«سيناء»: شبه جزيرة «تصدير الإرهاب» إلى المحافظات

كتب: حاتم حمدى

«سيناء»: شبه جزيرة «تصدير الإرهاب» إلى المحافظات

«سيناء»: شبه جزيرة «تصدير الإرهاب» إلى المحافظات

تأتى عملية الاستفتاء على الدستور فى ظل أيام تاريخية وعصيبة على مصر عموماً وعلى سيناء بشكل خاص، لما تشهده شبه الجزيرة من عمليات وحملات عسكرية حربية، حيث يحارب الجيش المصرى بفرعيه الرئيسيين؛ الجيش الثانى الذى يقاتل فى شمال سيناء، والجيش الثالث الميدانى الذى يقاتل ويحاصر منطقتى الوسط والجنوب. وسيناء لها معايير خاصة لا تنطبق على باقى المحافظات، نظراً لطبيعة الموقع الجغرافى وطبيعة السكان القبائلية والعشائرية والبدوية، وتحكُّم شيخ القبيلة الكبير فى العمليات التصويتية فى الانتخابات على مستوى القبيلة والعائلة فى بعض المناطق الحضرية أيضاً، وكان هذا هو الطبيعى فى سير العمليات الانتخابية حتى ثورة 25 يناير. ولكن بعد الثورة تغيرت سيناء تغيراً جذرياً بعد سيطرة الجماعات الدينية، خصوصاً تنظيم الإخوان الإرهابى والسلفيين، على العمليات الانتخابية، فتبدلت الكتل التصويتية من زعيم القبيلة فى القبائل السيناوية إلى المشايخ فى الجماعات الدينية، وتحولت سيناء من كتل تصويتية قبائلية إلى كتل تابعة للجماعات الدينية بشكل كبير، الأمر الذى ظهر جلياً فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى والرئاسة والاستفتاء فى عهد الإخوان، التى سيطر فيها الإخوان والسلفيون على جميع مقاعد البرلمان. وتنقسم محافظة شمال سيناء إلى 3 مناطق رئيسية: * الدائرة الأولى: منطقة ومركزا «بئرالعبد ورمانة»، وهى الثلث الأول من المحافظة والقريب من الإسماعيلية، التى تقع أيضاً فى المنطقة «أ» فى اتفاقية كامب ديفيد، أى إنها منطقة هادئة وبها قوات من الجيش والشرطة طبقاً للاتفاقية، ما أعطى استقراراً كبيراً فى المنطقة، فضلاً عن قوة وسيطرة مشايخ القبائل هناك وانتشار التعليم العالى فى المنطقة وقربها إلى الوادى وهجرة معظم أهلها واختلاطهم بالمحافظات المصرية المجاورة، ما أدى إلى اختلاف طبائع أهالى منطقة بئر العبد ورمانة، حيث الهدوء الكبير أيام الانفلات الأمنى. وتضم المنطقة نحو 50 ألف صوت انتخابى، نحو ربع إجمالى الأصوات فى المحافظة، وتصل نسبة مشاركتهم فى العملية التصويتية إلى نحو 50% تقريباً فى الاستفتاءات، وتزيد قليلاً فى الانتخابات البرلمانية. وشهد استفتاء دستور الإخوان 2012 فى منطقة وقسم بئر رمانة خروج 10935 صوتاً من نحو 25 ألف صوت انتخابى، وكانت الموافقة بنحو 9698 صوتاً ورفض 1126 صوتاً فقط لدستور الإخوان، بينما خرج فى قسم بئر العبد نحو 8592 صوتاً انتخابياً، وافق منهم 6620 صوتاً مقابل 1847 صوتاً رافضاً لدستور الإخوان. * الدائرة الثانية: الدائرة الانتخابية الأولى التى تقع فيها عاصمة شمال سيناء العريش والقرى المحيطة بها، التى تقع ضمن المنطقة «ب» فى اتفاقية كامب ديفيد، وتضم عائلات سيناوية حضرية، فضلاً عن أصوات كبيرة جداً من المغتربين من المحافظات الأخرى، فضلاً عن الكتلة التصويتية من الفلسطينيين الذين استفادوا من الحصول على الجنسية المصرية فى عهد المعزول محمد مرسى، وتتجاوز أعدادهم 13550 صوتاً انتخابياً، أى نحو 10% من كتلة أصوات العريش التى تبلغ نحو 100 ألف صوت، وهى تصب فى الرفض للدستور لأن غالبيتهم تنتمى إلى الإخوان. والمنطقة تضم عائلات حضرية ولا توجد سيطرة كاملة لأى فصيل سياسى أو دينى على العريش، التى تنقسم إلى 3 فئات تصويتية، منهم أبناء سيناء وأبناء الوادى وأبناء الفلسطينيين، ولذلك فهم متنوعون ولا يمكن الحكم عليهم. ولا توجد مشاكل فى العريش من الناحية الانتخابية ويخرج نحو الثلث تقريباً فى كل الانتخابات منذ عهد الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، فعادة المنطقة أن يسوّد شيخ العائلة وكبار العائلة وأعضاء ونواب البرلمان الصناديق حتى لا يكلف الجميع عناء الخروج للتصويت، ولكن الأمر اختلف عقب ثورة يناير فى طبقات معينة من المتعلمين والموظفين، وتغير سلوك مشايخ القبائل وأصبح لا يتدخل الكبير فى توجيه الأصوات. أما المنطقة الساخنة فى الانتخابات على مستوى الجمهورية، وليس على مستوى سيناء فقط، فهى منطقة شرق