الغباء السياسى للكونجرس فى حرب اليمن
لست أفهم موقف الكونجرس الأمريكى من حرب اليمن.
الشىء المقنع الوحيد فى هذا الموقف الذى يمكن أن يقبله العقل -افتراضياً- هو أن نتائج الانتخابات التشريعية التى أعطت سطوة للحزب الديمقراطى حوَّلت هذا المجلس من مجلس تشريع إلى مجلس تحقيق، ومن سُلطة رقابة إلى سُلطة عقاب كل منَ هو حليف للرئيس دونالد ترامب.
ويمكن فهم قرار الكونجرس الأخير من منطوقه الذى نص على الآتى:
وافق مجلس الشيوخ فى قراره حول اليمن على أنه «يتوجب على الرئيس سحب القوات الأمريكية من الأعمال القتالية فى اليمن أو الأماكن التى تؤثر عليها فى غضون 30 يوماً»، وجاء التصويت بأغلبية 56 صوتاً مقابل 46، وهذا يعنى أن هناك أصواتاً جمهورية كانت مع القرار.
هذا القرار يمكن للرئيس، بسُلطة حق «الفيتو» التى أعطاها له الدستور، أن يعترض عليه ويُبطله وكأنه لم يكن.
ولكن القصة ليست مرور القرار أو عدم تمريره، ولكن محاولة لفهم العقلية السياسية للمشرِّعين الأمريكيين، وللمنطق الذى يحكم قرارهم.
ألا يعرف أى منهم: لماذا بدأت حرب اليمن؟ ألا يعرف أحدهم الانتهاكات التى قام بها الحوثيون للحدود السعودية على مر 7 سنوات ماضية؟ ألا يعرف هؤلاء علاقة الحوثيين السياسية والأمنية والعسكرية والفكرية والعقائدية بطهران، وخطط الامتداد الإيرانى فى المنطقة؟ ألا يعرف هؤلاء نوعية الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى التى تهدد المدن السعودية الحدودية والعاصمة الرياض ذاتها؟
إننا نسأل ماذا سيكون موقف «الكونجرس» لو وُجد الحوثيون أو مَن هو على شاكلتهم فى دولة حدودية مثل المكسيك أو كندا وكانوا يهددون سلامة الحدود الأمريكية والعاصمة واشنطن؟
طبعاً يتغافل «الكونجرس» عن الدعم الذى وجهته حكومتا السعودية والإمارات للاقتصاد والبنك المركزى اليمنى البالغ 20 مليار دولار مجتمعاً من الدولتين كهِبات ومساعدات وقروض.
وطبعاً يتجاهل «الكونجرس» المساعدات الإنسانية التى قدمها مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتى.
وطبعاً تجاهل «الكونجرس» المدارس والمستشفيات والمشروعات الصغيرة ومزارع السمك والبِنى التحتية التى أقامتها الرياض وأبوظبى.
وطبعاً تجاهل «الكونجرس» المشروع السعودى لنزع 240 ألف لغم زرعها الإجرام الحوثى، وركز فقط على عدة وقائع إصابات بالخطأ، وهو أمر يحدث دائماً فى حرب المدن فى أى زمان ومكان.
وطبعاً تجاهل «الكونجرس» أن الحوثيين يستخدمون المدنيين وأماكن وجودهم، وتحديداً المدارس والمستشفيات والمساجد، كدروع بشرية أو مخابئ للأسلحة أو منصات لصواريخهم.
إننا نسأل: لو توقف السلاح وتوقفت الذخيرة وتوقفت قطع الغيار عن دول التحالف فى اليمن، وبقى السلاح الإيرانى متوفراً مجاناً وبكثرة فى أيدى أنصار طهران فمَن الرابح ومَن الخاسر فى هذه الحالة؟
أحياناً أشك بأن واشنطن إما جاهلة بما يحدث، أو متآمرة عن عمد لما يحدث، أو كلا الأمرين.