محمد نصر عابدين الرائد المصرفى فى حوار شامل لـ«الوطن»: مصر تحتاج لأحزاب شعبية تدعم طموح الرئيس السيسى فى تأسيس قوتنا الاقتصادية

كتب: أجرت الحوار: دينا عبدالفتاح

محمد نصر عابدين الرائد المصرفى فى حوار شامل لـ«الوطن»: مصر تحتاج لأحزاب شعبية تدعم طموح الرئيس السيسى فى تأسيس قوتنا الاقتصادية

محمد نصر عابدين الرائد المصرفى فى حوار شامل لـ«الوطن»: مصر تحتاج لأحزاب شعبية تدعم طموح الرئيس السيسى فى تأسيس قوتنا الاقتصادية

«المتميزون يحجزون لأنفسهم دائماً مكاناً على القمة، حتى لو كان الطريق إليها مزدحماً».. هكذا الحال بالنسبة لـ«محمد نصر عابدين» الرئيس التنفيذى لبنك الاتحاد الوطنى ونائب رئيس مجلس إدارة بنك الاتحاد الوطنى - مصر، الذى يعتبره المصرفيون ورجال الاقتصاد «العملة الصعبة» فى نجاح أى مؤسسة يتولى تدبير أمرها، والقاسم المشترك فى الريادة المصرفية، خاصة بعدما نجح «عابدين» فى تأهيل مصرفه للدخول فى عملية اندماج هى الأكبر فى المنطقة حالياً وسيتولد عنها كيان مصرفى جديد يصل رأسماله إلى 420 مليار درهم إماراتى.

يمتلك محمد نصر عابدين خبرة مصرفية تزيد على 53 عاماً، حيث انطلق فى عالم المصارف، وهو يضع نصب عينيه التميّز فوصل إليه.. بدأ من مصر عام 1965 فى البنك الأهلى المصرى لمدة ثمانى سنوات حتى عام 1973، فنال الجدارة والاستحقاق، وانتقل من مؤسسة إلى أخرى، ناقلاً معه سماته وصفاته، ليصبغ كل محفل يرتاده بالنجاح والتميّز، وعمل بالشركة القومية للصناعات الغذائية المملوكة للحكومة الليبية، ثم انتقل إلى دبى فى عام 1977 للعمل فى بنك عُمان «المشرق».

التحق «عابدين» ببنك الاتحاد الوطنى فى عام 1999، واستطاع أن ينقله من مجرد بنك، إلى مؤسسة مالية متكاملة تقدم مجموعة من المنتجات المتنوعة التى تتراوح بين المتطلبات الأساسية للأفراد، إلى الخدمات الأكثر تعقيداً الخاصة بالشركات والمشاريع الضخمة.

{long_qoute_1}

يمتلك «عابدين» رؤية خاصة فى العمل المصرفى، ووضع نصب عينيه حلماً بأن يصبح بنك الاتحاد الوطنى النموذج المثالى للبنك المتميز فى منطقة الشرق الأوسط، ويعمل على دفع عجلة التقدم الاقتصادى فى الإمارات من خلال دعم المشروعات الخلاقة، متبنياً سياسة الجودة الشاملة كمنهج أساسى، مع خلق ثقافة التطور المستمر فى الأداء، مع الالتزام بأعلى معايير الجودة فى خدمة العملاء.

حصل «عابدين» على العديد من الجوائز والتكريمات، من بينها إدراجه عام 2009 ضمن قائمة «أول 50 رئيساً تنفيذياً ذا شخصية مرموقة» فى دول مجلس التعاون الخليجى، وتم اختياره ضمن قائمة «60 رئيساً تنفيذياً على مستوى العالم يرسمون مستقبل منطقة الشرق الأوسط»، وأدرجته مجلة «أريبيان بزنس» فى قائمة «أقوى 500 شخصية عربية مؤثرة فى مجال البنوك والأعمال» خلال العام 2012، وحصل على جائزة «الرئيس التنفيذى للشرق الأوسط» لعام 2013 عن قطاع البنوك، وقائمة «أقوى 50 رئيساً تنفيذياً فى الإمارات» لعام 2014، كما لُقب بـ«فارس المصارف الذهبى».

وذهب «الوطن الاقتصادى» لإجراء حوار موسّع مع محمد نصر عابدين، الذى يعتبره الكثيرون واحداً من رواد الصناعة المصرفية فى الشرق الأوسط، ليستعرض فيه رؤيته للتطورات الحالية على صعيد الاقتصاد المصرى والمنطقة ككل، وما أسفر عنه برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى الذى طبقته الحكومة المصرية منذ 2016، بالتنسيق مع صندوق النقد الدولى، مع رصد لأهم التحديات، التى تواجه الاقتصاد، ورأيه فى استراتيجية التعامل معها.

