«حسن».. فى البيت أم مريضة بالكبد و3 بنات دون عائل

كتب: محمود عبدالرحمن

«حسن».. فى البيت أم مريضة بالكبد و3 بنات دون عائل

«حسن».. فى البيت أم مريضة بالكبد و3 بنات دون عائل

كل ركن من أركان شقته يحمل رائحته، ملابسه ما زالت تحمل عرقه، آثار مواضع قدمية مطبوعة على الأرض، بصمته ما زالت فوق أدواته الشخصية التى لم يلمسها أحد منذ غيابه، تتوقف والدة حسن يوسف سطوحى - المفقود منذ 29 يناير 2011 - عن الحديث حتى تتمكن من تجفيف دموعها التى أغرقت السرير الحديدى التى تجلس عليه. تحاول الأم أن تستعيد قوتها حتى يتمكن صوتها المتحشرج من الخروج: ابنى البالغ من العمر 36 سنة لم يكن مهموماً يوماً سوى بأكل عيشه وقوت بناته الثلاث اللاتى لم ير آخر عنقودهن حتى الآن، خرج ليحصل على راتبه الأسبوعى من «الصنايعى» الذى يعمل خلفه فى رابع أيام الثورة، حذرته كثيراً من الخروج، إلا أن خلو المنزل من جميع الاحتياجات الأساسية حال دون منعه من البقاء، وقفت على سلم المنزل وناديت عليه قبل أن يغيب عن عينى وطالبته بأن يحافظ على نفسه وأن يعود إلينا سالماً، ولكنه للمرة الأولى فى حياته لم يسمع كلامى. تستغرق السيدة «مريضة الكبد»، فى بكاء هستيرى مرة ثانية عندما رأت بناته الثلاث يسرعن إلى حضنها فتبكى بصوت عال تصاحبه عبارات «أنا ربيت سبع أيتام بعد ما أبوهم سابنى فى أول الطريق وما فيش حيل أربى دول كمان»، لذلك تتمنى أن يسمعها أحد المسئولين الذين لم تترك لهم باباً إلا وطرقته، ولا منفذ شباك إلا ووضعت فيها استغاثة وأكثر، ولكن على ما يبدو أن آهاتها لم يكتب لغيرها أن يسمعها أو يحس بها بخلاف سكان منزلها وبعض جيرانها الذين قرروا أن يساعدوها على تحمل أعباء المعيشة، فاقترحوا عليها تحويل غرفة من شقتها إلى كشك للاتجار فى البضائع التى سيساعدها بها أهل الخير. تتوقف «أم زيزو» - اسم الشهرة للمفقود - عن الحديث وتقرر أن تقوم بدور المحاور فتوجه أسئلتها لمن يجلس أمامها: هو أنا ممكن أشوف ابنى تانى؟ عاوزة أعرف لو مات نفسى أعرف مكان جثته علشان أروح أقرا له الفاتحة، ولو لسة عايش ومسجون فى أى مكان أزوره مرة واحدة وبعدين أموت. ثم تأخذها عبرة طويلة تفيق منها على رواية أحد أحفاده لها عندما نزل إليها من الطابق العلوى مسرعاً ليخبرها بأنه رأى عمه المفقود على شاشة التليفزيون فى أحد البرامج الحوارية التى كانت تجرى تقريراً مصوراً من داخل أحد السجون، فتحاول أن تستفسر منه عن أى كلام قاله، فيخبرها الحفيد بأنه لم يقل سوى «مراتى وعيالى وحشونى وآخر رغبة لى فى الدنيا إنى أشوف أمى»، لتنخرط بعدها الأم المكلومة فى بكاء. ملفات متعلقة محمد صديق.. سجين باسم مستعار «الوطن» تتذكر مفقودى الثورة فى ثالث عيد على اختفائهم «أحمد».. التلميذ يختفى فى عاصفة «عبير وفتنة إمبابة» «خلف».. سرّ هاتف القرية الذكية «أبو المفقودين»: الولد اغتصبوه فى السجن فقرر «ياخد حقه بإيده».. والبنت اختفت من المترو فى يوم «الداخلية» «زينب».. «صورة» تهزم المرض فى انتظار «الغائب» لجنة تقصى الحقائق.. فى انتظار «الرئيس» «إبراهيم».. اللهم لا تجعله بين جثث المشرحة ياسر.. وقائع اختفاء غامض فى يوم «محمد محمود»