الجامعات الأجنبية تتوافد على مصر وخبراء: أداة للاستثمار والتعليم معاً

كتب: بسنت ماهر

الجامعات الأجنبية تتوافد على مصر وخبراء: أداة للاستثمار والتعليم معاً

الجامعات الأجنبية تتوافد على مصر وخبراء: أداة للاستثمار والتعليم معاً

تسعى مصر لجذب العديد من الجامعات الأجنبية خلال الفترة المقبلة، وذلك لرفع مستوى التعليم الجامعى، كما تمتلك مصر مقومات عديدة تؤهلها للنجاح فى مثل هذا الاستثمار، أبرزها الموقع الاستراتيجى، والسوق المتسعة، وتكلفة المعيشة، والظروف التشريعية والاستثمارية الملائمة.

وأقرت الحكومة قانون إنشاء وتنظيم فروع للجامعات الأجنبية بمصر فى شهر يوليو من العام الماضى، الذى يهدف إلى الاستفادة من الخبرات التعليمية والبحثية لتلك الجامعات بما يُساهم فى إحداث نقلة نوعية بتلك المنظومة، وتوفير فرص التعليم العالى العالمية داخل الدولة لجعلها إحدى منارات التعليم والبحث العلمى على المستوى العالمى.

ودخلت أول جامعة أجنبية إلى مصر متمثلة فى الجامعة الأمريكية عام 1919، تليها الجامعة الألمانية والفرنسية عام 2002، والجامعة البريطانية عام 2005، واليوم مصر تمتلك أكثر من 10 جامعات أجنبية، ومن المقرر أن يتم إنشاء 6 جامعات بالعاصمة الإدارية الجديدة خلال الفترة المقبلة، ‏تتنوع بين المجرية والكندية والسويدية والفرنسية، والعمل على تفعيل توأمة مع أفضل 50 جامعة بالعالم، ويتم حالياً تنفيذ 3 جامعات فى العاصمة الإدارية ومدينة العلمين الجديدة.

{long_qoute_1}

وأعلن الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، عن إنشاء مؤسسة جامعية بالعاصمة الإدارية الجديدة تحت مسمى «الجامعات الكندية فى مصر»، لاستضافة فرع لجامعة جزيرة الأمير إدوارد، حيث يمنح الفرع درجة البكالوريوس فى برامج عدة، أهمها هندسة التصميم المستدامة، علوم الحاسب، تخصص ألعاب الفيديو، وريادة الأعمال، على أن تكون جودة هذه البرامج مثل المطبقة بالجامعة الأم.

وتم إبرام اتفاقية على إقامة الجامعة الألمانية الدولية للعلوم التطبيقية بالعاصمة الإدارية، حيث إنه من المتوقع بدء الدراسة فى الجامعة فى سبتمبر 2020، وسيتم قبول أكثر من 7 آلاف طالب بالجامعة، ويمنح هذا الفرع درجة البكالوريوس فى تخصصات عدة، أبرزها الهندسة والعمارة، التكنولوجيا الحيوية، تكنولوجيا صناعة الغذاء والدواء، والتصميم والترميم، كما أنه من المقرر إنشاء الأكاديمية العربية للتكنولوجيا والنقل البحرى بمدينة العلمين الجديدة، التى تعد إحدى منظمات جامعة الدول العربية، حيث تضم الأكاديمية جميع التخصصات التى تتزامن مع الثورة الصناعية الرابعة، ويُعد وجود الجامعات الأجنبية فى مصر أداة لأكثر من هدف، أهمها تعليم وتطوير الموارد البشرية وخلق عمالة مؤهلة، وجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة التى تدعم الناتج المحلى الإجمالى وعملية التوظيف، كما أنها ستُشجع على السياحة التعليمية، فى ظل مضاعفة أعداد الوافدين من الدول العربية والأجنبية للتعلم فى مصر، ما يؤدى إلى جلب المزيد من العملة الصعبة وتنشيط الحركة الاقتصادية.

{long_qoute_2}

ويوجد العديد من الدول المستقطبة للطلاب حول العالم أهمها الولايات المتحدة الأمريكية، إنجلترا، اليابان، كندا، وألمانيا، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال الوجهة الدراسية الأكثر شعبية بالنسبة للطلّاب الدوليين، إلّا أنّها تعد واحدة من الخيارات الأكثر تكلفة، حيث تتراوح الرسوم الجامعية سنوياً بين 5 آلاف و50 ألف دولار، وتبلغ تكاليف السكن فى المتوسط 10 آلاف دولار سنوياً، فيما تصل تكلفة الدراسة للوافدين فى بريطانيا بين 8 آلاف و38 ألف دولار سنوياً، كما يبلغ متوسط تكاليف المعيشة نحو 13 ألف دولار سنوياً.

فى المقابل مصر لديها الكثير من المقومات المتمثلة فى الموقع الاستراتيجى المحفز القوى للاستثمار، فهى إحدى الدول العابرة للقارات، بالإضافة إلى اشتراك حدودها مع 7 دول، لذا فهى مؤهلة لإنشاء الجامعات، وجذب الكثير من الطلاب الوافدين من مختلف الدول، خاصة شمال أفريقيا وبعض دول الخليج، حيث إن هناك انخفاضاً بتكلفة المعيشة للطلاب الوافدين مقارنة بارتفاع التكاليف فى دول عربية أخرى، فعلى سبيل المثال دولة الإمارات التى ترتفع عن مصر بنسبة 121%، وقطر أعلى بـ149.5%، والكويت أعلى بـ113%، وفقاً لمؤشر Numbeo العالمى لعام 2017.

