«خلف».. سرّ هاتف القرية الذكية

كتب: سمر عبدالناصر

«خلف».. سرّ هاتف القرية الذكية

«خلف».. سرّ هاتف القرية الذكية

خرج أحمد خلف فى الثامنة والنصف صباح جمعة الغضب متوجهاً إلى المنيا، حيث معهد الهندسة الخاص الذى يدرس به، ولكنه لم يعد من بعدها ولم تعرف أسرته عنه شيئا. أحمد خلف عبدالحافظ محمد، الذى كان من المفترض أن يكون بالسنة الرابعة مع بداية العام الدراسى الجديد، لم يستطع حتى أن يكمل عامه الدراسى الثالث، فقد اختفى قبل امتحانات منتصف العام الدراسى الماضى، والذى تزامن مع الذكرى الأولى لجمعة الغضب حيث كان العديد من المحافظات يعج بمظاهرات مناهضة لاستمرار الحكم العسكرى منذ تنحى مبارك. خرج وفى جيبه 25 جنيها وبطاقته الشخصية وكارت الائتمان البنكى الخاص به، الذى لم يسحب من رصيده أى مبلغ حتى الآن، بحسب ما أكدته والدته، الحاجة سمية عثمان محمد، مشيرة إلى أنه اختفى فى التاسعة صباحا بعد إغلاق تليفونه المحمول. وقالت الأم: «بعد ما صلى إبنى الفجر ولبس واتعطر خرج، وكانت هناك سيارات تذهب إلى التحرير مجاناً وكانت هناك مظاهرات فى المنيا، وأنا ماعرفش هوّ راح فين». والد أحمد كان كثيرا ما يحذره من المشاركة فى المظاهرات خوفا عليه من الاعتقال أو التعرض لأى إصابة قائلا له: «لو شفت مظاهرة امشى جنب الحيط»، وكان أحمد يرد عليه، بحسب والدته: «أنا هامشى جوّه الحيط»، مضيفة: «ماعنديش غيره، ولد على 4 بنات، كان ملتزم وعمره ما قعد على قهوة». بعد رحلة بحث للأب -الذى وصل خصيصا من السعودية حيث يعمل- بين أقسام الشرطة بمحافظتى أسيوط والمنيا، وتحرير بلاغ فى قسم مركز الغنايم، وتفقد مستشفيات القاهرة، ومشرحة زينهم، وسؤاله كل من يقابله فى الطرقات، وصل إلى مسئولين فى حزبى النور والحرية والعدالة دون جدوى، حيث كان الرد دائما يأتى: «اسمه مش موجود عندنا». رقما تليفون لا يغيبان عن ذاكرة الحاجة سمية منذ فُقد ابنها، رقم أحمد الذى ما إن تسأل عنه حتى يأتى رد مسئولى القرية الذكية، حيث ذهب الأب للسؤال: «الجهاز فى مكان حساس ومقفول»، والرقم الآخر الذى يدور قرص التليفون به كل صباح هو الخط الساخن لرئاسة الجمهورية. تقول أم أحمد: «كل يوم أسحب رصيد واتصل ويقولوا لى.. حاضر هنستعجلك المحضر»، لافتة إلى أن زوجها نصحها بعدم الذهاب للرئيس مرسى أمام القصر، مضيفة: «مش عايزين شوشرة، يمكن يحنّ عليه ويطلّع اللى اتاخدوا كلهم، أنا انتخبته عشان هو قال هيطلّع كل اللى اتحبسوا». والدة طالب الهندسة اختتمت حديثها لـ«الوطن» بأنها كثيرا ما ترى أحمد فى أحلامها مسجونا فى مكان ما، وتصحو من نومها على صوته يناديها وهى تصرخ قائلة: «تعالى يا ضنايا، يا ترى انت فين يا باشمهندس؟». ملفات متعلقة محمد صديق.. سجين باسم مستعار «الوطن» تتذكر مفقودى الثورة فى ثالث عيد على اختفائهم «أحمد».. التلميذ يختفى فى عاصفة «عبير وفتنة إمبابة» «أبو المفقودين»: الولد اغتصبوه فى السجن فقرر «ياخد حقه بإيده».. والبنت اختفت من المترو فى يوم «الداخلية» «زينب».. «صورة» تهزم المرض فى انتظار «الغائب» «حسن».. فى البيت أم مريضة بالكبد و3 بنات دون عائل لجنة تقصى الحقائق.. فى انتظار «الرئيس» «إبراهيم».. اللهم لا تجعله بين جثث المشرحة ياسر.. وقائع اختفاء غامض فى يوم «محمد محمود»