"الحبيب للهجر مايل".. قصة انسحاب الجمهور من أول حفل لـ سيد درويش: فن الكفرة

"الحبيب للهجر مايل".. قصة انسحاب الجمهور من أول حفل لـ سيد درويش: فن الكفرة
- سيد درويش
- درويش
- الحبيب للهجر مايل
- ذكرى ميلاد سيد درويش
- ذكرى سيد درويش
- سيد درويش
- درويش
- الحبيب للهجر مايل
- ذكرى ميلاد سيد درويش
- ذكرى سيد درويش
"الحبيب للهجر مايل.. والفؤاد ميال إليه.. من جفاه الدمع سايل.. يا ناس قولولي أنا أعمل إيه" غنوة لحنها وأداها الفنان الراحل سيد درويش في أولى حفلاته، كانت لها ذكرى ذات نكهة مختلفة وطراز خاص، سحبت بساط المستميعن منه أول مرة قبل أن تدرج ضمن التراث الغنائي الأصيل، ويصبح معها عبقري الموسيقى وتظل ألحانه وأغنياته تتناقل جيلًا وراء جيل.
على مقهى "الكونكورديا"، وقف "درويش" ووراءه الجوقة يرددون "يفوتني ويصاحب العواذل.. هو جرى في الدنيا إيه"، لأغنيته "الحبيب للهجر مايل" من مقام "السازكار"، يحاوطه جمع من الفنانين الذين اشتهروا بمداومة التسامر ليلًا على المقهى، تتمايل رؤوسهم مع كل مقطع، يخفض أحدهم رأسه جانبًا إلى الجالس جواره هاتفًا في إذنه عن إعجابه باللون الغنائي الجديد، ليحرك الأخير رأسه تأييدًا.
"الحبيب للهجر مايل" كلمات محمد يونس القاضي شيخ المؤلفين المصريين، وكانت بداية صداقته مع "درويش"، إيذانًا برحلة نجاح طويلة على درب الطرب الأصيل، لتثمر باقة من أروع الأغاني.
في حفلته الأولى، عمد "إمام الملحنين"، الذي ولد في مثل هذا اليوم قبل 97 عامًا، إلى الخروج عن الآهات المألوفة التقليدية في التلحين، الأمر الذي بدا غريبًا على العوام من المستميعن، خرج أحدهم مشوحًا بيده رافضًا إدخال أي توليفة أجنبية على الفن العربي، معلنًا عدم إعجابه باللحن الغريب القادم من "بلاد الفرنجة والكفرة"، لينسحب وراءه جمع آخر من الحاضرين، حسبما ذكر محمد عوض في كتابه "عباقرة الإنشاد الديني".
فرغ المقهى من رواده إلا قلة من الفنانين الذين كان لعددهم الغلبة على الجمهور المستمع؛ ليندمج "أهل المغنى" مع الصوت الدخيل وهو يصدح "للجمال أنا قلبي يعشق.. يا جميل انظر إليّ.. الوداد أحسن وأوفق"، في إدراك واضح لما ينتظره من مجد مستقبلي.
بعينان تنظران يمنة ويسارًا، وعقل يحاول الثبات والتركيز على ضبط الإيقاع، وقف "درويش" وسط فرقته الغنائية طاردًا شبح الرفض والفشل، ربما أعطته نظرات إعجاب الفنانين بعض الثقة، وعلى رأسهم إلياس نشاطي، وإبراهيم سهالون الكمانجي، وجميل عويس، ليستكمل الفنان المنتظر وصلته الغنائية "بس ليه كتر الأسية.. العواذل بتكايدني.. تبقى إنت والعذال عليّ".
"فنان الشعب" لقب عُرف به "درويش" رغم أن أول الرافضين لفنه كان جمهور المستمعين، فقد استطاع فرض فنه وموهبته بقوة، لينطلق في رحلة نجاح ممثلًا ومغنيًا مع فرقة سليم عطا الله ليتجول معها في بلاد سوريا ولبنان وفلسطين، قبل أن يتتلمذ في حلب على يد الشيخ عثمان الموصلي العراقي، ليقدم بعدها عدة موشحات حلبية، ويذاع صيته في العالم العربي.
"الموسيقى لغة عالمية، ونحن نخطئ عندما نحاول أن نصبغها بصبغة محلية، يجب أن يستمع الرجل اليوناني والرجل الفرنسي والرجل الذي يعيش في غابات أواسط أفريقيا إلى أي موسيقى عالمية فيفهم الموضوع الموسيقي ويدرك معانيه" جملة من حديث لـ"درويش" دافع فيها عن نهجه اللا محدود في عامل الغناء والموسيقى.