أكد «عابدين» أنه رغم كل الأحداث التى مرت بها مصر خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه متفائل بسبب تخطى الدولة كل هذه الأزمات وتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى، موضحاً أن فترة ما بعد عام 2011 أفرزت أخطاء المجتمع بأكمله، لتصبح ظاهرة جلية بعد أن كانت الدولة فى مرحلة التدهور، لافتاً إلى أن مصر حالياً بدأت فى استعادة شمولية مؤسساتها، وأن القيادة السياسية فى مصر على درجة عالية جداً من الفهم، وتضع مصلحة الدولة نُصب أعينها، لحفظ حقوق الأجيال الحالية، وتأسيس مصالح الأجيال القادمة -وذلك على حساب كسب أرضية شعبية- مشيراً إلى أن هذا الدور تقوم به إدارة مخلصة جداً للدولة المصرية، لا تخشى ردود الفعل التى تستهدف إعاقة بناء دولة مستقرة.

وأضاف أن كل ما يحدث حالياً من إجراءات إصلاح اقتصادى فى مصر يعمل على خلق أعداء دوليين، خاصة أن عملية الإصلاح أفسدت خطتهم لإفساد مصر، مؤكداً أن أعداء الإصلاح هم من بنوا الثروات على غير أساس، وكانوا «يُجنّدون» الأنظمة لخدمة أهدافهم ومصالحهم الخاصة، متوقعاً أن يستمر هؤلاء المفسدون فى معارضة الإصلاحات الجوهرية التى تنفّذها القيادة السياسية، لاحتمالية أن تكون عمليات الإصلاح مُعارضة لمصالحهم الخاصة وتسيطر على حجم احتكاراتهم فى السوق. {left_qoute_1}

وأشار إلى أن الطبقات الأقل دخلاً لن تتأثر بشكل كبير من عمليات الإصلاح الاقتصادى، وأن ما يحدث حالياً من إصلاحات يخدم هذه الفئة بشكل كبير، مؤكداً أنه لا توجد دولة فى العالم لا تمر بضائقة اقتصادية، مستشهداً بأن فرنسا دولة مستقرة من مئات السنين، إلا أنها تمر ببعض الأزمات حالياً.

أوضح أن ما حدث فى الفترة الرئاسية السابقة من إصلاحات ضخمة هو إنجاز كبير جداً، رغم أنها فترة قصيرة من حيث الوقت، لافتاً إلى أن ما يُعرف بـ«الطابور الخامس» يستهدف عدم قيام الدولة بهذه الإجراءات، وذلك لبناء مصالح شخصية تمكنه من التحكم فى السوق.

وأضاف «عابدين» أنه يجب أن يكون هناك أحزاب شعبية خلال الفترة القادمة تحمى أفكار القيادة السياسية لاستكمال مسيرة الإصلاح التى بدأتها الدولة، لتصبح هناك استمرارية فى التطوير والعدالة الاجتماعية

وأشار إلى أنه يثق فى توجه الدولة لدفع عجلة الإنتاج وتحقيق التنمية المستدامة من خلال التركيز على القطاعات الحيوية، كالصناعة والزراعة ومجالات الطاقة المتجدّدة، مما يسهم فى تقوية الاقتصاد المصرى، إلى جانب الاهتمام بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لكون القطاع يمثل ركيزة أساسية تساعد على خلق فرص عمل بصورة كبيرة للشباب، وخفض نسب البطالة والارتقاء بمستوى الدخول وزيادة الناتج المحلى وتحفيز الصادرات المصرية إلى الخارج.

ويرى «عابدين» أن العالم «يتكالب» على منطقة الشرق الأوسط، لأنها من المناطق الحيوية المليئة بالثروات، وأن ما حدث خلال الفترات الماضية يستهدف عدم استقرار هذه المنطقة، لافتاً إلى أن مصر من الدول الرئيسية فى المنطقة، واستقرارها يعنى استقرار المنطقة بأكملها، وأنها العنصر الوحيد القادر على التنسيق بين دول المنطقة بأكملها.

{long_qoute_2}

وتابع: «لاحظت خلال الفترة الأخيرة أنه كلما اقتربت دول المنطقة من الوصول إلى نقطة الاستقرار، فإنه يتم خلق مشكلة جديدة لاستمرار حالة الاضطراب فى المنطقة». وأكد أن القيادة السياسية فى مصر والسعودية والإمارات وبعض الدول «حسنة النية»، علمت أن الضربات التى تستهدف دول الشرق الأوسط تأتى من العديد من الاتجاهات، وليس من جهة واحدة فقط، مشيراً إلى أن القيادة السياسية تعى جيداً أن هذه الضربات «مؤامرة دولية»، مشيراً إلى أن الفترة التى يمر بها الشرق الأوسط من أسوأ فترات التاريخ.

وأوضح أن هناك مخططاً استعمارياً أمريكياً أوروبياً روسياً يضرب منطقة الشرق الأوسط على حسب الأهداف الخاصة بكل مستعمر، مشيراً إلى أن القيادة السياسية فى بلدان الشرق الأوسط مُدركة تماماً لكل ما يحدث حولها، حيث إنهم صمام الأمان الوحيد لنجاة المنطقة خلال الفترة الحالية.

