رشاح «المنوات» يحاصر أهالى القرية والمستشفى الوحيد خارج نطاق الخدمة

رشاح «المنوات» يحاصر أهالى القرية والمستشفى الوحيد خارج نطاق الخدمة
عدة مشكلات تحاصر ما يقرب من 200 ألف نسمة من سكان قرية «المنوات» بمركز أبوالنمرس بمحافظة الجيزة، أبرزها الرشاح الذى تحول إلى مقلب قمامة كبير للقرى المجاورة، والمستشفى الخيرى الذى لم يتم تشغيله بعد، ليضطر المرضى منهم إلى قطع مسافات بعيدة عن منازلهم للوصول إلى أقرب مستشفى لتلقى العلاج.
معاناة شبه يومية يمر بها صابر سراج، 46 عاماً، سائق ميكروباص، مريض صدر، عندما تشتعل النيران فى قمامة الرشاح المجاور لبيته مباشرة، فيبدأ رحلة البحث عن مكان آخر يبعد عن مصدر الدخان: «مابقدرش أستحمل وبتخنق أول ما أشم ريحة الدخان وبكون لسه مروّح من بيتى بعد يوم شغل مرهق ومتعب بلاقى حد ولع فى الرشاح، باخد الميكروباص وأطلع فى أى مكان بعيد عن الدخان لحد ما يختفى خالص»، الساعات التى يبعد فيها «صابر» عن بيته، يحاول فيها جيرانه إخماد النيران، فالأدخنة تحمل غازات سامة، يستطيع السليم منهم بالكاد التقاط أنفاسه، على حد قول «صابر»، متابعاً: «الدخان بيكون كله غازات سامة ومواد كيماوية ضارة بالصحة، لأن الزبالة اللى بتترمى هنا حيوانات ميتة وبلاستيك ومخلفات خردة»، من حين لآخر تنزل عربة قمامة تابعة لمجلس مدينة الوحدة المحلية بـ«المنوات»، لرفع مقدار حمولة واحدة من القمامة تفسح الطريق فقط للمارة، وهو ما علق عليه «صابر» بقوله: «الحل الوحيد إن الرشاح يتغطى، وبكدا رمى الزبالة هنا هيتمنع».
{long_qoute_1}
تتذكر زينب بسيونى الشريف، 65 عاماً، مأساة أخرى مرت بها لحظة ميلاد حفيدتها، التى ولدتها أمها مريضة صدر، بعدما اكتشف الطبيب هذا بعد مرور ثلاث ساعات فقط من ولادتها، صراخ الطفلة يدوى فى أرجاء المستشفى وأهلها يقفون بجوارها مكتوفى الأيدى، حتى جاء لهم الطبيب وأمر بأن يتم تحويلها إلى مستشفى أبوالريش على وجه السرعة، وبعدما وصلوا إلى هناك طلب منهم الطبيب المعالج إجراء عملية مهمة بعد مرور خمس سنوات، على حد قول «زينب»، متابعة: «وإحنا عند الدكتور المشرف على علاجها فى يوم قال لنا إن الدخان المجاور لبيتنا طول الوقت أثناء فترة الحمل هو السبب فى مشاكل الصدر عند الطفلة، وفضلنا نعالج فيها ولحد الآن بنتابع حالتها مع الدكتور»، لم يقتصر رمى القمامة فى الرشاح على أهالى القرية الذين يبعدون عنه بمسافة، بل تعدى الأمر ليصبح الرشاح مقلب قمامة مصغراً للبلاد المجاورة، كما أوضحت «زينب».
معاناة تجاوزت سنوات عدة، ويزداد الوضع سوءاً فى نهار الصيف الحار، حسبما يقول، محمد إبراهيم، 55 عاماً، أحد المجاورين للرشاح: «فى الصيف محدش بيقدر يقعد فى بيته ممكن فى الشتا مفيش ريحة قوى، لكن فى الصيف باخد عيالى ومراتى وأروح أقعد فى الغيط، لأن الريحة بتخنقنا، وكمان بتطلع علينا حشرات ما نعرفش لها اسم، والتعابين دى بقت بالنسبة لنا شىء عادى وأخدنا عليه»، حاول «إبراهيم» ومجموعة من المتضررين منع رمى القمامة فى الرشاح، بحجة أنهم متضررون منه، لكن رد الآخرين صدمهم: «شيلوا بيوتكم من هنا، دا رشاح الحكومة وإحنا بنرمى فيه».
لم تقتصر مشاكل أهالى «المنوات» على الرشاح فقط، فالمستشفى الوحيد الذى تم تأسيسه فى عام 2010 من الجمعية الشرعية التابعة للقرية، معطل، رغم أن الهدف من تأسيسه كان إنهاء عذاب المواطنين من التنقل عبر مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مستشفى، فعلى حد قولهم: «أقرب مستشفى حكومى بيعدى الـ10 كيلو.. وما صدقنا يبنوا مستشفى لينا، لكن للأسف اتعطل».
أنور أحمد، على المعاش، ومشرف على الجمعية الشرعية والمستشفى، يقول: «المستشفى واقف على شراء محولين كهرباء بحوالى مليون و600 ألف جنيه، واحنا كأهالى منقدرش على شرائه بالأخص إن المستشفى خيرى وبالمجان ويعتبر الصرح الطبى الوحيد فى «المنوات» لأن الوحدة الصحية فيها متوقفة عن العمل بعد أن صدر لها قرار بالإزالة فى 2014 وأصبح نشاطها مقتصراً على تسجيل المواليد والوفيات، وكنا بنضطر نروح مستشفى أم المصريين أو الحوامدية.
«الوطن» طلبت من الدكتور رضا العبادى رئيس مجلس مدينة أبوالنمرس الرد على مشاكل أهالى القرية، غير أنه رفض التعليق بدعوى أنه «فى إجازة».