الكنيسة القبطية: حضور دينى واجتماعى مصرى فى أدغال إفريقيا

الكنيسة القبطية: حضور دينى واجتماعى مصرى فى أدغال إفريقيا
- أم درمان
- أنحاء العالم
- أول زيارة
- الأنبا باخوميوس
- البابا تواضروس الثانى
- البابا شنودة
- أحياء العاصمة
- أديس أبابا
- أم درمان
- أنحاء العالم
- أول زيارة
- الأنبا باخوميوس
- البابا تواضروس الثانى
- البابا شنودة
- أحياء العاصمة
- أديس أبابا
تمتلك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية علاقات متجذرة مع أفريقيا ترجع إلى القرون الأولى للمسيحية، إذ كان كرسى بابا الإسكندرية هو المهيمن والتابعة له الكنائس فى إثيوبيا وإريتريا والسودان، وكما مرت السياسة فى مصر بحالة من المد والجزر مع أفريقيا خلال السنوات الماضية، كان حال الكنيسة القبطية، إلا أنه مع عودة مصر إلى أحضان القارة السمراء من جديد مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الجمهورية فى 2014، تزايد معه نجم الكنيسة القبطية فى أفريقيا من جديد عبر التوسعات والافتتاحات التى تواكبت مع رغبة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى الوصول بالكنيسة إلى كل قبطى فى كل أنحاء العالم وبالقلب منه أفريقيا.
فحسب المراجع القبطية، كان الأنبا سلامة، هو أول مطران يرسم لرئاسة الكنيسة الإثيوبية على يد البابا أثناسيوس الرسولى عام 326 ميلادى، والذى ترجم لأول مرة القداس المرقسى لغة أخرى وهى «الأمهرية» لغة أهل إثيوبيا، وتولى رسم بابوات الكنيسة المصرية لمطارنة الكنيسة الإثيوبية حتى عام الذين بلغوا 111 مطراناً حتى عام 1959، حينما انفصلت الكنيسة الإثيوبية عن مصر فى عهد البابا كيرلس السادس، ثم تبعها بعد ذلك انفصال الكنيسة الأريترية عام 1993، فى عهد البابا شنودة الثالث.
ورغم هذا الانفصال بين كنيستى إثيوبيا وإريتريا عن مصر، إلا أنه استمرت العلاقات بين الكنائس الثلاث، حيث تشارك فى عملية اختيار وتجليس بابا الإسكندرية، كما تشارك الكنيسة القبطية فى عملية اختيار بطاركة إثيوبيا وإريتريا، كما أن العلاقات بين رؤساء الكنائس اتسمت بالود والمحبة، وتبادل الزيارات، التى وصلت لأوجها فى عهد البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، حيث اختار الأنبا متياس، بطريرك الكنيسة الإثيوبية الحالى، فور تجليسه بطريركاً على الكنيسة الإثيوبية، أن تكون أول زيارة له إلى مصر لزيارة البابا تواضروس الثانى، وهى الزيارة التى تمت فى يناير 2015، وقام البابا تواضروس بزيارة تاريخية إلى أديس أبابا فى سبتمبر من نفس العام.
وحاولت الكنيسة القبطية القيام بدور مساعد لجهود الدولة المصرية بما تمتلكه من مخزون روحى مع إثيوبيا فى المساعدة خلال مفاوضات سد النهضة الإثيوبى، وكثفت الكنيسة القبطية من جهودها لدعم الشعب الإثيوبى، خاصة عبر افتتاح المدارس القبطية هناك، وإرسال القوافل الطبية.
{long_qoute_1}
وفيما كان الحال كذلك فى إثيوبيا وإريتريا، كان الدور المصرى فى السودان جزءاً أساسياً فى تكوين المجتمع السودانى، لما كانت مصر والسودان وحدة واحدة طوال تاريخهما، ورسمت وما زالت الكنيسة المصرية الأساقفة فى السودان لرعاية الأقباط هناك وبمرور الوقت تحول كرسى السودان فى 29 يونيو 1947م إلى إيبارشيتين، لكل منهما مطران؛ الأولى: إيبارشية الخرطوم والجنوب، الثانية: إيبارشية أم درمان والشمال، ولدى الكنيسة هناك نحو 23 كنيسة منتشرة فى أماكن مختلفة بالسودان، فضلاً عن امتلاكها العديد من المدارس القبطية، والجمعيات الأهلية.
كما تمتلك الكنيسة القبطية كنائس فى ليبيا منها كنيسة القديس «مارمرقس الرسول»، فى طرابلس بليبيا، وكنيسة «العذراء ومارجرجس» بمصراتة، وكنيسة الأنبا أنطونيوس فى بنغازى، وهى الكنائس التى يشرف عليها رسمياً الأنبا باخوميوس، مطران مطروح والبحيرة والمدن الخمس الغربية، ولكن تلك الكنائس أوقف العمل بها بعد الهجمات الإرهابية التى تعرض لها الأقباط فى ليبيا عقب انتفاضة 2011.
