القطن المصري ينتصر في الحرب العالمية.. والحكومة تسعى للحفاظ على عرشه

كتب: محمود الجمل

القطن المصري ينتصر في الحرب العالمية.. والحكومة تسعى للحفاظ على عرشه

القطن المصري ينتصر في الحرب العالمية.. والحكومة تسعى للحفاظ على عرشه

الزراعة عماد الثروة في مصر منذ القدم ولها المكانة الأولى في الاقتصاد القومي وبشكل خاص في النصف الأول من القرن الـ19 الزراعة المصرية، تطورت ظاهرا وملموسا في عهد محمد علي باشا وكانت لها المكانة الأولي في فترة حكمه التي امتدت في الفترة من 1805 وحتى عام 1848.

وأشار الكاتب والمؤرخ الاقتصادي الكبير الدكتور أحمد أحمد الحتة، في كتابه تاريخ الزراعة المصرية في عهد محمد علي عام 1950، إلى أن الزراعة المصرية مَدينة لمحمد علي بالشيء الكثير فقد عمل على إصلاح الأراضي وتوفير المياه لزراعتها، ما أدى إلى زيادة مساحتها ومقدرتها على الإنتاج كما اعتنى بالري فاتخذ الإجراءات اللازمة لحفظ الزروع من الغرق أثناء فيضان النيل.

ويضيف الكاتب أن مساحة الأراضي الزراعية زادات نتيجة لتحسين الري وإصلاح الأراضي فبعد أن كانت 3.054 مليون فدان سنة 1813 زادت إلى 3.5 مليون فدان سنة 1835.

ويؤكد الحتة أن محمد علي "أنه لما زرع محمد علي في الأقاليم المصرية بعض مزروعات جديدة وهي السكر والقطن والنيلة والكندر والكتان وكان الزارعون غير ماهرين بعلم الزراعة استجلب محمد علي معلمين ماهرين فجلب من آسيا الصغري خبراء في زراعة القطن واستدعى كذلك جرجي هاوس الأمريكي الخبير بزراعة القطن".

ويضيف الحتة، في كتابه، أنه نتيجة الاتساع في زراعة بعض الحاصلات وعلى رأسها القطن، أن تغير توزيع الغلات الزراعية عما كان عليه في أوائل القرن 19.

{left_qoute_1}

 وأوضح أن من الأسباب الرئيسية في نقص زراعة القمح ترجع إلى إنتاج القطن بكثرة وبلغت مساحة القطن نحو 35% من أراضي النواحي التي كان الري فيها سهلا، وزاد محصول مصر من القطن ليحقق أكثر من سدس قيمة الإنتاج السنوي في مصر كانت مصر تزرع القطن قبل تولي محمد علي ولاية مصر ولكنه كان قصير التيلة خشن الملمس أقل مرتبة من قطن البنغال في الهند ولكن في عام 1821 اكتشف مدير مصانع محمد علي ببولاق فرنسي الجنسية "قطن محو" وهي فصيلة كانت تزرع كنبات زينة في حديقة محو بك في القاهرة تجلب من الهند، فلما رأى جوميل تفوقه علي القطن البلدي رفع الأمر إلى محمد علي والذي أمر بزراعته فورا وأطلق عليه "قطن جوميل".

وكشف الحتة في كتابه، أن محمد علي أكثر من زراعة القطن فزادت صادراته إلى الخارج من 944 قنطارا عام 1821 إلى 35 ألف قنطار في سنة 1822 وواصلت الارتفاع عام 1824 إلى 159426 قنطارا ثم في عام 1850 ارتفعت كمية الصادرات من القطن إلى 364816 قنطارا بسعر 11.25 ريال.

{left_qoute_2}

وبعد تلك الحقبة الزمنية تصدر القطن المصري العالم أجمع وأصبح القطن المصري أو "قطن جوميل" طويل التيلة رقم 1 في العالم، وتدور الأيام دورتها من جديد ليكون القطن المصري هو العامل الرئيسي لسداد ديون مصر الخارجية، حيث رصد الكاتب والمؤرخ الاقتصادي الكبير الراجل جلال أمين في كتابه "قصة الاقتصاد المصري" أن مصر استمرت بعد نشوب الحرب العالمية الأولى في تحقيق فائض في ميزانها التجاري بسبب الارتفاع الكبير في أسعار القطن العالمية وصعوبات كبيرة في استيراد أوروبا للقطن بسبب الحرب.

وأضاف "أمين" أن نقطة التحول الأساسية في تطور ديون مصر الخارجية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، إذ استطاعت مصر خلالها ليس فقط أن تسدد بقية ديونها بل أن تتحول مصر من دولة مدينة إلى دائنة، وهكذا أسدلت سنوات الحرب العالمية الثانية على مرحلة طويلة كئيبة من تاريخ المديونية الممتدة نحو 80 عاما، فلم يتم سداد الديون الخارجية التي بدأها سعيد باشا في عام 1862 إلا بقانون تمصير الدين في عام 1943 وخرجت مصر من الحرب العالمية الثانية دائنة لبريطانيا بمبلغ 340 مليون جنيه وكان أحد العوامل الرئيسية في ذلك الصادرات المصرية من القطن.

ولأن القطن سلعة استراتيجية لم يعفِ عليها الزمان، عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، منذ أيام، اجتماعا؛ لبحث مقترحات وسبل الحفاظ على مكانة القطن المصري، وذلك بحضور وزراء التموين، والزراعة، والتجارة والصناعة، وقطاع الأعمال.  

{left_qoute_3}

وكان هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام قد أعلن نهاية العام الماضي 2018 ملامح الاستراتيجية التي أعدتها اللجنة الوزارية المشتركة بشأن إعداد تقريرٍ وافٍ، وخطة تحرك للحفاظ على مكانة القطن المصري وسمعته العالمية والاستفادة القصوى من إنتاجيته، سواء باستخلاص الزيوت أو في مجال الصناعة، والتي من بينها تحديد المساحة المنزرعة بالقطن، بناء على حجم الطلب المحلي والعالمي، وتعظيم دور الدولة في استلام القطن من المزارع وتسليمه للمحالج، فضلا عن إعادة تهيئة البنية التحتية من محالج ومصانع للغزل والنسيج، ومراعاة تعميق الصناعة بدلا من تصدير القطن الخام والإنتاج بجودة تمكّن من التنافس في الأسواق العالمية؛ لإعادة الأقطان المصرية طويلة التيلة وفائقة الطول لما تستحقه من مكانة وحصة سوقية بالسعر المربح، وذلك في إطار متابعة التكليف الموجه للوزراء المعنيين، خلال الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء الأسبوع الماضي وتضمنت الاستراتيجية مقترحًا بالتعاون مع منظمة "UNIDO"، لتطبيق معايير "BCI" بداية من موسم 2021 ومكافأة المزارعين الملتزمين بها.

وأشار وزير قطاع الأعمال العام، إلى أنه جارِ تنفيذ خطة شاملة لتطوير صناعة الغزل والنسيج بتكلفة تتجاوز 25 مليار جنيه، تم إعدادها على مدى 3 سنوات في الشركة القابضة للغزل والنسيج، من خلال إعادة هيكلة المحالج القائمة وإعادة هيكلة شركات الغزل والنسيج، وانتقاء الكوادر الفنية والإدارية وتحسين منظومة الأجور وربطها بالإنتاجية والربحية.


مواضيع متعلقة