حفيدة «النقراشى»: شعرت بالحزن لاتهام جدى بالتورط فى حادث كوبرى عباس

كتب: فادية إيهاب

حفيدة «النقراشى»: شعرت بالحزن لاتهام جدى بالتورط فى حادث كوبرى عباس

حفيدة «النقراشى»: شعرت بالحزن لاتهام جدى بالتورط فى حادث كوبرى عباس

«النقراشى يخفى خلف ابتسامته كرهاً شديدا للإنجليز» جملة كتبت فى إحدى الوثائق البريطانية، وذكرتها الدكتورة هدى شامل أباظة، حفيدة محمود فهمى النقراشى، رئيس وزراء مصر الأسبق فى عهد الملك فاروق، خلال استرجاعها ذكريات جدها التى أدركتها عن طريق حكايات والدها وأقاربها لها، للتعرف على نضاله السياسى ضد الإنجليز الذى بدأ منذ مشاركته فى أول ثورة شعبية قادها الشعب المصرى وهى ثورة 1919.

ما بين مشاركة «النقراشى» فى إضراب الموظفين، وقيادة الطلاب كونه مدرسا وناظرا لمدرسة رأس التين بالإسكندرية، وصولا إلى انضمامه لجمعية «الجهاز السرى لثورة 1919»، والمشاركة فى عمليات ضد الجنود الإنجليز منها مقتل السردار الإنجليزى سيرلى ستاك عام 1924، وهى القضية التى حكم عليه خلالها بالإعدام، بدأت الحفيدة تروى بفخر بطولات جدها فى الثورة المصرية.

القضية الشهيرة التى صدر خلالها حكم بالإعدام على «النقراشى»، استطاع محاميه «مكرم عبيد» أن ينقذه منها عن طريق اللجوء لدفتر الحضور بالمدرسة الذى أوضح أنه لم يتغيب يوما واحدا عنها رغم كونها فى محافظة السويس وبُعده عن اللجنة المركزية بالقاهرة، وبعدما نقله الإنجليز إليها تخوفا من نضاله السياسى، الأمر الذى أوضحته الدكتورة هدى أباظة، لـ«الوطن»، وأكدت أن جدها كان يستقل القطار يوميا من القاهرة للسويس ولم يتغيب يوما واحدا عن المدرسة ما ساهم بشكل كبير من إنقاذه فى القضية.

{long_qoute_1}

ذكريات وقصص عديدة دونتها الحفيدة فى كل ركن من ذاكرتها منذ نعومة أظافرها، كان مصدرها والدها شامل أباظة، بعدما كانت والدتها صفية النقراشى تتجنب الحديث نظراً للآلام التى تحملها ذكرى والدها واغتياله على أيدى الإخوان المسلمين، ليحل محلها زوجها الذى كان شديد البحث والقراءة عن حياة «النقراشى» بالإضافة لسماعه الأحاديث من صديقه، إبراهيم باشا عبدالهادى، الذى تولى رئاسة الوزراء عقب اغتيال «النقراشى».

ظلت الطفلة «هدى» تسمع عن دور جدها فى النضال ضد الإنجليز، وعن قضية اغتياله وقربه من الملك فاروق، وعن ذلك قالت: «جدى كان شديد الولاء للملك لكنه كان دائماً يلفت نظره لأى فعل لا يليق به حتى غضب فاروق الأول فى إحدى المرات وأرسل له تنبيهاً من رئيس الديوان الملكى بأن يكف عن نصائحه لأنه ليس ناظراً فى مدرسة، لكن هذا لم يقلل من مكانته عنده» مضيفة أنه عقب اغتيال الإخوان المسلمين له كان الملك فاروق أول المعزين، وأرسل ناهد رشاد، إحدى الوصيفات بالقصر، لمواساة والدتها «صفية النقراشى» ومعها لعبة عبارة عن عروسة ودعتها للقاء الأميرات.

يوماً بعد يوم بدأت الحفيدة «هدى» تكبر حتى التحقت بالمدرسة، لتدرس فى كتاب التاريخ «أحداث كوبرى عباس الشهيرة» وتجد اسم جدها مقترناً بالواقعة التى أدت لسقوط العديد من الطلاب، الأمر الذى سبب لها شعوراً بالحزن نظراً لأن العائلة أكدت لها أنه لم يعط أمراً بفتح الكوبرى الشهير، وتتوالى الأعوام ويتكرر الوضع أيضاً عندما أصبحت أماً لتجد أولادها يدرسون نفس التاريخ، لكنها لم تستطع الدفاع عنه بالأقوال فقررت البحث والتدقيق فى الحادثة.

«لجأت للدكتور يونان لبيب رزق، الدكتور بكلية الآداب جامعة عين شمس، الذى أعطانى نسخة ميكروفيلم لجريدة الأهرام فى اليوم التالى للواقعة.. فاكتشفت أن الكوبرى كان مفتوحاً لمرور السفن الشراعية، والطلاب أرادوا أن يعبروا من جامعة القاهرة للضفة الأخرى من النيل ونزلوا للمهندس لإغلاق الكوبرى، ومن ثم حدث تشابك بين الشرطة والطلاب».. هذا ما توصلت إليه الدكتورة هدى أباظة، الأستاذة بقسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة عين شمس، لتقرر فيما بعد تأليف كتاب عن جدها ساعدها فيه والدها ووالدتها من خلال جمع الوثائق الخاصة به والتى أهدتها لدار الكتب والوثائق المصرية، بالإضافة للمراجعة اللغوية والتاريخية بمساعدة الدكتور أحمد زكريا، أستاذ التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس.

وترى حفيدة «النقراشى»، وفى مئوية ثورة 1919، أنها من أعظم الأحداث فى مصر وخير مثال على ذلك نشأة مفهوم التآخى بين المسلمين وأقباط مصر، لافتة إلى أن الثورة كشفت عن الانتماء والوحدة والوطنية فعلى الرغم من أنها لم تسهم فى جلاء الإنجليز عن مصر لكنها أبرزت أن المصريين أصحاب حق.


مواضيع متعلقة