"3 في مهمة إنسانية".. "الوطن" مع أبطال إنقاذ ركاب محطة مصر: "ربنا يجيركم من النار"

كتب: دينا عبدالخالق وماريان سعيد

"3 في مهمة إنسانية".. "الوطن" مع أبطال إنقاذ ركاب محطة مصر: "ربنا يجيركم من النار"

"3 في مهمة إنسانية".. "الوطن" مع أبطال إنقاذ ركاب محطة مصر: "ربنا يجيركم من النار"

في تمام الساعة 9:39 صباحا، وعلى رصيف نمرة 6، كان كل شيء هادئ حتى دخل جرار القطار مسرعا، ليحدث الاصطدام المروع، وتشتعل النيران في أجساد الركاب الأقرب للجرار المشتعل نتيجة انفجار "تنك الوقود"، ويصبح الفزع والهلع سيد الموقف في صفوف كل من في المحطة، إلا أن المأساة، خرج من رحمها أبطال، لإنقاذ مصابي ضحايا الحادث، هم عمال أكشاك الشركة الوطنية لإدارة عربات النوم، فبعد أن كانت كل الأكشاك سواء، أصبحت الأقرب لنهاية الرصيف أخطر من غيرها.

فيديو متداول لبطل يرتدي الأبيض والاسود يظهر بظهره وهو يطفئ الحريق، وتنهال التعليقات والدعوات له "ربنا يجيرك من نار جهنم زي ما بردت نارهم يا بطل"، ولكنه في حقيقة الأمر، لم يكن بطل واحد فقط، بل أنها بطولة جماعية لثلاثة من عمال الشركة الوطنية لإدارة عربات النوم، هم "وليد مرضي" و"محمد عبد الرحمن"، و"محمد ذئب"، عمال الأكشاك الثاني والثالث والرابع بالترتيب الأقرب لموقع التصادم والحريق، واحد منهم هو من ظهر بالفيديو المتداول، ولكن الثلاثة شاركوا في عملية الإنقاذ.

{long_qoute_1}

"مخفتش النار تاكلني أو يحصلي حاجة، واتعاملت بالفطرة"، كلمات وليد مرضي حسن، ابن المنوفية، والذي يعمل بمحطة مصر منذ أكثر من 17 سنة، وظهر في الفيديو المتداول، لحظة إنقاذه للمواطنين على رصيف المحطة، فهو الذي يعمل بالكشك الثاني، الأقرب للرصيف موقع الحريق.

موعد الاصطدام المروع بالقرب من رصيف نمرة 6، كان يتزامن مع موعد ورديته الصباحية، "خدت بالي من سرعة القطار على القضبان، كان فارق بيني وبين الانفجار 4 متر، والصوت لفت انتباهي، طلعت أجري من مكاني، لقيت النار ماسكة في كل الناس"، لم يكن لدى "مرضي" الوقت للصدمة من هول الحادث، فتحرك بديهيا، وجاء بجركن المياه، الذي كان بحوزته في الكشك رقم 2.

وبدأ يطفئ نار المصابين، وبعد أن نفذت المياه، أسرع لإحضار "بطانية وطفاية حريق"، ليتمكن من إنقاذ 7 حالات، "غير الناس اللي ماتت قدام عيني ومقدرتش أعملهم حاجة، النار كانت طالعة من الجرار حوالي 15 مترًا".

ولم يلتفت "مرضي"، لـ"فيسبوك"، والصورة المتداولة له لحظة إطفاء نيران المصابين، كل ما همه وقته إنقاذ المصابين، الذي اعتبرهم أهله وناسه، "مش فارق معايا ابقى أشهر واحد أو حد يقول إني أنا اللي ظهرت، ومش منتظر تكريم ولا مكافأة، أهم حاجة عملت اللي يمليه عليا ضميري".

{long_qoute_2}

محمد عبد الرحمن، العامل بالكشك الثالث في الترتيب، كان الأول في الإسراع نحو إنقاذ المصابين، فلم يفكر في إنقاذ نفسه، بل سارع نحو الآخرون الذين التهمتهم النيران، وصرخوا مستغيثين طلبا بالمساعدة، ليحمل "جركن" المياه، الذي كان بالقرب منه سريعا، ويخرج لإطفاء أول من قابله على سلم نفق للمشاة بالرصيف الذي شهد الحادث.

يحكي "عبدالرحمن" البالغ من العمر ٣٢ عاما، والمقيم بمحافظة الشرقية لـ"الوطن" عن الحادث، الذي أصيب فيه زميله في الكشك الأول، ويدعي محمد عادل، ونقل للمستشفى مع بداية الحادث، أنه تحرك سريعا بمشاعر الإنسانية والتبرع الكامنة داخله كونه أبا لطفلين، لإنقاذ طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره بعد سقوطه بين القضبان، لإخماد الحريق المشتغل به بالطانية، التي كان يستعين بها لتحميه في أيام برد الشتاء القارص، "الطفل ده أول ما شوفته والنار قايدة فيه افتكرت عيالي، وجريت عليه اطفيه، ببطنيتي، صورته مش عايزة تفارق عيني".

{long_qoute_3}

بطل ثالث، خرج لإنقاذ المصابين في الحادث، هو محمد الذئب، الذي يعمل في الكشك الرابع، التابع للشركة الوطنية لإدارة عربات النوم، وكان يقف محاولا إلمام ما تبقى من السلع الغذائية، التي أصابها الحريق بسرعة مرددا كلمات "الحمد لله"، بعد أن تمكن من النجاة من الحادث المفزع، الذي كان على بعد أمتار منه.

"لقينا صوت بيقول لنا اطلع بسرعة، الحقوا الناس"، كانت هذه الكلمات كفيلة بهرولة الذئب خارج الكشك ليجد أمامه العديد من المصابين بحرائق، اندلعت النيران بأجسادهم، ليحاول إخمادها بالبطانية، إلا أنه توفى بين يديه، طفل من شدة الحريق، الذي التهم جسده، ولكنه توقف لثواني معدودة من هول الصدمة، ليعاود إنقاذ 10 مصابين أشخاص آخرين كانوا بمواجهة الجرار المشتعل.

وأصعب مشهد، رآه الذئب، وهو في مهمة إنقاذ الضحايا، كان التهام النيران جسد صديقه المقرب أمام عينه، والذي كان أحد عمال النظافة بالمحطة، "لحظات عمري ما هنساها في حياتي، ربنا يرحمه، كان أخويا وصاحبي، ويرحم كل شهداء الحريق".


مواضيع متعلقة