وفد من "التعليم" يرصد تجارب تطوير المنظومة التعليمية في لندن
وفد من "التعليم" يرصد تجارب تطوير المنظومة التعليمية في لندن
- إصلاح التعليم
- التعليم الفني
- مدارس لندن
- التربية والتعليم
- بريطانيا
- إصلاح التعليم
- التعليم الفني
- مدارس لندن
- التربية والتعليم
- بريطانيا
زار وفد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، المشارك في معرض BETT Show في لندن، عددًا من المدارس البريطانية التي خاضت تجارب رائدة من أجل إصلاح التعليم وتطويره، وأبرزها إدماج التقنيات الحديثة والتكنولوجية ضمن العملية التعليمية.
واستمع وفد التعليم، في مدرسة "ولينجتون كولدج الثانوية"، الواقعة في بيركشاير "على بعد نحو ساعة من لندن"، من مدير تكنولوجيا المعلومات في المدرسة السيد طوني ويلتون، إلى شرحًا عن مراحل إدماج التكنولوجيا كمكون رئيسي في العملية التعليمية، كخطوة حيوية لإصلاح التعليم، وذلك منذ عام 2009.
وشرح القائمون على المدرسة، التي تعد من أفضل المدارس الثانوية البريطانية، إلى المشكلات التي مرت بها المدرسة في البداية، بدءًا بإيجاد أجهزة تقنية تلقى قبول الطلاب وتناسب احتياجاتهم التعليمية، مرورًا بالبنية التحتية اللازمة لتوفير الاتصال بالشبكة العنكبوتية، وانتهاء ببطء الشبكة ما يعرقل الاتصال بها، واستغرق التعامل مع هذه المعوقات وإيجاد حلول لها عددًا من السنوات، وبدأ تطوير البنية التحتية في عام 2013 لتوفير "واي فاي" يمكن الاعتماد عليه بكفاءة.
وأشار إلى توفير أجهزة موحدة للطلاب، وذلك بعد ما كان كل منهم يأتي بجهاز خاص به ذي إمكانات مختلفة، ومواصفات مغايرة، وقدرات متفاوتة، وأدى ذلك إلى مشكلات عدة في العملية التعليمية أثرت سلبًا في البداية على تعامل المعلمين مع الطلاب عبر الشبكة نظرًا للقدرات المتفاوتة للأجهزة.
وحدثت الطفرة الحقيقية عام 2015، حين تم توحيد أجهزة التابلت التي يستخدمها الطلاب وخضوعها لنظام تشغيل موحد عالي التقنية يمكن للطالب نفسه أن يبدأ تشغيله في دقائق معدودة، وذلك بعد ما كانت الأنظمة الجديدة يجري تشغيلها فنيين متخصصين وتستغرق ساعات طويلة؛ واعتبر المسؤولون في المدرسة أن تشغيل 11 ألف جهاز لـ11 ألف طالب مسألة بالغة التعقيد.
وأبدى مدير التعليم التقني التعليمي في المدرسة، الدكتور جولز أولوريلين، عن إعجابه الشديد حين استمع من وفد التعليم، أن مصر نجحت في إعداد وتشغيل ما يزيد على 700 ألف جهاز تابلت يجري توزيعهم على طلاب الصف الأول الثانوي بعد أيام، وجميعها جاهز على التشغيل الفوري.
كما أثنوا على قرار مصر تعميم الأجهزة لهذا العدد الضخم من الطلاب مع توفير البنية التحتية اللازمة لها على مستوى الجمهورية، دون المرور بمراحل التخبط أو بدء التجربة على مراحل صغيرة أو عدد محدود من المدراس.
واهتم أعضاء الوفد المصري بعرض قدمه أولوريلين عن المشكلات التي واجهت المدرسة بعد تعميم "التابلت" على جميع الطلاب واعتماده مكونًا رئيسيًا ضمن العملية التعليمية، قائلا: "واجهتنا مشكلة تدريب الطلاب والطالبات على تحمل المسؤولية والحفاظ على الأجهزة والأقلام الخاصة المصاحبة لها؛ وأصدرنا تعليمات صارمة للطلاب والطالبات بحتمية شحن الأجهزة قبل المجيء إلى المدرسة، وعدم قبول حجة انتهاء الشحن أثناء اليوم الدراسي، وعدم مسؤولية المدرسة عن توفير مآخذ تيار (فيش) كهربائية في الفصول المدرسية؛ ويتم التنبيه بمنتهى الحسم على الجميع اعتبار التابلت والقلم المصاحب له مسؤولية شخصية والحفاظ عليها من الكسر أو التلف أو الوقوع على الأرض وغيرها من مظاهر الإهمال غير المقبولة".
ولفت أولوريلين إلى مشكلة أخرى واجهت المدرسة في بدايات تطبيق اعتماد التابلت مكونًا رئيسيًا في العملية التعليمية، وهي تفاوت قبول الطلاب للتابلت كوسيلة تعليمية بدلاً من الكتب والكراسات الورقية.
