خبراء: اليمين الإسرائيلي ينافس نفسه في انتخابات "الكنيست"

كتب: وكالات

خبراء: اليمين الإسرائيلي ينافس نفسه في انتخابات "الكنيست"

خبراء: اليمين الإسرائيلي ينافس نفسه في انتخابات "الكنيست"

أجمع خبراء أُمنيون وسياسيون، على أن اليمين الإسرائيلي هو الأوفر حظا للفوز في انتخابات "الكنيست" الإسرائيلية المرتقبة يوم الثلاثاء المقبل، متوقعين أن تشهد هذه الانتخابات نهاية اليسار، وأن يكون رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو أو شخص أخر يمثل اليمين هو رئيس الحكومة الجديدة المقبلة.

وأشار الخبراء - خلال ورشة العمل التي نظمها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية حول الانتخابات الإسرائيلية - إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدعم نتنياهو، حيث قدم له قبيل الانتخابات عدة هدايا، منها اعتراف واشنطن بالسيادة الإسرائيلية علي الجولان السورية المحتلة، وسانده في مؤتمر (وارسو) ..كما قام وزير خارجيته مايك بومبيو ، بزيارة إسرائيل مؤخرا والتقى نتنياهو ورفض لقاء أي معارض.

وقدم الخبراء - تحليلا ورؤية للنتائج والتأثيرات، ووضعوا صورة مقربة عن الوضع الانتخابي للأحزاب الإسرائيلية، وذلك بمشاركة الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز، واللواء محمد إبراهيم، عضو الهيئة الاستشارية بالمركز، واللواء أركان حرب، وائل ربيع المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، والسفير حازم خيرت، سفير مصر السابق بتل أبيب، وعدد من الخبراء الاستراتيجيين. 

وأكد الدكتور خالد عكاشة، على أهمية عقد ورشة العمل قبيل الانتخابات الإسرائيلية، موضحا أن هذا الموضوع يحتاج إلى التدقيق وتبادل وجهات النظر وليس فيما يتعلق بالانتخابات في مفهومها الضيق حول الفائز والخاسر، ولكن بنظرة أكثر تعمقا فيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية.وأضاف أن الداخل الإسرائيلي يمر بلحظة دقيقة لأنه ليس بعيدا عن الإقليم المكتظ بالتوترات، ولذلك كان من الضروري عقد هذا اللقاء لتبادل وجهات النظر في هذا الشأن. 

ومن جانبه، قال اللواء محمد إبراهيم - الذي أدار ورشة العمل - إن قضية "من سيحكم إسرائيل" لا تمثل أي قلق بالنسبة لمصر، نظرا لأنها تعاملت مع الكثير من رؤساء الوزراء مثل : مناحم بيجِن، وتم توقيع اتفاقية السلام، ومع آرئيل شارون، ونجحت مصر في الضغط عليه وانسحب من قطاع غزة، ومحور صلاح الدين أو محور "فيلادلفيا " (وهو شريط حدودي ضيق داخل قطاع غزة يمتد بطول 14 كيلومترا مع مصر)، وكذلك مع بنيامين نتنياهو الذي وقع على اتفاقية الخليل حيث انسحبت إسرائيل بمقتضاها من جزء من الضفة الغربية.

وأضاف أن ما يقلقه هو "صفقة القرن" وكيفية التعامل مع مستقبل المنطقة، معتبرا أن المنافسة في الانتخابات الإسرائيلية تقتصر على اليمين واليمين المتطرف، أي أن اليمين هو القادم مرة أخرى ليحكم إسرائيل. وفي هذا السياق ، تحدث السفير حازم خيرت، سفير مصر السابق بتل أبيب، عن الأحزاب الإسرائيلية وأهدافها، واصفا البيئة الداخلية للانتخابات الإسرائيلية بالمعقدة للغاية، مؤكدا أن اليمين لا يزال هو الأقوى على المشهد في إسرائيل، متوقعا فوزه، مشيرا إلى أن تهم الفساد الموجهة ضد بنيامين نتنياهو وهي تهم : الرشوة و الاحتيال وخيانة الأمانة قد تؤثر عليه بعد الانتخابات.