ويرى محمد نصر عابدين، أن الوعى عند القيادة السياسية فى دول الشرق الأوسط يستهدف «تحييد» الدول الأكثر عدوانية مثل أمريكا عن المنطقة، لافتاً إلى أن الصين دولة اقتصادية قادمة منذ 20 عاماً، وهى قوة اقتصادية وبشرية لا يُستهان بها تمارس السياسة بطريقة «براجماتية» تماماً ولا تتورط فى تحمل مسئوليات الآخرين، مضيفاً أن الصين دولة تراعى التطور الاقتصادى بهدوء وتحافظ على عملية التقارب بين الصين وروسيا، وتسعى للتوازن الدولى.

وتابع أن الرئيس الأمريكى الحالى يمثل تهديداً للعالم بأكمله وبدأ يدافع عن نفوذه ومكانته أمام القوى العالمية التى بدأت فى الاتحاد مع بعضها لتشكل خطراً على أمريكا. وعن التعاون بين مصر والإمارات، قال «عابدين»: «هو تعاون اقتصادى سياسى اجتماعى موجود منذ عشرات السنين، إلا أنه يشهد طفرة فى الوقت الحالى»، مؤكداً أن «وقوف الإمارات بجوار مصر خلال الفترة الأخيرة هو موقف يحفظه التاريخ، نظراً لوجود قيادة إماراتية على درجة كبيرة جداً من الوعى تنظر وتفهم مراكز الخطر فى العالم، ومراكز القوة فى العالم العربى، وعلى رأسها مصر». {left_qoute_2}

وأشار «عابدين» إلى أن القيادة السياسية فى الإمارات تعى أن مصر مصدر استقرار منطقة الشرق الأوسط، وحب مصر مزروع فى قلوبهم وقلوب شعب الإمارات، مؤكداً أن تعامل القيادة السياسية فى الإمارات مع الأزمات المصرية يدل على درجة كبيرة من الشرف والوعى، مما يساعد على التوافق والتفاهم السياسى والاقتصادى بين الدولتين، مضيفاً أن دخول مستثمرى الإمارات فى المشروعات المصرية قائم بالأساس على حب القيادة السياسية فى الإمارات لمصر وشعبها.

وذكر أن «صندوق خليفة» لتطوير المشاريع يسعى دائماً إلى تنمية قطاع المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر فى مصر، من خلال العديد من الاتفاقيات مع البنوك المهتمة بهذه المشروعات والميزانيات التى تم رصدها لهذه المشروعات، والتى تستخدم وفقاً للشروط المتفق عليها، مؤكداً أن الإمارات لم تتخلف عن الاستثمار فى المشاريع المهمة التى تحتاجها مصر.

ويرى «عابدين» أن الاقتراض والمساعدات ليست مصدراً أساسياً لتنمية مصر، والدولة قادرة على تحقيق معدل نمو أكثر من 7% من خلال زيادة إنتاجية الأفراد واستغلال الفرص بشكل أمثل واستخدام الموارد البشرية والطبيعية بشكل جيد، وتوجيهها بخطط مدروسة لتحقيق معدلات النمو، مشيراً إلى أن علاقاتنا بالعالم والدول العربية حالياً أصبحت قائمة على العمل المشترك والاستفادة المتبادلة، من خلال خلق فرص استثمارية تنافسية لهذه الدول.

وأوضح «عابدين» أن القطاع الخاص المصرى به بعض الرأسمالية المتوحشة، حيث إن هناك بعض رجال الأعمال الذين لا يفكرون إلا فى الربح فقط، ورغم ذلك فإنه يوجد بعض القطاع الخاص يلعب دوراً مهماً جداً، حيث إن هذا القطاع استطاع أن يصنع دولاً بأكملها، مشيداً بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى أصبحت مشروعات كبرى فى بعض الدول، وذلك من خلال أنظمة تحكم مستويات الربحية لهذه الشركات وتمنعها من القيام على حساب مصالح الأفراد الأقل دخلاً.

وأضاف أنه يجب التوسّع فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لأنها الركيزة الأساسية لتوسيع القاعدة الاقتصادية فى مصر، ولكون التوسّع فى هذه المشروعات يعمل على إنشاء قطاع خاص مسئول خلال 10 أو 15 عاماً، كما أنه يستطيع خلق مستثمرين جدد بثقافة مختلفة قائمة على الرأسمالية الوطنية المسئولة.

{long_qoute_3}

وذكر أن الإجراءات التى يجب اتخاذها لمواجهة العجز الحالى فى مصر تتمثل فى زيادة الإنتاجية وزيادة الاستثمار، مشيداً بتجربة الصين فى الإنتاج، التى جعلتها قوة مخيفة لأى دولة فى العالم لامتلاكها إنتاجاً يجعلها من أقوى الدول، مشيراً إلى أن زيادة الإنتاج فى هذه الدول خلقت لديها احتياطيات ضخمة توظفها وتستثمرها فى جميع أنحاء العالم، لذلك يجب علينا الحد من الاستيراد وزيادة العمليات الإنتاجية والاهتمام بالجودة.


مواضيع متعلقة