وأوضح أن مقاومة التغيير وعدم الترحيب به والتمسك بالقديم سمة عادية في بدايات عمليات التغيير الكبرى، لكنها تستغرق وقتًا قبل أن يتيقن الجميع من جدوى الإصلاح وآثار التغيير الإيجابية.
وشرح المعلمون في المدرسة كيف أن دمج التكنولوجيا في التعليم أدى إلى وجود تواصل مستمر بينهم وبين الطلاب والطالبات، حيث يتم تحديد الواجب وأدائه وتصحيحه وكتابة التعليقات إلكترونيًا بسرعة فائقة، فضلًا عن عدم انتهاء مشكلات مثل ضياع الأوراق، أو ادعاء تسليم الواجب رغم عدم تسليمه، وأنه أتاح إمكانية الوصول إلى تاريخ مسار الطالب منذ بدء العام الدراسي، ومتابعة تطور إدراكه المعرفي وتحصيله الدراسي في دقيقة واحدة.
كما تعرف وفد التعليم المصري، إلى تجربة مدرسة "ليليان بايليس" التكنولوجية الحكومية في منطقة "لامبث" جنوب شرق لندن، والمصنفة ضمن أكثر المناطق احتياجًا في لندن، وتعد من أعرق المدارس في بريطانيا إلى إحدى المدارس التي عانت طويلاً من تأخر في مستويات تحصيل الطلاب وأداء المعلمين ثم حققت طفرة كبرى جعلتها ضمن المدارس الأفضل أداء في لندن.
وكان قبل 10 سنوات، التقييم الدوري لأداء المدارس في لندن يضع هذه المدرسة ضمن الأسوأ، لكن مع قدوم الناظر الحالي السيد جاري فيليبس تغير الوضع تمامًا، وأصبحت المدرسة وطلابها ومعلموها وإدارتها قصة نجاح ملهمة للجميع، واستفاد فيليبس كثيرًا من اللامركزية التي يتيحها نظام التعليم المدرسي في بريطانيا، حيث يتم تحديد أطر ملزمة بعينها للمناهج "أهمها الحفاظ على القيم الوطنية البريطانية"، مع ترك الحرية لكل مدرسة لتطويع المكون التعليمي والمعرفي بحسب احتياجات الطلاب والمنطقة الواقعة فيها المدرسة، ومعلمو المدرسة يخضعون لعمليات تدريب وتقييم مستمرة.
كما أن المدرسة تستقبل المعلمين من الخريجين الجدد والذين يستوجب تدريبهم قبل عملهم بالتدريس رسميًا، المدرسة ذات المساحة الصغيرة والواقعة في منطقة تعاني مشكلات معيشية واجتماعية عدة، والتي تتسم بنسب مرتفعة من السكان من المهاجرين واللاجئين تحولت إلى قصة نجاح تتحدث عن نفسها، فمساحات الفصول غير الموحدة تحولت إلى ميزة كبيرة، حيث خصص الناظر فيليبس بعضها للطلاب والطالبات الذين يعانون مشكلات محددة في العملية التعليمية، سواء فهم اللغة الإنجليزية، أو التحصيل المعرفي، أو صعوبات في مواد بعينها.
ويتم تخصيص أوقات لهؤلاء الطلاب مع معلمين أو معلمين متدربين يساعدون الطلاب في مشكلاتهم للحاق ببقية أقرانهم في الفصل. وشرح الناظر سبل تقييم المعلم المستمرة والتي هي إحدى الركائز الأساسية والجوهرية في إصلاح منظومة التعليم، فالمعلم يتم تقييمه بطرق عدة بينها بحث سنوي تعليمي ينجزه المعلم بناء على تجربته ويتم تقييمه على أساسه، فضلًا عن أداء فصله الدراسي، وتقييم المعلمين لبعضهم البعض.
كما يتم إعطاء كل معلم درجة تتراوح بين واحد وتسعة، وفي حال جاء أداء المعلم ضعيفًا، وإخضاعه لمزيد من التدريب؛ كما أنه يتم تحديد "المعلمين القادة" الذين يثبتون مهارات فائقة وقدرات على التعليم والشرح والقيام بأنشطة مدرسية فعالة يدربون غيرهم من المعلمين للنهوض بمستوى الجميع.
وأكد فيليبس أن المعلم لا يحصل على حوافز مادية بأي شكل من الأشكال، باستثناء زيادة الرواتب السنوية الموحدة للجميع. لكن تأتي الحوافز في صورة تكريمات، فضلًا عن تحقيق مدرسة "ليليان بايليس" في جنوب شرق لندن، نجاحًا يلهم الجميع في عمل نقلة نوعية من مدرسة معروفة بضعف الأداء وانعكس مشكلات البيئة المجتمعية على أداء الطلاب وتحصيلهم المدرسي إلى نموذج نجاح لأضلع التعليم "الإدارة، المعلم، الطالب، وولي الأمر" الذي استوعب واقتنع بنجاح التجربة، فإن المدرسة قصة نجاح تدحض تعليق الإخفاق والتكاسل والإهمال على شماعة الفقر والعوز.