الخلافات الروسية الإيرانية حول سوريا «2»
- أمن إسرائيل
- إسرائيل ب
- إسرائيل ت
- إطلاق النار
- إعادة الإعمار
- استغلال نفوذ
- الأراضى الزراعية
- الأراضى السورية
- الأمن القومى
- التخلص منه
- أمن إسرائيل
- إسرائيل ب
- إسرائيل ت
- إطلاق النار
- إعادة الإعمار
- استغلال نفوذ
- الأراضى الزراعية
- الأراضى السورية
- الأمن القومى
- التخلص منه
كان أول مقالاتى لعام 2019 «سوريا على مائدة اللئام!!»، وسرعان ما نشبت الخلافات بينهم.. إيران ضخت قوات وموارد ضخمة، فقدت آلاف الضحايا لترسيخ وجودها كقوة ذات نفوذ، قدّرتهم الـ«فورين بوليسى» الأمريكية حتى يونيو الماضى بـ2000 قتيل، بخلاف خسائر مماثلة منى بها حزب الله، أما حجم إنفاقها فيقدر بـ105 مليارات دولار منذ بداية الأزمة.. إيران بدأت تستشعر سعياً روسياً لتهميشها فى كل ما يتعلق بإعادة ترتيب الأوضاع بعد انتهاء الحرب، فى الوقت الذى تسعى فيه لعقد صفقات مع إسرائيل وأمريكا تتعلق بمستقبل الأوضاع فى سوريا.
إيران دخلت سوريا لضمها إلى «حلف المقاومة»، الذى يسعى للتصدى للنفوذ الأمريكى ومواجهة التهديدات الإسرائيلية، ولتكون حلقة الوصل بين نفوذ طهران فى العراق ولبنان، غير أن التدخل المباشر للقوات الروسية، سبتمبر 2015، فرض عليها توازنات القوة العظمى، دولياً وإقليمياً، مما أوجد خلافات أساسية، توافق الطرفان على تجاوزها تحت وقع المعارك.. لكنها ظهرت إبان مراحل التسوية السياسية؛ فى بداية مسار أستانة لم تكن إيران راضية عن وقف إطلاق النار، وسعت لخلق عراقيل ميدانية، وحرضت التنظيمات المسلحة على مقاطعة الاجتماعات، ما دفع «لافروف» لمعايرتها علناً بأن وجود المستشارين الإيرانيين، وآلاف من عناصر الميليشيات التابعة لها، لم يكن ذا قيمة، ولكن التدخل الحاسم للقوات الروسية، هو الذى حال دون السقوط المؤكد للعاصمة فى أيدى الإرهابيين.
دمشق ترتبط مع طهران باتفاقيات للتعاون العسكرى والاستراتيجى، تسمح للقوات الإيرانية بالتمركز على الأراضى السورية، سوريا طلبت من روسيا السماح لإيران بإنشاء قاعدة جوية بالقلمون وأخرى بحرية فى بانياس، لكنها رفضت، متذرعة بالرفض الدولى لحصول طهران على موطئ قدم يطل على المتوسط، والحقيقة أنها ترفض تعزيز إيران لنفوذها بسوريا، أو ممارسة دور فعال فى صياغة التسوية السياسية، مما يفسر عدم دعوتها للمشاركة فى اجتماع إستانبول الأخير، الذى اقتصر على فرنسا وألمانيا وتركيا وروسيا «أكتوبر 2018».. إسرائيل تمنى روسيا باستغلال نفوذها فى واشنطن لإبرام صفقة ترفع العقوبات عنها، وتصلح علاقاتها بواشنطن، مقابل تحجيم الدور الإيرانى.
الخلافات لها وجه آخر اقتصادى؛ روسيا أنفقت المليارات فى الحرب السورية، وهى تأمل أن تفوز شركاتها بنصيب الأسد من تعاقدات إعادة الإعمار، لكن إيران حصلت على رخصة تشغيل الهاتف المحمول ووقعت عقوداً تسمح باستخراج الفوسفات، وحصلت على 5000 هكتار من الأراضى الزراعية و1000 لبناء المنشآت والمصافى النفطية، وإنشاء مزارع تربية للحيوانات، وتقوم جهات إيرانية بشراء عقارات فى دمشق ومحيطها، لتتمكن من السيطرة على تلك المناطق الاستراتيجية، كما تعزز قبضتها على المزارات الشيعية فى البلاد، مما يتعارض والطموح الروسى، ويفرض التخلص منها كمنافس.