{long_qoute_3}

وفى هذا السياق، قال الدكتور أشرف الشيحى، رئيس الجامعة المصرية الصينية، إن إنشاء مدينة تعليمية جديدة للعلوم والابتكار بالعاصمة الإدارية الجديدة، من خلال تدشين العديد من أفرع الجامعات الأجنبية داخل مصر، يمثل نقلة نوعية فى منظومة التعليم العالى، ويساعد كثيراً على الوجود فى التصنيفات الدولية، منها التصنيف البريطانى Qs، والصينى شنغهاى، فى ظل وجود عدد أقل من الجامعات فى هذه التصنيفات الدولية، وأوضح أن اهتمام الحكومة بجذب المزيد من الجامعات الأجنبية دليل على دخول مصر عصر النهضة والاستثمار فى العقل البشرى، مضيفاً أن الجامعة الصينية وقعت العديد من الاتفاقيات الدولية مع عدد كبير من جامعات العالم، التى تتنوع بدرجات علمية ولديها تصنيف دولى، أهمها اتفاقية تعاون مع جامعة جياوتونج الصينية فى هندسة البرمجيات، مؤكداً أن الجامعة بصدد توقيع اتفاقية أخرى خلال الفترة المقبلة لقسم الإنشاء والتنفيذ بكلية الهندسة مع نفس الجامعة الصينية.

وقال طارق خليل، رئيس جامعة النيل، إن إنشاء فروع لبعض الجامعات الأجنبية فى مصر هو بمثابة مواءمة مع الجامعات الخاصة، وذلك بهدف تحسين مستوى خدمة التعليم الجامعى، موضحاً أنه إذا كان هدف المستثمر تعظيم الربح فسيكون الاستثمار فى الجامعات الأجنبية هو البديل الأمثل، مؤكداً على دور افتتاح أفرع للجامعات الأجنبية بالعاصمة الإدارية فى تعزيز الصلات بين منظومة التعليم العالى فى مصر ومثيلاتها فى الدول المتقدمة، وطالب خليل الدولة بالاهتمام والتوسع فى الجامعات الأهلية التى تعمل على تحسين مستوى التعليم على غرار الجامعات العالمية، لأنها لا تهدف لتحقيق أرباح، الأمر الذى يجعل تكلفتها أقل من الجامعات الأجنبية الخاصة، مشيراً إلى سعى جامعة النيل للتوسع وإنشاء فروع أخرى، وذلك بعدما أثبتت نجاحها وتحقيقها ثورة تعليمية فى مجال التكنولوجيا.

ومن جانبه قال محمـد فريد خميس، رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، ورئيس مجلس أمناء الجامعة البريطانية بالقاهرة، إن تجربة إنشاء الجامعة البريطانية فى مصر كانت ناجحة بكل المقاييس، ودفعت لتحسن العملية التعليمية فى العديد من التخصصات، خاصة أن الجامعة لا تستهدف تحقيق الربح، ولكنها تستهدف فى الأساس تطوير المنظومة البحثية، وزيادة أواصر التعاون مع الجامعات البريطانية والعالمية المتقدمة، ودعا «خميس» العديد من المستثمرين لمحاكاة تجربة إنشاء الجامعة البريطانية، والدخول إلى هذا المجال، قائلاً «هذا دور رئيسى لدعم التنمية الاقتصادية وتطوير المساهمة المجتمعية لمجتمع الأعمال الخاص فى مصر»، وكشف عن رغبة العديد من المؤسسات التعليمية الكبرى حول العالم فى دخول السوق المصرية خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع مسيرة التنمية التى انطلقت فى مصر، وتبشر بأن تتحول الدولة لمصاف الدول المتقدمة والمزدهرة فى المستقبل.

وأضاف الدكتور عادل المهدى، أستاذ الاقتصاد الدولى بجامعة حلوان، أن الجامعات الأجنبية تتميز بالإنفاق الوفير على البحث العلمى وتحسين العملية التعليمية، موضحاً أن مصر لديها العديد من المحفزات إذا فتحت الباب للجامعات الأجنبية، وطالب بالتوسع فى الجامعات الأجنبية لاستيعاب أكبر قدر من الطلاب ما يعود بالنفع على تحسين الجودة التعليمية، موضحاً أن الاستثمار فى الجامعات الأجنبية يُعد استثماراً غير مباشر، لأنه تحكمه ضوابط وقواعد مختلفة، حيث إن أغلبية فروع الجامعات الأجنبية بمصر عبارة عن وكلاء لتلك الجامعات بالخارج، كالجامعة البريطانية والألمانية والروسية، وتخضع للإشراف من وزارة التعليم العالى أو المجلس الأعلى للجامعات، على عكس الجامعة الأمريكية لديها قانون خاص امتداداً لقانون الجامعة الأمريكية بالولايات المتحدة.


مواضيع متعلقة