وأوضح أن القانون في إسرائيل لا يجبر رئيس الوزراء الإسرائيلي في حالة إدانته على الاستقالة، لكن الأعراف الديمقراطية جرت فيها  العادةعلى أن المسؤولين الذين يدانون في قضايا فساد يقدمون استقالاتهم، إلا أن ما حققه نتنياهو خلال السنوات الثلاث الماضية قد يشفع له. وأوضح أن نتنياهو هو رجل صاحب مفاجآت، ويصر على الاستمرار لاسيما لتحقيق إرث تاريخي، حيث إنه في حالة فوزه سيكون أطول من احتفظ بمنصب رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل بعد بن جوريون.كما تطرق السفير حازم خيرت إلى الحديث عن وضع عرب إسرائيل الذين يواجهون أزمة في تمثيلهم بالكنيست، مستبعدا ضم الأحزاب العربية سواء فاز نتنياهو وشكل الحكومة الجديدة، أو فاز منافسه رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، بيني جانتس.

ومن جانبه، قال الباحث سعيد عكاشة أن الإطاحة بنتنياهو هو مطلب الأحزاب الإسرائيلية المعارضة لليمين منذ نحو خمس سنوات، لاسيما أن نتنياهو قادر على توحيد اليمين أمام قضايا جوهرية، معتبرا أن إسقاطه سيؤدي إلى خلافات وبداية لتفكيك جبهة اليمين.. معتبرا أن الظروف التي تمر بها إسرائيل حاليا لا تخدم هدف الإطاحة بنتنياهو باستثناء قضية الفساد المتهم فيها، موضحا أن نتنياهو لن يسقط من خلال عملية سياسية، بل قضائية، حيث يخوض الانتخابات وهو في أفضل حالاته، ولا يتبقى سوى إدانته قضائيا، مستبعدا في الوقت ذاته قيام القضاء الإسرائيلي بذلك. 

وأشار إلى أنه من الناحية السياسية فقد نسب إلى نتنياهو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة، وكذلك الاعتراف بسيادتها على الجولان السوري، مما أعطى صورة أن نتنياهو زعيم يمكن المراهنة عليه، وأنه سيحقق الكثير من المكاسب. وقال إنه من الناحية الاقتصادية، فإن الاقتصاد الإسرائيلي في أفضل حالاته، ومن الجانب الأمني فإن إسرائيل لا تعاني من مخاطر كبيرة لاسيما أنه تم "تجييش " المنطقة ضد إيران مما يخدم أهدافها. 

وعلى صعيد متصل، استعرض الدكتور صبحي عسيلة، الخبير الإستراتيحي التقديرات ونتائج الانتخابات الإسرائيلية، وكذلك التوقعات داخل إسرائيل إزاء تشكيل الحكومة الجديدة، مشيرا إلى أن هناك الكثير من استطلاعات الرأي تجرى في إسرائيل لحساب العديد من الجهات، إلا أن هذه الاستطلاعات لها توجهات معينة، لافتا إلى أنه خلال العشرين عاما الماضية انحاز الرأي العام الإسرائيلي إلى اليمين، مؤكدا في الوقت ذاته أن هناك نسبة كبيرة من الناخبين لم تحسم أمرها بعد في هذه الانتخابات، إلا أن التقديرات تشير إلى أنه حتى و لو لم يحسم حزب بنيامين نتنياهو "الليكود " اليميني، الانتخابات لصالحه، ويحصل على الأغلبية فسيكون نتنياهو في كل الأحوال هو من سيشكل الحكومة المقبلة مع فوز اليمين. 

واعتبر عسيلة، أن الزيارة التي سيقوم بها نتنياهو إلى روسيا ولقائه غدا الخميس بالرئيس بوتين - أي قبل خمسة أيام من الانتخابات - تحمل رسالة من نتنياهو إلى الرأي العام الإسرائيلي مفادها بأن الانتخابات محسومة، وأنه هو من سيشكل الحكومة المقبلة، مضيفا أن قضايا الأمن والاقتصاد هي التي تمثل أولوية لدى الناخب الإسرائيلي، وأن كل ما قام به الرئيس الأمريكي يحقق الأمن لإسرائيل. وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي والبيئة الخارجية للانتخابات الإسرائيلية، قال الدكتور محمد كمال، المحلل السياسي وخبير الشئون الأمريكية، إن إسرائيل تعتبر قضية داخلية في الولايات المتحدة، التى تعتبر قضية داخلية في إسرائيل، و كلما اقترب المرشح الإسرائيلي من أمريكا كلما زادت فرصته في النجاح.