«بوتين» عقب لقائه بـ«الأسد» فى سوتشى «مايو 2018»، أكد أنه «مع بداية المرحلة الأكثر نشاطاً من العملية السياسية، ستنسحب القوات الأجنبية المسلحة من الأراضى السورية»، وألكسندر لافرتينيف، مبعوثه الخاص لسوريا، أوضح «أن هذا الانسحاب يشمل إيران».. الحكومة السورية بادرت بتأكيد أن انسحاب أو بقاء القوات الموجودة على أراضيها بدعوة منها، ومن بينها إيران وحزب الله، هو شأن يخص دمشق و«غير مطروح للنقاش»، فى تعاطف واضح مع طهران.. هذا الموقف الروسى انعكاس لخلافات عميقة وقع بعضها فى ميدان القتال؛ مواجهات بين قوات «الفرقة الرابعة» بقيادة ماهر الأسد، وميليشيا الدفاع الوطنى، المدعومة من إيران، وبين الفيلق الخامس وقوات النمر، بقيادة سهيل الحسن، المدعومة من روسيا، بمنطقة سهل الغاب بحماه.. القوات الروسية منعت الميليشيات التابعة لإيران من التوغل بمدينة «الميادين»، 40 كم جنوب شرق دير الزور.. التشكيلات الشيعية التى عملت تحت قيادة «الفرقة الرابعة» رفضت مغادرة المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية، التى اتفقت روسيا مع إسرائيل على إخلائها.. كما اخترقت الهدنة خلال معركة وادى بردى بريف دمشق، بقصف المنطقة واقتحامها، لتفسد المفاوضات التى كانت تجرى برعاية روسية.. الضغوط الروسية أجبرت ماهر الأسد، الأقرب لإيران، على التخلى عن قيادة المعركة ضد المسلحين بالغوطة الشرقية لصالح سهيل الحسن، الأقرب لموسكو.. أمثلة عديدة على مدار الحرب، دفعت روسيا لمطالبة الحكومة بتشكيل لجنة للتفتيش على القواعد العسكرية، وتطهير الجيش، والقضاء على الفساد، بمشاركة بعض الضباط الروس، وهو ما ترى فيه إيران اتجاهاً لتصفية العناصر المؤيدة لها.. كما تولى المستشارون الروس مهمة تدريب «لواء القدس» الفلسطينى فى حلب، ضمن محاولات السيطرة على الميليشيات.
الغارات الإسرائيلية العنيفة على دمشق جزء من الترتيبات المتفق عليها مع واشنطن لتقويض نفوذ إيران وحزب الله بسوريا.. روسيا، المسئولة عن المجال الجوى السورى، تقف باستمرار متفرجة، متجاهلة أن تدمير الغارات الإسرائيلية لمنصات صاروخية روسية الصنع من طرازى «بوك وبانتسير»، وتعطيل منظومة «S-300» يمثل إهانة ومساساً بسمعة السلاح الروسى، لكنها اكتفت بتسريبات تؤكد أن الصدام سببه أنها تعهدت لإسرائيل بتحريك القوات الإيرانية بعيداً عن الحدود، لكنها لم تفعل، نتيجة للتعنت الإيرانى.
إسرائيل كشفت عن زيارة وفد عسكرى روسى مهمته الاتفاق على قواعد التنسيق بينهما لتجنب الاحتكاك، خلال عملياتها ضد إيران وحزب الله فى سوريا، أعقبته زيارة ألكسندر لافرتينيف، مبعوث «بوتين»، وسيرجى ريابكوف، نائب وزير الخارجية، اللذين أدليا بتصريحات صادمة: «الروس والإيرانيون يعملان معاً فى سوريا، لكنهما ليسا حليفين.. روسيا تدرك أهمية الحفاظ على أمن إسرائيل، وهو من المسلمات التى لا تعلو فوقها تفاهمات»!!.. هذا التوجه يؤكد صواب نصيحة مائير إيشيل، قائد سلاح الطيران الإسرائيلى السابق، لـ«نتنياهو» ورئيس الأركان، بأن الاعتماد على روسيا سيكون أفضل من أمريكا، فيما يتعلق بتحقيق أهداف إسرائيل فى سوريا، خاصة فيما يتعلق بإنهاء الوجود الإيرانى.. حشمت الله فلاحت، رئيس لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية بالشورى الإيرانى، اتهم روسيا بالتواطؤ مع إسرائيل، بحيث يتم تعطيل منظومة الدفاع الصاروخى «إس 300» أثناء الغارات الإسرائيلية، وعلى شمخانى، أمين مجلس الأمن القومى، هدد بوصول صواريخ عالية الدقّة إلى المقاومة فى لبنان وغزّة «للرّد على حماقات إسرائيل»، وبدأت عملية تجهيز تشكيلات من الحشد الشعبى العراقى، استعداداً لدفعها لسوريا، لدعم ميليشيات الحرس الثورى وحزب الله.. يبدو أن حرب الإرهاب فى سوريا تتجه نحو نهايتها.. لتبدأ بعدها «حروب اللئام».