بأمر من "المركزى".. "الزراعة" تعود لأجندة تمويلات البنوك

كتب: فاطمة نشأت ومصطفى محمود

بأمر من "المركزى".. "الزراعة" تعود لأجندة تمويلات البنوك

بأمر من "المركزى".. "الزراعة" تعود لأجندة تمويلات البنوك

يثبت التاريخ أن الزراعة على ضفاف نهر النيل كانت السبب الرئيسى لنشأة مصر، حصيلة 7000 عام من الحضارات المختلفة، والأمم المتتالية، كانت مدفوعة بنمو أول بذرة على أرض مصر، حيث تميزت مصر بزراعة القمح طويل التيلة النادر عالمياً، فضلاً عن زراعة الأرز، الذرة، قصب السكر، البقوليات، وكثير من الخضراوات، والفواكة، تتمتع مصر بتربة خصبة، ومناخ معتدل يساعد على نمو النشاط الزراعى، بالإضافة إلى أيدٍ عمالة منخفضة التكلفة، وسوق كبيرة واعدة نتيجة زيادة عدد السكان، ما أدى لامتلاك مصر ميزة تنافسية على مستوى العالم فى القطاع الزراعى، واتخذت الدولة خططها الطموحة لدعم الزراعة بشكل كبير، انطلاقاً من مشروع مليون ونصف المليون فدان الذى تم افتتاح أولى مراحله فى الفرافرة، كما سيتم طرح الأراضى على مراحل للشباب والمستثمرين وتقديم تسهيلات كبيرة لهم، مروراً بالتوسع الأفقى بما يرفع من كفاءة الموارد المائية والأرضية من خلال استغلال الميزة النسبية للأراضى الجديدة فى ضبط استخدام المياه الجوفية بأعلى كفاءة.

القطاع يحتل المرتبة الأخيرة فى الحصول على القروض رغم تصدره اهتمامات الدولة.. و17.5 مليار جنيه إجمالى تمويلاته

كل هذه العوامل لم تشفع للزراعة عند رؤوس الأموال من الحفاظ والتوسع فى قطاع حيوى لا يمكن الاستغناء عنه، كما شهدت السنوات الماضية عزوف كثير من المزارعين عن الزراعة والسفر للحضر بحثاً عن مجالات أخرى، وضغطاً على سوق العمل ومعدلات البطالة، ويحتل القطاع الزراعى المرتبة الأخيرة بين التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك بنسبة 1.4% من إجمالى التسهيلات برصيد 17.5 مليار جنيه بالعملة المحلية والأجنبية بنهاية ديسمبر الماضى، بينما يحصل القطاع الصناعى على نسبة 33.8%، يليه قطاع الخدمات بنسبة 28.4%، وفقاً للنشرة الإحصائية الشهرية الأخيرة للبنك المركزى، ولم يغفل البنك المركزى عن ذلك حيث أصدر توجيهاته للبنوك المحلية للتوسع فى تقديم التمويلات والتسهيلات الائتمانية المختلفة لتعزيز النشاط الزراعى، مع التركيز على تحديث وسائل الرى ومد خطوط المياه، لما للقطاع الزراعى من آثار إيجابية فى رفع معدلات النمو وتحسين أداء الاقتصاد القومى، كما قرر البنك المركزى فى اجتماعه الأخير خلال الأسبوع الماضى، السماح للبنوك بتمويل الجمعيات التعاونية للمزارعين، أو المنشأة بغرض التحول لطرق الرى الحديثة، ضمن مبادرة الشركات والمنشآت الصغيرة، بسعر فائدة 5% متناقصة، لما يراه من أهمية فى توسيع دائرة المستفيدين من مبادرة المشروعات الصغيرة لتشمل هذا القطاع الهام.

البنك الدولى: 10 مليارات دولار إمكانيات تصدير غير مستكشفة فى القطاع الزراعى المصرى.. و"المغربى": "الدراسات الدقيقة" أزمة تواجهنا فى تمويله

ومن جانبه أوضح البنك الدولى أن إمكانات التصدير غير المستكشفة فى القطاع الزراعى بمصر تتخطى 10 مليارات دولار، وأن ندرة الموارد المائية الناتجة عن غياب البنية التحتية اللوجيستية والتسويقية، فى ظل انخفاض موارد المياه المستمدة من نهر النيل بسبب سرعة النمو السكانى فى المناطق الريفية، بالإضافة إلى سوء إدارة موارد الأراضى يمثلان العائقين الرئيسيين للقطاع، وأضاف فى دراسة أعدها عن إمكانية تشجيع التمويل والقطاع الخاص فى البنية التحتية، أنه من بين المعوقات التى تواجه الزراعة فى مصر عدم القدرة على الحصول على التمويل، كما تسجل مصر رقماً منخفضاً فى مؤشرات التمويل وتكنولوجيا المعلومات فى الزراعة، وأشار البنك الدولى إلى ضرورة إتاحة دخول المستثمرين من القطاع الخاص فى رأسمال البنك الزراعى المصرى، ولتحسين سبل الحصول على التمويل يلزمه تحويل البنك الزراعى إلى مؤسسة تجارية خالصة لضمان تعزيز المعاملة المتكافئة للبنوك التجارية الأخرى المستعدة للتمويل، وتوفير الائتمان متناهى الصغر لأغراض الإنتاج الزراعى.

