مصير "البغدادي" يثير حيرة القوى العالمية بعد انحسار "داعش"

كتب:  محمد البلاسي

مصير "البغدادي" يثير حيرة القوى العالمية بعد انحسار "داعش"

مصير "البغدادي" يثير حيرة القوى العالمية بعد انحسار "داعش"

 أثار الإعلان عن سقوط تنظيم "داعش" الإرهابي في أخر معاقله في سوريا شرقي الفرات، الكثير من التساؤلات بشأن مصير زعيمه أبو بكر البغدادي، المختفي عن الأنظار منذ سنوات.

وكانت المرة الأخيرة التي ظهر فيها البغدادي في عام 2014، بعد أن تمكن تنظيم "داعش" آنذاك من السيطرة على مناطق شاسعة في العراق وسوريا كان يقطنها 7 ملايين شخص.

وتضاربت الأنباء حول مكان وجود "البغدادي"، وما إذا كان على قيد الحياة أم لا، لأنه لم يظهر إلا بتسجيلات صوتية منذ إعلان الخلافة.

وبعد المعارك التي خاضتها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" في آخر معاقله في  "الباغوز" شرقي سوريا، أكدت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية في تقرير لها، أن عناصر تنظيم "داعش" يشعرون بـ"غضب وخيبة أمل عميقة"، لأن زعيمهم اختفى في الصحراء بدلا من المشاركة في المعركة الأخيرة للتنظيم في بلدة "الباغوز".

ونقلت "صنداي تايمز"، خلال مقابلة لمراسلها في العراق مع عنصر داعشي كندي تحتجزه قوات سوريا الديمقراطية، أن "البغدادي يختبئ في مكان ما، والناس غاضبون"، فيما قالت صحيفة "جارديان" البريطانية إن تنظيم "داعش" لم يختف لأن الأمر يتعلق بالأفكار وليس بالأرض التي كان يسيطر عليها، فقد كان التنظيم يمثل تهديدا وجوديا في سوريا والعراق، وأصبح اليوم خرابا، إذ جرى دحر كتائب المقاتلين الأجانب التي كانت لديه، ومنهم من قتل ومنهم من هو في السجون.

وأضافت: "زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي هارب لا يعرف عنه مصيره شيء، لكن أنصاره لا يزالون متمسكين بالأفكار التي تشبعوا بها. ويظهر هذا في الشعارات التي كانت نساء التنظيم ترددها عندما أخذن إلى مراكز الاعتقال".

 وقالت "جارديان": "يعتقد أن البغدادي تسلل إلى معاقله غربي العراق، المنطقة التي أعلن فيها دولته التي امتدت لاحقا إلى سوريا. ويرى أن خطر اندلاع حرب عصابات قائم".

وقالت صحيفة "تايمز" البريطانية إن تنظيم "داعش" فقد سيطرته على الأراضي في سوريا ولكنه لا يزال حيا في الشرق الأوسط و"يشكل تهديدا" بالنسبة للغرب، حيث إن الرئيس الأمريكي قد أعلن أكثر من مرة نهاية "داعش"، ولكن الأمر الآخر، أن هناك توافقا على أن مسلحي التنظيم لم يعودوا يسيطرون على الأراضي، ولكن خطرهم لا يزال قائما، إذ هناك مقاتلون في العراق وسوريا وجماعات مرتبطة بالتنظيم في دول إفريقية.

وتضيف "تايمز" أن الدول الغربية تواجه مشكلة المقاتلين الأجانب وعددهم مئات الآلاف جاءوا من أوروبا ومن الولايات المتحدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن سبعة أعوام مرت على ظهور تنظيم "داعش" بديلا عن تنظيم القاعدة، بعد قرار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، سحب قواته المبكر من العراق.

وقد استغل "البغدادي" وضع السنة في العراق، واستطاع أن يسيطر على مساحات واسعة في العراق ثم في سوريا.

وترى الصحيفة أن تنظيم "داعش" لم يعد له إقليم يسيطر عليه، ولكن على الغرب أن يتذكر أن هذا التنظيم "خرج من رحم الفوضى والفراغ، فإذا عاد الفراغ عاد التنظيم".

وقال المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري، إن واشنطن لا تعرف مكان "البغدادي"، مضيفا، في إفادة بوزارة الخارجية اﻷمريكية، أن قتال "داعش" لم ينته والقوات اﻷمريكية ستبقى في سوريا بأعداد محدودة.

واعتبر "جيفري" أن "خسارة داعش" آخر معقل له في سوريا مطلع الأسبوع كان "يوما عظيما"، لكنه أضاف أن الحرب ضد التنظيم ستستمر وأن القوات اﻷمريكية ستظل في سوريا بأعداد محدودة للمساعدة.

وكشف قيادي في وحدات حماية الشعب الكردية أن "البغدادي"، تمكن من الهرب من مدينة الباغوز برفقة قيادات أخرى إلى محافظة إدلب شمالي سوريا، بعد القصف المكثف الذي استهدف المدينة، والسيطرة عليها.

وأكد نوري محمود، المتحدث باسم الوحدات الكردية، أن "وحدات حماية الشعب الكردية" لم تعثر على البغدادي في الباغوز شرقي سوريا وقيادات التنظيم بعد تحريرها. وقال محمود: إن "البغدادي هرب من قيادات داعش إلى إدلب، حيث تسيطر المجاميع المسلحة التابعة للمعارضة السورية، وغالبية المسلحين من التنظيم يهربون إليها". ويرجح خبراء في الحكومة الأمريكية أن البغدادي لا يزال على قيد الحياة، وأنه في العراق، عكس تصريحات المسؤول الكردي بخصوص فراره إلى إدلب.

ويعد البغدادي، واسمه الحقيقي "إبراهيم عواد محمد إبراهيم علي محمد البدري"، من أكثر المطلوبين في العالم، لا سيما من الولايات المتحدة اﻷمريكية التي تقود تحالفا ضد التنظيم المتشدد في العراق وسوريا، وانتشرت تقارير عدة خلال السنوات القليلة الماضية بشأن مصير البغدادي، فمنها ما ذكر أنه أصيب خلال المعارك، ومنها ما ذكر أنه قتل، لكن أي من هذه التقارير لم يتم التأكد من صدقها، لا سيما مع تشتت التنظيم إلى فلول وخلايا نائمة، لكن كثيرين يرجحون اختباء البغدادي، الذي يبلغ من العمر 47 عاما، حاليا في صحراء البادية الشاسعة في سوريا، التي تمتد من الحدود الشرقية مع العراق إلى محافظة حمص وسط سوريا.

والبغدادي من مواليد 1971 بمدينة سامراء العراقية، وحاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الشرعية، وسبق أن اعتقل وسجن في سجن بوكا الذي كان يديره الأمريكيون بالعراق، وكان ضمن مقاتلي تنظيم القاعدة في العراق وقاد كثيرا من هجماته المسلحة على مواقع أمريكية، وبعد ذلك على مواقع تابعة للحكومة العراقية.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إن الولايات المتحدة ستظل متيقظة لشبكة داعش محذرا المجندين المحتملين من أنهم سيلقون حتفهم إذا انضموا إلى التنظيم.

واعتبر ترامب أن خسارة التنظيم المتطرف لكل أراضيه في سوريا والعراق هو دليل على أيديولوجيته الفاسدة، ووصف أعضاء داعش بأنهم "فاشلون" وسيظلون دائما "فاشلين". كما اتهم التنظيم بارتكاب عمليات إعدام وحشية، وبتجنيد الأطفال، وقتل النساء والأطفال وانتهاكهم جنسيا.


مواضيع متعلقة