تلك الجذور التاريخية التى تمتلكها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فى القارة السمراء، دفعت البابا تواضروس الثانى، منذ جلوسه على سدة الكرسى المرقسى، لتوطيدها وتعزيز الوجود الكنسى فى المجتمع الأفريقى، فتزايد عدد الكنائس والمنشآت الكنسية التى تمتلكها الكنيسة هناك خاصة منذ 2014 وحتى اليوم.
ويتولى إدارة الملف الأفريقى إلى جانب البابا، الأنبا أنطونيوس مرقس، أسقف عام شئون أفريقيا بالكنيسة الأرثوذكسية، الذى تمت رسامته فى يونيو 1976، بيد البابا الراحل شنودة الثالث، واتخذ له العاصمة الجنوب أفريقية جوهانسبرج مقراً لعمله فى أفريقيا، وحينما زادت الخدمة الكنسية فى أفريقيا رسم البابا شنودة أيضاً الأنبا بولس، أسقف عام الكرازة بأفريقيا فى يونيو 1995، إلا أن وقوع خلافات بين الأسقفين دفع الكنيسة لتقسيم القارة السمراء بينهما، فاختص الأنبا أنطونيوس بعدد من الدول، واختص الأنبا بولس بالأخرى، واستمر الوضع حتى الآن.
وبحسب المراجع الكنسية حول خريطة الوجود الخاص بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى أفريقيا، تشير إلى امتلاكها نحو 14 كنيسة وديراً ومركزاً قبطياً ومستشفى ومراكز للتدريب المهنى وحضانة فى كينيا.
{long_qoute_2}
وتمتلك الكنيسة 3 كنائس فى زائير، و9 كنائس فى جنوب أفريقيا، فضلاً عن العديد من المراكز القبطية، وحرصت الكنيسة على شراء العديد من قطع الأراضى هناك لتأسيس كنائس جديدة عليها مستقبلاً، كذلك تمتلك الكنيسة القبطية كنائس فى ناميبيا، وكنيسة فى ساحل العاج تأسست عام 1997.
ويحسب أن معظم تلك الكنائس التى تجاوزت 40 كنيسة فى 9 دول بأفريقيا، وضعت فى عهد البابا الراحل شنودة الثالث الذى زار أفريقيا 12 مرة خلال وجوده على الكرسى المرقسى، إلا أن الكنيسة فى عهد البابا تواضروس، ذهبت لتضع وجودها لأول مرة فى عدد من الدول الأفريقية، ففى مارس 2017 أعلنت الكنيسة أن الأنبا إيليا، أسقف الخرطوم ودولة جنوب السودان، افتتح أول كنيسة قبطية بدولة جنوب السودان وهى كنيسة سان جورج، كما افتتح أيضاً مدرسة سان مارك، وهى أول مدرسة تابعة للكنيسة القبطية هناك.
وفى فبراير 2018 وضع الأنبا أنطونيوس مرقس، أسقف عام شئون أفريقيا، حجر الأساس لأول كنيسة قبطية بدولة مالاوى فى احتفال مهيب حضره عدد من المسئولين المالاويين وممثلو الطوائف المسيحية، وذلك بعد شهور من وضع الأسقف ذاته حجر أساس أول كنيسة قبطية مصرية فى أوغندا مُلحق بها مجمع خدمات، تحت اسم «كنيسة السيدة العذراء والقديس مارمرقس الرسول القبطية الأرثوذكسية»، وذلك فى أحد أحياء العاصمة كمبالا، وكذلك افتتاح أول كنيسة فى ليبرفيل عاصمة الجابون، والتى تحمل اسم «السيدة العذراء مريم والقديس مارمرقس الإنجيلى».
أما توجو فقد قام رئيسها فورى جناسينجبى، بزيارة المقر البابوى بالكاتدرائية ولقاء البابا تواضروس مرتين؛ الأولى فى 2016 والثانية فى 2017، وزيارة الأديرة القبطية بل وحضور العظة الأسبوعية للبابا، وقام رئيس توجو خلال الزيارة الثانية بتسليم البابا عقد بناء أول كنيسة مصرية بتوجو رغم قلة عدد الأقباط هناك.
هذا الوجود القوى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، دعمته بإقامة المراكز الثقافية والتغلغل فى المجتمع الأفريقى عبر المستشفيات والمدارس والجمعيات الأهلية وإرسال القوافل الطبية، يساعدها فى تحقيق ذلك العلاقات الجيدة التى أرساها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع كافة الدول الأفريقية خلال السنوات الماضية، وهو الأمر الذى لم تنكره الكنيسة أو البابا تواضروس الثانى، وكرره فى تصريحاته خلال الأعوام الماضية، مقدماً التحية للقيادة السياسية والدبلوماسية المصرية على مساعدتها للكنيسة فى هذا النمو والاتساع للكنيسة المصرية.