة الليبية في 17 فبراير 2011 وسقوط نظام القذافي، دائمًا ما تسعى إلى مساعدة جارتها الغربية على الخروج من المخاطر التي تحيط بها، وفي التقرير التالي تستعرض "الوطن"، الجهود التي بذلتها مصر في سبيل مساعدة ليبيا في إعادة سيطرتها الكاملة على مؤسساتها.

مجموعة دول الجوار:

تأسست مجموعة دول الجوار الليبي عام 2014 بعضوية كل من مصر والجزائر وليبيا، وتونس والسودان وتشاد والنيجر وتم تشكيلها أثناء القمّة الأفريقية في غينيا الاستوائية، بغرض تقديم الدعم السياسي والأمني لليبيا من خلال العمل الجماعي للتعامل مع الموقف في ليبيا.

وظهرت بوادر هذا العمل الجماعي في الجزائر في مايو 2014، عندما بادرت الجزائر بعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول المجاورة لليبيا على هامش الاجتماعات الوزارية لحركة عدم الانحياز، الذي خرج بتوصيات عدة من بينها تأكيد المشاركين على تضافر جهودهم من أجل مساندة ليبيا وفق آليات مشتركة بالتنسيق والتعاون مع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي.

اتفق وزراء الخارجية المجتمعون على وضع خطة عملية للمساهمة في حل الأزمة الليبية، حيث تقرر تشكيل فريقي عمل برئاسة وزير الشؤون الخارجية التونسي، أحدهما أمني على مستوى الخبراء الأمنيين تتولى الجزائر تنسيق أعماله، والثاني سياسي على مستوى كبار الموظفين وتتولى مصر تنسيق أعماله، والهدف من تشكيل فريقي العمل هذه المرة هو تمكين دول الجوار من التدخل بشكل فعلي، من خلال آليات الحوار، في الأزمة الليبية سعيًا لإيجاد حل لها.

اجتماع وزراء خارجية دول الجوار:

وفي يناير 2017، عقد وزراء خارجية دول الجوار اجتماعهم العاشر، وخرج البيان الختامي للاجتماع يؤكد على اتفاق مدينة الصخيرات كإطار وحيد للخروج من الأزمة الراهنة التي تعاني منها ليبيا، وذلك وفقًا للمبادئ الرئيسية التي تم التوافق عليها في الاجتماعات الوزارية، ومنها الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة ليبيا وسيادتها على أراضيها ولحمة شعبها ورفض أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية الليبية.

كما دعا وزير الخارجية سامح شكري، وباقي وزراء خارجية دول الجوار الليبي إلى إلغاء التجميد على الأموال الليبية في البنوك الأجنبية، لتخصص هذه الموارد التي هي ملك للشعب الليبي لمواجهة احتياجاته، كما طلب الوزراء من الرئاسة المصرية للاجتماع نقل هذا البيان إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وإلى رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ورئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي.

كما طلب وزراء خارجية دول الجوار من رئاسة الاجتماع، رفع أسمى عبارات التقدير والامتنان لرئيس جمهورية مصر العربية عبدالفتاح السيسي، والحكومة المصرية على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال والتدابير والترتيبات التي تم اتخاذها، من أجل إنجاح أعمال هذا الاجتماع، وعلى المجهودات المبذولة لتسوية الأزمة في ليبيا.

اجتماع القاهرة فبراير 2017:

كما قامت الدولة المصرية بمساعٍ لتسوية الأزمة كتشكيل اللجنة المصرية المعنية بليبيا للأطراف الليبية، والتي تعمل على الاجتماع المكثف بجميع الأطراف الليبية من أجل تقريب وجهات النظر وبناء الثقة بين كل الأطراف الليبية، حيث عقدت عدة اجتماعات في القاهرة ضمت عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية وعدد من أعضاء المجلس الرئاسي والقائد العام للجيش الليبي، وأعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة، وممثلي أعيان وقبائل ليبيا، وممثلي المجتمع المدني، والإعلاميين والمثقفين الليبيين من كل المناطق الليبية.

عقب تلك الاجتماعات أكد المتحدث العسكري المصري في بيان له عقب اجتماع في القاهرة في 15 فبراير 2017، شمل خليفة حفتر قائد الجيش الليبي وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، أن اللجنة استمعت للأفكار البناءة التي طرحها القادة الليبيون بروح إيجابية، واستخلصت اللجنة وجود قواسم مشتركة بين القادة الليبيين للخروج من الانسداد الحالي.

وفي 18 من سبتمبر 2017، أعلنت اللجنة المصرية المعنية بليبيا الاتفاق على تشكيل لجان فنية – نوعية مشتركة مصرية – ليبية، لبحث آليات توحيد المؤسسة العسكرية ودراسة الشواغل التي تدعم تحقيق هذا المسار.

توحيد المؤسسة العسكرية الليبية:

 وفي 20 مارس 2018 انطلق الاجتماع السادس لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية وذلك للوصول إلى اتفاق حول نقاط الخلاف بين الأطراف العسكرية الليبية، ولا سيما المناصب العسكرية القيادية وفى مقدمتها منصبي القائد الأعلى للقوات المسلحة والقائد العام للجيش الليبي.

لم يقتصر دور مصر على اجتماع وزراء دول الجوار الليبي، بل شاركت في المؤتمر الدولي حول ليبيا بباريس، والذي عُقد في مايو 2018، تحت رعاية الأمم المتحدة ضمن نحو 20 دولة وكذلك 4 منظمات دولية منها الجامعة العربية، بهدف وضع خارطة طريق مشتركة ترمي إلى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية 2018 مع ضمان الشق الخاص بالتأمين والشفافية، وإلى تمديد مهلة تسجيل الناخبين لزيادة عددهم بقدر الإمكان من 2.7 إلى 3 ملايين ناخب، فضلا عن تبسيط الأمور على صعيد المؤسسات وتوحيد القوى الأمنية وفق ما يعرف بحوار القاهرة .

وكانت آخر المقترحات المصرية لحل الأزمة الليبية في مدينة باليرمو الإيطالية، في نوفمبر من العام الماضي، عندما كانت أحد الأطراف التي حضرت مؤتمر القادة المعنيين بحل الأزمة الليبية، بهدف إيجاد حل لها، وعلى رأسهم رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، ورئيسا البرلمان والمجلس الأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري.

وشارك في المؤتمر إلى جانب الخصوم الليبيين، دول الاتحاد الأوروبي والبلدان المجاورة لليبيا، وعلى رأسها مصر ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي، إضافة إلى روسيا، بحضور المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، في خطوة عملت إيطاليا من ورائها على إظهار دعم المجتمع الدولي الكامل لانتقال ليبيا نحو دولة آمنة ومستقرة، وجاءت دعوة القاهرة من منطلق ان لها باع طويل وجهود مضنية في حل الأزمة الليبية.


مواضيع متعلقة