مفيد شهاب: الإسرائيليون شعروا بالحسرة بعد صدور حكم «مصرية طابا».. وعضو بالفريق القانونى قال «المصريون فاجأونا»

كتب: إمام أحمد

مفيد شهاب: الإسرائيليون شعروا بالحسرة بعد صدور حكم «مصرية طابا».. وعضو بالفريق القانونى قال «المصريون فاجأونا»

مفيد شهاب: الإسرائيليون شعروا بالحسرة بعد صدور حكم «مصرية طابا».. وعضو بالفريق القانونى قال «المصريون فاجأونا»

رحلة تفاوض وتحكيم دولى شاقة استمرت لأكثر من 7 سنوات بين عامَى 1982 حتى النطق بحكم مصرية «طابا»، 29 سبتمبر 1988، ورفع العلم المصرى على آخر قطعة أرض من سيناء، 19 مارس 1989.

يسترجع الدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولى، عضو اللجنة القومية لاسترداد طابا، هذه السنوات الصعبة فى ذكرى مرور 30 عاماً على استرداد الأرض، واصفاً هذا اليوم بأنه «عيد للمصريين»، وقال «شهاب» إن لجنة استرداد طابا تشكلت من 24 خبيراً، وتمكنت، من خلال اتباع الأسلوب العلمى، من النجاح فى المعركة القانونية ضد الجانب الإسرائيلى، مشيراً إلى أن الوفد الإسرائيلى شعر بالحسرة والانكسار عقب صدور الحكم، وإلى نص الحوار:

بعد 30 عاماً من تحرير طابا، ماذا تمثل هذه الرحلة بالنسبة لك؟

- تمثل لى كمواطن مصرى أولاً انتصاراً جديداً يضاف إلى رحلة انتصارات الدولة المصرية من أجل استعادة أرضها، والتى بدأت بمعركة أكتوبر العسكرية المجيدة فى 73، ومروراً بمعركة التفاوض بإبرام اتفاقية السلام، وانتهاء بهذه المعركة القانونية الدولية التى قضت باسترداد طابا وتم تحرير سيناء كاملة، أنا كمواطن سعيد وفخور وأعتبر هذا اليوم عيداً ومناسبة للفرحة والبهجة، وأنا أيضاً كأحد أعضاء فريق اللجنة القومية لاسترداد طابا، فخور بهذا الدور الذى قدمته لوطنى، وقدمه معى زملائى، حيث عملنا بروح الفريق الواحد.

محامى "استرداد طابا": "مبارك" شكّل اللجنة عندما تأكد أن إسرائيل لن تنسحب من سيناء بالتفاوض.. وكان حريصاً على استرداد الأرض 100%

كيف تشكلت لجنة استرداد طابا؟

- رئيس الجمهورية الأسبق مبارك فور أن تبين أن إسرائيل لن تنسحب من طابا بالتفاوض، شكّل لجنة قومية للدفاع عن طابا ضمن الـ24 خبيراً فى كل التخصصات ذات العلاقة، عكفت على دراسة الملف وإعداد استراتيجية الدفاع وأسلوبه، وتم من خلالها توزيع الأدوار، واستمرت اللجنة تعمل على مدى 5 سنوات فى التحضير والتفاوض وإعداد مشارطة التحكيم التى تحدد إجراءاته ومواعيده، ثم قادت عملية التحكيم من أوله إلى نهايته من خلال المذكرات القانونية المكتوبة والمرافعات الشفهية وشهادات الشهود حتى تمكنت، من خلال اتباع الأسلوب العلمى وتجهيز السندات التاريخية والقانونية والجغرافية، من إقناع هيئة التحكيم بعدالة ما تطالب به مصر وأحقيتها، وصدر الحكم بالفعل بأغلبية 4 ضد واحد، وهذا العضو الذى اعترض كان القاضية الإسرائيلية، وكان هذا فى يوم 29 سبتمبر عام 1988.

ما شهادتك على هذا اليوم، وما أهم التفاصيل التى تتذكرها داخل قاعة المحكمة؟

- جلسة النطق بالحكم استمرت 20 دقيقة، فى يوم 29 سبتمبر الساعة 2 ظهراً، نطق رئيس هيئة التحكيم، وكان نرويجى الجنسية، الحكم بعد أن قرأ حيثياته بالكامل، وفى نهاية قراءة الحكم وحيثياته ظهرت ممثلة إسرائيل القاضية وقالت: هذا حكم ظالم وغير قانونى، فرد عليها بصوت العاقل الحكيم قائلاً: أعلم أنك ترفضين الحكم، ولذلك أعلنت أنه صدر بأغلبية 4 أصوات مقابل صوت واحد هو أنتِ كممثلة لإسرائيل.

وليس من حقك أن تعترضى ونحن ننطق الحكم، ولكن لكِ أن تُرفقى وجهة نظرك فى شكل تقرير يُرفَق بالحكم يعبِّر عن وجهة نظرك لكن لا يغير من الأمر شيئاً.

فكان كلامه قوياً وحكيماً وهادئاً، وشعرت المُحكِّمة الإسرائيلية بالحرج فاضطرت إلى أن تلزم الصمت.