سيناء الحدودية؛ رفح والشيخ زويد ووسط سيناء، وهى المنطقة الأعنف التى تقع ضمن المنطقة المعروفة «ج» فى اتفاقية كامب ديفيد، وهى منطقة منزوعة السلاح، ما أدى إلى انفلات أمنى رهيب فيها منذ توقيع اتفاقية السلام؛ كون المنطقة خالية من أى مظاهر للجيش أو قوات شرطة قوية، ما سهل خروج الجماعات الدينية والتكفيرية فى تلك المناطق والاستقرار فيها، وزادت بشكل كبير فى عهد «مرسى»، خصوصاً بعد قراره الإفراج عن السجناء والمعتقلين، ما أدى إلى نزوح كبير للمستفيدين من القرار للجوء لتلك المناطق الحدودية مع إسرائيل، والالتصاق بغزة وحركة «حماس» الإخوانية. والمنطقة لا يخرج أهلها للانتخابات، وزاد ميلهم إلى عدم التصويت بعد الحملات اليومية للجيش فى مناطق رفح والشيخ زويد ووسط سيناء، التى تعد منطقة عسكرية يجرى إغلاقها منذ الثالثة عصراً، ومن غير المتوقع خروج أهل تلك المناطق فى الاستفتاء على الدستور. * «سيناء» التى تعرف بالدائرة الانتخابية الثالثة فى شمال سيناء، وتضم 5 أقسام شرطية وإدارية وتشكل نحو ربع الأصوات فى المحافظة بنحو 55 ألف صوت انتخابى، ولا يخرج إلا 15% من أهل المنطقة إلى الانتخابات، حتى فى ظل حكم الإخوان فإنهم لم يشاركوا فى استفتاء دستور 2012، وخرج منهم 13 ألف صوت من أصل 55 ألفاً، وهى أعلى نسبة خروج لهم. وبتحليل الكتلة التصويتية فى سيناء، نجد أنه يخرج فى شبه الجزيرة نحو 50% من عدد الأصوات المقدر بـ100 ألف صوت انتخابى، العدد الذى لا يحدث فرقاً فى مجريات التصويت على الدستور. من جانبها، عقدت الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى عدة لقاءات بشأن تأييد الدستور، وقال أمين القصاص المحامى، رئيس لجنة «الوفد» بشمال سيناء: «عقدنا عدة مؤتمرات وندوات مع بعض الأحزاب؛ من الكرامة والدستور والشباب من الثورة، فى مقر الحزب لتأييد الدستور، وكذلك لقاءات مع المحافظ وكبار المسئولين، فضلاً عن ندوات تثقيفية عن الدستور فى مقر الحزب مع بعض الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى، ووزعنا الأوراق والملصقات المطالبة بتأييد الدستور، وسنحشد للدستور بكل قوة». وأكد خالد عرفات، أمين حزب الكرامة فى شمال سيناء، تأييد الحزب المطلق للدستور ومشاركة جبهة الإنقاذ الوطنى فى سيناء فى الحشد الكامل للأهالى للمشاركة فى التصويت بـ«نعم» للدستور، فيما طالب الدكتور حسام رفاعى، نقيب الصيادلة فى شمال سيناء، جميع الأهالى بالخروج يوم الاستفتاء. وناشد الشيخ سامى الكاشف، قيادى بالجماعات الإسلامية، الجميع بالخروج وتأييد التعديلات الدستورية فى الاستفتاء، طلباً لاستقرار مصر وسيناء، فيما قال محمد حامد خميس، القيادى بحزب النور، إن «الحزب استكمل جميع الإجراءات والندوات والمؤتمرات للحشد بـ(نعم للدستور)». فى المقابل، قالت قيادات فى تنظيم الإخوان الإرهابى فى سيناء وبعض الجماعات المتشددة، فضلت عدم ذكر اسمها، إنهم سيعملون على ألا يخرج الناس إلى مقار التصويت يوم الاستفتاء، ومنهم من أغلق هاتفه أو رفض الحديث مع الجريدة. وأعلنت الجماعات التكفيرية فى سيناء على صفحات «فيس بوك» أنهم سيمنعون خروج الناس إلى الصناديق بالقوة إذا لزم الأمر. من جانبه، قال اللواء سميح بشادى، مدير أمن شمال سيناء، إن «المحافظة انتهت من وضع الخطط اللازمة لتأمين الاستفتاء تحت إشراف قوات الجيش ومشاركة الشرطة والأجهزة الأمنية والسيادية فى شبه الجزيرة. وسيجرى نشر القوات بأعداد كبيرة فى مخارج ومداخل سيناء، للتأمين الكامل للطرق الرئيسية والفرعية والدولية وعمل كمائن متحركة وثابتة، فضلاً عن تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود مع إسرائيل وغزة والشريط الحدودى والأنفاق، لمنع تسلل أى عناصر فلسطينية، مع إغلاق معابر سيناء مع غزة وإسرائيل، وإغلاق كامل لكوبرى السلام ونفق الشهيد أحمد حمدى». وأضاف «بشادى» أن «المحافظة تضم 215 ألف صوت انتخابى فى 11 لجنة عامة و75 مركزاً انتخابياً و96 لجنة فرعية على مستوى المحافظة وتضم 290 صندوقاً انتخابياً»، مشدداً على وجود قوات كبيرة فى الشوارع وقت عمليات التصويت وسيارات ودوريات شرطية مع قوات وخبراء من إدارة المفرقعات، فضلاً عن مسح سماء شبه الجزيرة بطائرات طوال الوقت.