بعد جريمة أوسيم.. لماذا انتشر القتل الجماعي في مصر؟

كتب: عبدالرحمن قناوي

بعد جريمة أوسيم.. لماذا انتشر القتل الجماعي في مصر؟

بعد جريمة أوسيم.. لماذا انتشر القتل الجماعي في مصر؟

جريمة جديدة، خبرٌ ربما أصبح معتادًا خلال الأشهر الأخيرة، حيث أصبحت جرائم القتل الجماعي، بشكل منظم أو عشوائي، داخل مناطق مختلفة ومتفرقة، وطبقات اجتماعية متعددة ومتباينة، وآخرها تلك التي شهدتها مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة منذ عدة ساعات.

وشهدت مدينة أوسيم، ظهر اليوم، جريمة راح ضحيتها 4 أشخاص، وخلفت 3 مصابين بأعيرة نارية، من بينهم النقيب عمرو عطيطو معاون مباحث أوسيم، حيث أقدم أحد الأشخاص على إطلاق النار بشكل عشوائي تجاه المارة بالقرب من كوبرى الصفيرة في مركز أوسيم.

منذ حوالي 10 أشهر، شهدت منطقة الرحاب مذبحة هزت مصر حينها، ففي مايو 2018، عثر داخل فيلا في الرحاب على جثث رجل أعمال و4 من عائلته مقتولين رميًا بالرصاص، لتكتشف التحريات فيما بعد أن الأب قتل العائلة ثم انتحر.

وشهد شهر سبتمبر الماضي عدة جرائم قتل جماعية، ففي مدينة الشروق، قتل أحد الأشخاص زوجته وأطفاله الأربعة داخل شقتهم، وفر هاربًا قبل أن يتم القبض عليه، وتبين أنه سبق اتهامه في قضية قتل بمنطقة العمرانية غرب محافظة الجيزة، منذ 9 سنوات، وصدر ضده حكمًا بالإعدام، وقبل تنفيذ الحكم تمكن من الهرب.

كما شهدت بنها بمحافظة القليوبية جريمة أخرى، حيث عثر على 5 جثث لعامل في محل فول وطعمية، وأبنائه الأربعة، يوسف، 15 سنة، بالصف الأول الثانوي، وعمرو، 12 سنة، بالصف الأول الإعدادي، وسماح، 7 سنوات، بالصف الثاني الابتدائي وسما، رضيعة عمرها عامين، في حالة تعفن وجرى نقل الجثث للمشرحة، وتبين بعدها أن الأب قتلهم وانتحر بعدها.

وفي منطقة الحوامدية، نفذ مزارع مذبحة أخرى، حيث أطلق الرصاص على جدته وعمه وزوجة عمه وأبناء عمه الثلاثة.. الرصاص قتل الجدة وزوجة العم وابنتها.. وأصاب شقيقه وعمه وابنه، بسبب خلافات على الميراث.

واختتم عام 2018 بحادثة أخرى، بعد العثور على إخصائية تحاليل بكفر الشيخ وأبنائها الثلاثة مقتولين داخل شقتهم، وتبين من التحقيقات أن زوجها، الذي أبلغ عن الحادث، هو مرتكب الجريمة، لتتم إحالته بعد ذلك إلى فضيلة المفتي؛ لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه.

التركيبة الاجتماعية في مصر تغيرت، وحدث بها عبث كثير، أدى لتغيير الكثير من المفاهيم والسلوكيات، وفقًا للدكتور طه أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع، لافتًا إلى أن المجتمع تعرض إلى عملية تشويه وتنمية للضغائن والأحقاد والكراهية، ربما تكون مقصودة. 

أبو حسين أضاف في تصريحات لـ"الوطن" أن تغيير التركيبة الاجتماعية وعملية التشويه تمت عن طريق أدوات عديدة، مثل التجهيل طويل المدى وتزييف الوعي والتضليل والتثقيف للخاطئ وتصحير الفكر.

كل تلك الأدوات وتغيير تركيبة المجتمع، أنتجت شخصية مضطربة لا تستطيع التفريق بين الصحيح والخاطئ، بين الجميل والقبيح، أو بين الخير والشر، حسب رؤية أستاذ الاجتماع، موضحًا أن تلك الشخصية المضطربة أصبحت نموذجًا منتشرًا بشدة داخل المجتمع المصري.

أمر آخر أشار إليه حديث أبو حسين، يتمثل في أن أفراد المجتمع أصبحوا يستمدون ثقافتهم  من أشخاص متعددة وقيم غير مناسبة، وبدأ المجتمع يتبع أساليب سلوكية خاطئة ويسير في طرق ومتخبطة ولا يعرف نهاية للنفق الذي يسير فيه.

أساليب الحصول على الحقوق كانت سببًا مباشرًا في انتشار ذلك النوع من العنف داخل المجتمع، كما يرى أستاذ علم الاجتماع، لافتًا إلى أنه بعد فشل العرف والقانون في رد الحقوق والمظالم، وجد آحاد الناس أن الحصول على الحقوق بطرق غير مستقيمة لا تجدي، فلجأوا للعنف الممنهج والجماعي، والذي يكتشفون في النهاية أنه الطريق الخطأ.

أسبابٌ أخرى كالنت كفيلة بنشر ثقافة القتل الجماعي وارتكاب المذابح، قال أبو حسين إنها تتمثل في انتشار تلك المشاهد في المسلسلات والأفلام، والتي تؤثر بدورها على ثقافة الجمهور، كما أن الانفتاح على العالم والثقافات الأجنبية، نقل تلك الثقافة على الرغم من وجود محاذير إضافية وأساسية داخل المجتمع ليست موجودة في الخارج.


مواضيع متعلقة