"إس 400" تضع أمريكا وتركيا على أعتاب أزمة.. خبراء يكشفون السيناريوهات

"إس 400" تضع أمريكا وتركيا على أعتاب أزمة.. خبراء يكشفون السيناريوهات
بعد انقضاء أزمة احتجاز القس الأمريكي أندرو برانسون في تركيا، تدخل العلاقات "التركية - الأمريكية" على مشارف أزمة جديدة، حيث هددت وزارة الدفاع الأمريكية الحكومة التركية بأنها قد تواجه "عواقب خطيرة" في حال اشترت المنظومات الروسية المضادة للصواريخ من طراز "إس-400".
وقال المتحدث باسم "البنتاجون"، تشارلز سامرز، مساء أمس، في مؤتمر صحفي: "ستكون هناك في حال استلام تركيا "إس-400" عواقب خطيرة بالنسبة إلى علاقاتها معنا، بما في ذلك العلاقات العسكرية".
وشدد سامرز، على أن تطبيق تركيا لهذا العقد سينعكس على اتفاقاتها حول شراء أسلحة من الولايات المتحدة، مضيفا أنه في هذه الحالة "لن يكون بإمكانهم الحصول على طائرات "إف-35" وصواريخ باتريوت. وهي تصريحات تفتح التوتر القائم حاليا بين "أنقرة" و"واشنطن" على كل السيناريوهات، بحسب مراقبين.
من جهته، قال الخبير في الشؤون التركية، الدكتور بشير عبد الفتاح، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن "الموقف الأمريكي ليس خاصا بتركيا فقط وغنما تم تطبيق القانون المعني به على الصين والهند، وفق قانون مكافحة أعداء أمريكا الذي اعتمد في 2018، يتيح للسلطات الأمريكية معاقبة أي دولة تشتري أسلحة من روسيا، و"إس-400" تحديدا عرضت الصين لعقوبات وهي أول دولة في العالم تشتري هذه المنظومة ثم الهند، وتركيا بالتالي ليست أول دولة، حتى لو حصلت الدولتين على استثناءات لاحقا".
وقال عبد الفتاح، إن العقوبات المقترحة على سوريا ليست عسكرية فقط بل أيضا ذات جوانب اقتصادية، من خلال إلغاء بعض الميزات للسلع التركية الداخلة غلى الولايات المتحدة وهذا الأمر بدأ في 5 مارس الحالي.
وأضاف الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن "العقوبات ستشمل كذلك وقف تسليم تركيا 100 طائرة من طراز "إف-35" وهي الأكثر تطورا في العالم، وهذه ضربة قوية لتركيا، باعتبار الطائرات هي الأحدث ولديها القدرة على التخفي من الرادار، تركيا تسلمت واحدة ويمكن أن تلجأ إلى القضاء أو التحكيم الدولي في هذه الحالة".
وأكد: "الأمر لن يتوقف عند ذلك، الطيارون الأتراك تم اعتقال أكثر من نصفهم بعض محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي وقعت منتصف يوليو من عام 2016، وبالتالي أنقرة ستكون بحاجة إلى إعداد طيارين جدد لاستخدام الطائرات الأمريكية مثل إف 16، وهذا لن يحدث لأن الولايات المتحدة تمنع تدريبهم".
وأشار: "إضافة إلى ذلك، فإن منظومة باتريوت التي عرضت الولايات المتحدة على تركيا الحصول عليها مقابل إس 400، هددت واشنطن بوقف هذه الصفقة، أيضا فإن كل المعاملات ومظاهر التعاون العسكري مع تركيا سيتم مراجعتها مستقبلا".
ولفت: "هناك تيار داخل الإدارة الأمريكية يرى ضرورة التريث في هذه العقوبات، فهذا التيار يرى أن الضغط بالعقوبات على تركيا أكثر من اللازم يدفعها لتعزيز التقارب مع روسيا وهذا أمر مرفوض"، مضيفا أنه هناك سجال داخل الإدارة الأمريكية حاليا بشأن الموقف من العقوبات على تركيا، والاستمرار فيها من عدمه أو منح "أنقرة" استثناء مثل الصين والهند، أو أن يكون هناك تفاهمات.
وأوضح الخبير في الشؤون التركية: "الرئيس التركي أردوغان أجرى حوارا مؤخرا أعطى فيها تلميحات بأن لديه مطالب، هو لم يقل إنه سيتنازل عن صفقة إس 400 لكنه قال إن لديه استعداد للتفاهم، بأنه لو تم سحب السلاح الأمريكي لدى الأكراد ووقفت واشنطن الدعم عن الأكراد ووافقت على التعاون مع أنقرة فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة التي تريد تركيا إقامتها في سوريا، من هنا تأتي التلميحات بإمكانية أن يكون هناك تفاهمات".
وتابع: "أتوقع أن الأمر لم ينتهي بعد، وخاصة أن أردوغان لا يستطيع تحمل الضغوط أكثر، خاصة أن لديه انتخابات بلدية قادمة، وهو يحاول استغلال هذه الأمور لجذب الناخبين".
من جهته، قال سكرتير تحرير مجلة "آفاق سياسية" مصطفى صلاح، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن "المقايضة بين إس 400 مقابل صواريخ باتريوت وطائرة "إف-35"، سيكون الأمر في هذا الإطار، لكن لا أتصور تصاعد في العقوبات الأمريكية على تركيا، لاحتياج واشنطن إلى أنقرة في سوريا خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته من سوريا".
وأضاف صلاح: "تركيا هي التي يفترض أن تملأ الفراغ الأمريكي، وتعول عليها أمريكا للقيام بدور بالنيابة عنها، لكن الأمر يمكن أن يكون في إطار المقايضات حول الأسلحة أو التعاون العسكري".
وقال الباحث السياسي إن "الأوضاع الاقتصادية في تركيا تعافت نسبيا بعد أزمة القس أندرو برانسون، وتراجع الليرة التركية لا يعود في الوقت الحالي فقط لمسألة عقوبات أمريكية أو ضغوط أمريكية وإنما الأمر مرتبط بالانتخابات البلدية التي ستجرى نهاية الشهر، وأزمة الاعتقالات والتعامل مع المعارضة لها دور أكبر بكثير من الضغوط الخارجية".
وأكد: "تركيا تحاول تنويع نشاطاتها العسكرية والسياسية في ظل صعود وهبوط في منحني العلاقات بين أنقرة وواشنطن، الأمر يخضع دوما لمقايضات سياسات مرحلية وليست استراتيجية، تركيا لا تعول على الولايات المتحدة حاليا في نشاطها التسليحي أكثر مما أنها تحاول البحث عن بدائل لمواجهة مثقل هذه الضغوطات الأمريكية، بالتقارب مع روسيا والصين".
وشدد سكرتير تحرير "آفاق سياسية"، على أنه لن يكون بالسهولة أن تفقد الولايات المتحدة علاقتها في الوقت الحالي مع تركيا، بسبب تطورات الأوضاع والمواقف بشأن الأزمة السورية".