وأكد أن موقف الرئيس ترامب واضح تماما من مساندة نتنياهو، حيث أعلن عن تحيزه بشكل مباشر وصريح، ووضع صورة انتخابية لنتنياهو على حسابه على "الإنستجرام" ، كما قدم لنتنياهو "الهدايا الانتخابية": حيث جعله يجلس في مؤتمر وارسو (الذي عقد في فبراير 2019) وسط 60 من قيادات دول العالم، كما قام وزير خارجية الولايات المتحدة بزيارة إسرائيل، وأثنى على نتنياهو، ورفض لقاء معارضيه، وذلك على عكس التقاليد الأمريكية، فضلا عن الهدية الكبرى التي قدمها ترامب في البيت الأبيض لنتنياهو، وهي الجولان، وكذلك القدس"صفقة القرن".

وأضاف أن هذه "الهدايا" لا تستطيع المعارضة في إسرائيل معارضتها، لافتا إلى التقارب الكبير في وجهات النظر بين أمريكا وإسرائيل وأنهما لا يظهران اختلافاتهما أمام العالم، فضلا عن دور وتأثير جاريد كوري كوشنر، رجل الأعمال اليهودي الأمريكي، وكبير مستشاري الرئيس ترامب وزوج ابنته.ورأى كمال أن كل "الهدايا " التي قدمها ترامب لنتنياهو مرتبطة ب"صفقة القرن "التي لا يعلم تفاصيلها الكثير، متسائلا بقوله : " هل سيطلب ترامب ثمن مقابل هذه الهدية!، معتبرا أنه ربما يكون الثمن موافقة إسرائيل على الصفقة ككل مقابل حل الصراع وإقامة دولتين.

ومن ناحيته، قال الدكتور مجاهد الزيات، عضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن تطورات البيئة الإقليمية خدمت نتنياهو بصفة خاصة، واليمين الإسرائيلي بصفة عامة، ليصبح أكثر تطرفا في المستقبل، مشيرا إلى أن البيئة الإقليمية خدمت نتنياهو بتحويل الصراع المركزي في المنطقة من قضية صراع عربي - إسرائيلي وأراض عربية محتلة، إلى قضية ضرورة تحقيق الاستقرار من خلال محاصرة إيران وأذرعها في المنطقة.

ورأى أن الإصرار الأمريكي - الإسرائيلي على طرد القوى المرتبطة بإيران بدأ يعطي عائدا إيجابيا خادمة للاستراتيجية الإسرائيلية. ومن جانبه، وصف اللواء أركان حرب وائل ربيع ، مواقف الأحزاب الإسرائيلية من القضايا الرئيسيّة مثل : الاستيطان والحدود واللاجئين والقدس "بالبضاعة" التي تجذب بها الأحزاب أصوات الناخبين في إسرائيل.

وأشار إلى محاولات تهويد القدس وقيام إسرائيل بالتوازن "الديموجرافي " عن طريق سحب الهويات أو إلغائها من "المقدسيين" ، بالإضافة إلى عدم دعم "الأونروا" مما ينهي قضية اللاجئين، والتي تعد أحد مخططات بنيامين نتنياهو، فضلا عن مشاكل الحدود التي لا يتم التطرق إليها، ومشاكل المياه، وحرمان الفلسطينيين منها، وكذلك المخططات الاستيطانية. ولفت إلى أن صيغة اليمين واليسار لم تعد الأهم داخل إسرائيل، بل إن ما يهم الإسرائيليين اليوم هو وجود حكومة قوية قادرة على مواجهة التحديات. 

وأضاف أن الأحزاب الإسرائيلية الموجودة في إسرائيل لا توافق على حل الدولتين، كما أنها لا توافق على التنازل عن الكتلة الاستيطانية، كما أن قطاع غزة لم يعد يذكر، بل إن بعض الأحزاب تطالب بطرد الفلسطينيين وإقامة دولة لهم بالأردن. واختتم اللواء وائل ربيع بالتأكيد على أن كل المبادىء الخاصة بحل الدولتين أصبحت تتاجر بها كل الأحزاب الإسرائيلية لتحقيق مكاسب.


مواضيع متعلقة