وعقّب تامر جمعة، نائب رئيس البنك الزراعى، أن قرار البنك المركزى بتضمين الجمعيات التعاونية للمزارعين ضمن مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفوائد 5%، تعد خطوة جيدة وداعمة لاستخدام سبل الرى الحديثة، كما أنها ستدعم المزارع البسيط، الذى سيؤثر على نمو القطاع الزراعى بشكل كبير، مضيفاً أنه على الرغم من مخاطر المناخ المتغيرة عالمياً، إلا أن مصر تملك مناخاً معتدلاً يمكنها من زراعة كافة الحاصلات وتحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر بنسبة كبيرة، وأشار إلى أن البنك المركزى يتيح للبنك الزراعى ما يسمى بـ(الإقراض الزراعى) بفائدة 5% بخلاف مبادرة المركزى لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويحصل البنك على الفرق من خلال دعم وزارة المالية بنسبة 7%، ليصل إجمالى الفائدة إلى 12%، وعلى الرغم من أن هذه الفائدة تحقق بعض الخسائر للبنك، إلا أن البنك لا يمكنه تحديد أسعار الفائدة وفقاً للقيمة السوقية، لأن دعم القطاع الزراعى يعد استراتيجية قومية لا يمكن العزوف عنها، وذكر جمعة أن حصة التمويل الزراعى بالبنك حالياً بلغت 8 مليارات جنيه من إجمالى محفظة القروض التى تخطت 27 مليار جنيه، وأوضح أن انخفاض نسبة التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك للقطاع الزراعى يرجع إلى أن القطاع يتطلب مزارعين متخصصين ليتمكنوا من دراسة المخاطر التمويلية للزراعة، وتحديد الفصول الزراعية ومراحل نمو كل محصول ومخاطره ومتطلباته من سماد، بخلاف موظفى الائتمان الذين تتمثل خبرتهم فى الدراسات الائتمانية التقليدية فى القطاعات الصناعية، الخدمية، والتجارية، لذلك يعد التمويل الزراعى تمويلاً مصرفياً مرتفع المخاطر.

البنك الزراعى: 8 مليارات جنيه تمويلات القطاع و"بلوم": يتصدر أجندتنا للفترة المقبلة

وأضاف محمد أوزالب، رئيس بنك بلوم - مصر، أن مصرفه يولى اهتماماً كبيراً للقطاع الزراعى، مشيراً إلى أن البنك يستهدف التوسع فى تمويل هذا القطاع خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد توجيه البنك المركزى للمصارف المحلية بالتوسع فى تمويل هذا القطاع الهام، وذكر أن ضخ تمويلات لقطاع الزراعة يساهم فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية بالدولة، فضلاً عن توفير فرص عمل للشباب وزيادة فى الإنتاجية بشكل كبير.

من جانبه قال عاكف المغربى، نائب رئيس بنك مصر، إن البنك المركزى يستمر فى مساندة القطاعات الحيوية بتضمينه للمنظمات التعاونية ضمن مبادرة المشروعات الصغيرة بفائدة 5%، خاصة لما يحتويه قطاع الزراعة من بعد استراتيجى هام لتوفير الغذاء ودخول القطاع فى تصنيع المنتجات الغذائية والتصدير، فضلاً عن أنه يعد قطاعاً كثيف العمالة ويحد من ارتفاع معدلات البطالة، وأشار إلى أن المخاطر التمويلية للزراعة تتمثل فى صعوبة توقع كثير من العوامل الزراعية أبرزها تقلب الأسعار، حجم المحصول، جودة التقاوى، المناخ، الأمراض الزراعية، وقوى العرض والطلب، مع صغر حجم المقترض فى الكثير من الأحيان، ما يصعب الوصول إلى قرار ائتمانى صائب، موضحاً أنه مع تطور العملية الزراعية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، قد توجد وسائل لإدارة هذه المخاطر، وذكر أن البنك يسعى لاستخدام سبل إدارة هذه المخاطر خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن إجمالى تمويلات البنك للقطاع الزراعى تتراوح بين ١% و٢% من إجمالى صافى القروض لعملاء البنك، التى قدرت بـ222.2 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضى.

فى سياق متصل، قال عبدالواحد سليمان، رئيس مجلس الإدارة، والعضو المنتدب للشركة المصرية البريطانية للتنمية «جالينا للخضراوات»، إن القطاع الزراعى يحتاج أولاً إلى استراتيجية واضحة ومتكاملة تضعها الدولة، لدعم الزراعة بمراحلها المختلفة، التى تعد أكبر القطاعات التى تملك مصر بها ميزة تنافسية، ثم تأتى لاحقاً مبادرات البنك المركزى ووزارة المالية لدعم الشق التمويلى فى القطاع، وأوضح أن السوق تواجه أزمة كبيرة فى ثقافة المزارعين، حيث عزف كثير من الأفراد عن الزراعة، وبدأ الزحف العمرانى يقضى على كثير من الأراضى الخصبة، فيما ارتفعت الهجرة الداخلية بشكل كبير، حيث اتجه كثير من المزارعين إلى المدن الكبرى كالقاهرة والجيزة والإسكندرية بحثاً عن عمل، تاركين خلفهم قطاعاً مهماً لا يمكن إغفاله، لأنه يوفر أول احتياجات المواطنين من الغذاء، لذلك من الضرورى تقديم الحكومة الدعم المادى والمعنوى لهؤلاء المزارعين للحفاظ على جودة القطاع.


مواضيع متعلقة