"ذا جارديان": "وارسو" تكشف ابتعاد ترامب عن الموقف الأوروبي تجاه طهران

"ذا جارديان": "وارسو" تكشف ابتعاد ترامب عن الموقف الأوروبي تجاه طهران
ذكرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، أن موقف الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران في قمة "وارسو"، يبين إلى أي مدى كم هي بعيد عن الموقف الأوروبي حيال "طهران".
وأضافت: "من الواضح أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا لا تعجبهم سياسات ترامب مع إيران، لكن ذلك ليس كافياً لإيقافه.
هل يدرك وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو حجم الغباء الذي يظهر به وهو يتخبط في أنحاء أوروبا، ويطلق عبارات تافهة حول مدى التزام دونالد ترامب بـ(النظام الليبرالي الجديد)، وأمريكا بأنها (قوة من أجل الخير) في الشرق الأوسط؟، يبدو أنه لا يدرك فعلاً.
مهما يكن الأمر، فإن بومبيو ليست لديه رؤية دبلوماسية واضحة، ولكن بفضل ترامب، أصبحت وظيفته الأساسية منذ أبريل من العام الماضي هي وزارة خارجية الولايات المتحدة، التي يمكن القول إنها المنصب الدبلوماسي الأكثر تأثيراً في العالم، وعلى الرغم من ذلك، فإن سياسته تبدو متعثرة في مؤتمر وارسو الذي كان أشبه بمظاهرة دولية للضغط على إيران".
وتابعت: "وفي نفس الأسبوع الذي احتفلت فيه إيران بالذكرى الأربعين للثورة الإسلامية، نظم بومبيو مظاهرة خاصة به، حيث كان حلفائه من جمع الدول في أوروبا والعالم العربي، ظهروا في استعراض بقيادة الولايات المتحدة، لإقناع نظام الملالي بالتخلي عن أنشطته "الخبيثة، وما حققه هذا التعثر الخاطئ ليس إلا أنه كشف الانقسامات العميقة والمتسعة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
إنه على الرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية قامت في وقت متأخر بتوسيع نطاق المؤتمر، فإن وزراء خارجية فرنسا وألمانيا قد قاطعوا تصريحات بومبيو المغلوطة ضد طهران، وكذلك فعلت فيديريكا موجيريني، رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، والتي لعبت دوراً رئيسياً في تأمين الصفقة النووية لعام 2015 مع إيران، والتي انسحب منها ترامب العام الماضي، حيث أن الاتحاد الأوروبي يعتبر موقف ترامب ضد إيران خطير وسيؤدي إلى نتائج عكسية".
وأشارت إلى أن حرب الاستنزاف التي ينتهجها "ترامب" ضد "طهران" تتسارع بسرعة، ولا تفوته أي فرصة لتشويه سمعة إيران على أنها "الدولة الرائدة في العالم في رعاية الإرهاب"، وهي عبارة كررها وسط التصفيق الجمهوري في خطاب حالة الاتحاد الأسبوع الماضي، وتهدد إدارة "ترامب" بمتابعة العقوبات الأمريكية، وبإلغاء إعفاءات الواردات النفطية للإيرانيين مثل إيطاليا واليونان، ومثل هذا يدفع بقوة لتقويض جهود الاتحاد الأوروبي للحفاظ على التزام "طهران" بالصفقة النووية من خلال الحفاظ على التجارة غير الدولارية.
في حين أن بومبيو ومايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، يصفان مؤتمر وارسو بأنه محاولة لخلق شرق أوسط أفضل وأكثر استقرارًا، فمن الواضح أكثر من أي وقت مضى أن هاجس ترامب لإيران يشوه أهداف السياسة الأمريكية طويلة الأمد للشركاء الإقليميين في المنطقة، حيث كان الدافع وراء قرار ترامب المتسرع بسحب القوات الأمريكية من سوريا، الذي عارضه حلفاء الناتو والكونجرس والجنرالات في البنتاجون، كان في المقام الأول هو رغبته في إعادة نشر هذه القوات لمراقبة إيران، وللقيام بذلك، يبدو أنه يخطط لتوسيع القواعد الأمريكية المتبقية في العراق.
بعد ثماني سنوات من إنهاء باراك أوباما لحرب العراق، فإن قيادات وأحزاب العراق الشيعية، ذات العلاقات الوثيقة مع إيران، منزعجة بشكل ما من احتمال عودة الأمريكيين، واستخدام بلادهم كقاعدة انطلاق لصراع جديد، أما الأقلية السنية في العراق فهي ليست معنية بهذا الشأن.
وفي الوقت نفسه، يشعر الحلفاء الأوروبيون بالفزع من القرارات التي يتخذها "ترامب"، فعلى الرغم من احتشاد داعش هذا الأسبوع في جنوب شرق سوريا، فإنهم يرون أن انسحاب القوات الأمريكية السابق لأوانه، دعوة إلى الجهاديين لتجميع أنفسهم للقتال في يوم آخر، وهم يرون ذلك بمثابة استسلام استراتيجي لروسيا وقبول ضمني ببقاء بشار الأسد، ويرون أنها خيانة للحلفاء الكرديين وضوء أخضر للزعيم الأوتوقراطي لتركيا، رجب طيب أردوغان، لمهاجمتهم.
ومن بين المخاوف الأوسع نطاقاً بين أعضاء الإتحاد الأوروبي هو التحالف البديل الذي يلتف حول راية ترامب، مثل إسرائيل والقادة السعوديين والخليجيين بصف عامة، وأعداء إيران العديدين في الشرق الأوسط ، موجودون بالفعل في وارسو، حيث انهم يشجعون البيت الابيض على مسار تصادمها مع طهران، ورئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، هو مشارك مهم في المؤتمر، حيق أنه حالياً يشن غارات جوية يومية تقريباً ضد أهداف إيرانية تم الإبلاغ عنها داخل سوريا، بموافقة من ترامب.
إن بعضا من الدول الأخرى المشاركة في المؤتمر وعلى رأسها بولندا، الدولة المستضيفة للمؤتمر، يشاركون ميول ترامب العدوانية القومية الشعوبية في طريقة تفكيرهم، فإذا أرادت الولايات المتحدة ملاحقة إيران، فليكن كذلك، ولكن من غير الواضح للإدارة الأمريكية على ما يبدو، أن المشاكل في فلسطين، واليمن، وإدلب، ومصر، والسعودية، والسودان، ومجموعة من المشاكل الأخرى تعتبر أكثر معاكسة لاستقرار الشرق الأوسط على المدى الطويل من إيران".
واختتمت الصحيفة البريطانية تقريرها: "تمثل مسيرة حرب بومبيو ضد إيران في وارسو مرحلة أخرى من مراحل عملية ترامب المتعمدة لتقسيم وتعطيل التحالف الغربي، وتحويله إلى درجة كبيرة من التفكك، وإذا لم يكن هذا واضحًا بالفعل، فإن هذا الهجوم الحاد على إيران هذا الأسبوع، يدل على أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا لم تعد قادرة على الاعتماد على القيادة الأمريكية التي يجب أن تكون عقلانية ومتوازنة، ولا تستطيع إيران الاعتماد على القوى الأوروبية لوقف حرب ترامب القادمة".