أنور وجدى.. صانع البهجة

أنور وجدى.. صانع البهجة
ابتسامته المشرقة المليئة بالحيوية التى تجعل الشمس أكثر ضياءً والنهار أكثر جمالاً، كانت مفتاحه إلى قلوب جمهوره، إنه عبقرى السينما المصرية، ودنجوانها الوسيم «أنور وجدى»، الذى شغل الناس بموهبته المتدفقة، وخصلة شعره الناعمة، التى تسقط على جبينه فى معاركه مع الأشرار، فتلهب خيال المراهقات، وخاصة بعد زواجه من أشهر نجمات السينما المصرية وقتها: قدرية حلمى، وإلهام حسين، وليلى مراد، وليلى فوزى.
أنور وجدى نجم مصر الذى صنع مجد السينما الغنائية والاستعراضية، والذى اكتشف لنا الطفلة الموهوبة فيروز، و«العفريتة» لبلبة، المقبل على الحياة، الذى ما إن أقبلت عليه حتى تسربت منه، التائه بين جملتى: « يارب خد صحتى وإدينى فلوس» و«يارب لما كنت فقير مش لاقى تمن الرغيف كان عندى صحة زى الحديد ولما بقى عندى العمارة والفلوس مش قادر أحط لقمة فى بقى»، إنه النجم الذى قدم للسينما المصرية 79 فيلماً، بدأها بفيلم «جناية نص الليل» عام 1930، وآخرها «جنون الحب» عام 1954، إنه النجم الذى لم يستطع كمال الشناوى مقاومة جاذبية قصة حياته فقدمها فى فيلم سينمائى بعنوان « طريق الدموع» قام ببطولته بنفسه مع صباح وليلى فوزى، والطريف أن الأخيرة جسدت دورها فى الواقع فى الفيلم باعتبارها الزوجة الأخيرة لأنور وجدى، فى واقعة تعتبر هى الأولى فى تاريخ السينما المصرية.
أنور وجدى الممثل والمنتج والمخرج الذى قدم لنا أجمل الأفلام الغنائية مع أم كلثوم، وليلى مراد، ونور الهدى، وصباح، ونعيمة عاكف، صانع البهجة فى حياتنا السينمائية، والذى رحل عن دنيانا يوم 14 مايو عام 1955 وهو فى عز الشباب، عن عمر يناهر 44 عاماً، والغريب أن ذكراه مرت أمس مرور الكرام، ولم تأت سيرته فى أى برامج تليفزيونية أو حتى إذاعية!
ولد فى 11 أكتوبر عام 1911 من أم مصرية وأب سورى يدعى محمد يحيى الفتال، جاء إلى مصر للعمل بالتجارة، فعشقته مصر وعشقها، وتزوج من إحدى بناتها الجميلات، التى أنجبت له طفلاً وسيماً يتميز بالشقاوة والذكاء وحب الفن، ولأن والده كان يتمنى له مستقبلاً أفضل منه، فقد ألحقه بمدرسة «الفرير» الخاصة التى تقتصر على أولاد «الذوات» وقتها، فأتقن اللغة الفرنسية، وبمرور الأيام والشهور لم تستهوه الدراسة، بقدر ما استهوته شاشة العرض السينمائى التى سحرته وخلبت لبه، وجعلته يبتعد عن المدرسة، فكان دائم الهروب إلى دور العرض القريبة من منزله، أو الموجودة فى شارع عماد الدين، ووقع فى غرام يوسف وهبى، وعلى الكسار، ونجيب الريحانى، وأهمل دراسته تماماً، وأقبل على المسارح فاتجه إلى الإذاعة الأهلية مؤلفاً للاسكتشات والطقاطيق الخفيفة، وكان نجاحه فى الإذاعات سبباً فى اتجاهه إلى مسرح بديعة مصابنى، التى أعطته الفرصة لتقديم الاسكتشات الضاحكة والطقاطيق.. ومن هنا بدأ المشوار.