هتفنا داخل المحكمة "الله أكبر وتحيا مصر" بعد النطق بالحكم.. والجلسة استمرت 20 دقيقة.. وأشعر اليوم بفخر كبير

كيف كان شعوركم فى هذه اللحظة؟

- شعور كبير بالفرحة عقب الحكم التاريخى، شعرنا بالفرحة الشديدة، إذ كنا نشعر بأن هناك من يحاول أن يغتصب حقوقنا أمام أعيننا بادعاءات باطلة ومستندات غير أصلية وغير دقيقة، كان يعترينا شعور بالغيظ والقلق والألم، وكنا موقنين أننا أصحاب حق، وأن المحكمة تتميز بالكفاءة والعدالة، لكن كانت هناك نسبة من القلق، ولم نطمئن إلا بعد النطق بالحكم.

وخرجنا عن شعورنا وهتفنا «الله أكبر وتحيا مصر وطابا مصرية» داخل مقر بلدية جنيف فى القاعة التاريخية. كان عددنا 25 مصرياً، وفى الوقت نفسه ظهرت علامات الوجوم والخيبة والحسرة على وجوه الإسرائيليين.

المفوضة الإسرائيلية قالت "الحكم ظالم وغير قانونى" فرد عليها رئيس هيئة التحكيم: "أعلم أنك ترفضين وليس من حقك الاعتراض أثناء النطق بالحكم"

هل حدث أى حديث جانبى بينكم وبين الوفد الإسرائيلى؟

- لا لم يحدث، لكن خلال فرحتنا كمصريين أولاً بالحكم الصادر، سمعت بعض الهمس بين أعضاء الفريق الإسرائيلى، فقال عضو فى الفريق الإسرائيلى اسمه روزيل شبطاى، هو المستشار القانونى للخارجية الإسرائيلية، وكان يتكلم بحسرة: «المصريون فاجأونا، لقد كنا نعرف أن طابا مصرية، ولكننا عندما قررنا الدخول فى التحكيم كنا نعتقد أن المصريين لن يستطيعوا حسن الدفاع الموضوعى عن قضيتهم، وبالتالى لن يوفَّقوا فيها.

لكن المفاجأة أنهم التزموا الأسلوب العلمى والقانونى وفاجأونا». كان يتحدث بحسرة وانكسار مثل شعورهم بالهزيمة فى أكتوبر 1973.

بعد صدور الحكم، هل تعنتت إسرائيل فى تسليم الأرض لمصر؟

- بعد صدور الحكم دخلنا فى مفاوضات لتنفيذه، ودفعنا مقابل الفندق الذى بنته إسرائيل داخل طابا، وبعد بضعة أشهر استرددنا طابا كاملة ورفعنا العلم يوم 19 مارس من عام 1989، فتم تحرير كامل سيناء.

فى رأيك، ما أهم الدروس المستفادة؟

- الدرس المستفاد أنه ما ضاع حق وراءه مُطالب، والمهم أيضاً إلى جانب فرحتنا بهذه الذكرى، أن نعى أن صاحب الحق يجب أن لا يكتفى بأنه صاحب حق، لكن يعمل بإيمان وعزيمة للحصول على حقه بكافة الوسائل المتاحة والمشروعة متبعاً الأسلوب العلمى بأن يعتمد على الخبراء والمتخصصين فى معرفة المشكلة وأبعادها وأسلوب التعامل معها.

نحن اعتمدنا بالدرجة الأولى على الخبراء والمتخصصين كل فى مجاله، وكان الجميع يعمل بروح الفريق الواحد، فالعمل الجماعى هو أساس نجاح أى إنجاز، ومهما كانت قدرات الإنسان الفردية والشخصية، فهى لا تكفى وحدها، بل لا بد من أن تتلاقى كل المهارات وتعمل بروح الفريق الواحد، وهذا ما تم اتباعه فى التعامل مع قضية تحرير طابا.

اللجنة ضمت 24 خبيراً.. ودرسنا أوراق القضية على مدار 5 سنوات.. وعملنا بـ"روح الفريق" لاسترداد حقنا

بحكم شهادتك، ما دور رئيس الجمهورية الأسبق مبارك فى هذه القضية؟

- الرئيس الأسبق مبارك كان حريصاً على التأكد بنسبة 100% من استرداد الأرض بعد التأكد أن أرض طابا مصرية قبل اللجوء إلى التحكيم الدولى.

وقال لأفراد اللجنة صراحة: أريدكم أن تدرسوا بعناية إذا كانت طابا مصرية أم لا، وسأعطيكم مهلة لتقرأوا وتبحثوا، كلٌ فى تخصصه، وهو ما حدث بالفعل، وفور تشكيل اللجنة بدأ العمل على قدم وساق باتباع الأسلوب العلمى السليم، حتى وفقنا الله فى استعادة الأرض.

رسالة إلى هؤلاء:

رسالتى هى تحية للشعب المصرى وللقوات المسلحة المصرية ولحكومة مصر ورئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، وتحية لكل المؤمنين والمحبين للسلام الذين يستنكرون استخدام القوة فى حل المنازعات ويرفضون ترتيب أى آثار على استخدام بعض الدول للقوة العسكرية للاعتداء على أراضى الغير، أو التدخل فى شئون الدول الأخرى.


مواضيع متعلقة