فضفضة المصريين من "بريد الجمعة" لصفحات "فيسبوك".. وخبراء يحذرون

فضفضة المصريين من "بريد الجمعة" لصفحات "فيسبوك".. وخبراء يحذرون
- فضفضة
- كارثة اجتماعية
- فيسبوك
- صفحات المشاكل الاجتماعية
- فضفضة
- كارثة اجتماعية
- فيسبوك
- صفحات المشاكل الاجتماعية
"ما خاب من استشار، ولا ندم من استخار".. كلمات ظل المصريون يرددونها عن حديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ينصح فيه الناس باستشارة من أهم أكثر منهم خبرة حال تعرضهم للمشكلات.
وليست المشكلة في الاستشارة ولكنها فيمن تستشير ولمن تسمع و"تفضفض" وهل من تفضفض له سينصحك أم سيضلك في الوقت الذي وصف فيه النبي الدين بالنصيحة.
واختلفت أشكال الفضفضة بعد ذلك من فضفضة الأصدقاء والصديقات واستشارة كبير العائلة وصولًا لباب "رسائل القراء" الأشهر بجريدة الأهرام المعروف بـ"بريد الجمعة" ثم لجروبات وصفحات المشكلات الاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي.
تطور الفضفضة يمثل تطورا واضحا لما بات عليه المجتمع والذي ترى مظاهره في محاكم الأسرة وفي نسب الطلاق التي يمكن وصفها بكل أريحية بالكارثية والخطيرة، وذلك بعدما أصبح نشر أسرار البيوت على الملاء ليفتي فيها السفهاء وأصحاب الأهواء والمرضى النفسيون والمعقدون، ما ساهم في أزمة حقيقية.
كان "بريد الجمعة" هو باب الفضفضة، حيث كان يرسل أصحاب المشكلات همومهم ثم يُعاد تحريرها ونشرها بشكل قصة، وكانت كل قصة تحتوي العبرة، ويصل الأمر أحيانًا إلى أن تكون مشكلة البريد يوم الجمعة هي مسار حديث المواطنين، خاصة موظفي المصالح الحكومية في وقت كانت تملأ فيه صفحات الجرائد بيوت المصريين.
نال الباب شهرة واسعة بعدما تسلمه الكاتب الصحفي الراحل عبدالوهاب مطاوع من الكاتب الصحفي محمد زايد عام 1982، وبدأت رحلته مع الباب طوال 22 عامًا حاز الباب على شهرة واسعة في حل المشكلات الإنسانية التي كانت تجذب القراء في عدد الجمعة.
ونُشرت به بعض أغرب القصص الإنسانية والمشكلات الشخصية والأسرية التي استفاد الناس من ردود عبدالوهاب مطاوع عليها، والتي كان يطعمها بأقوال الحكماء والأنبياء وكبار الكتاب والفلاسفة، وكان لا يقسو على صاحب المشكلة في الرد مهما كان حجم ما اقترفه من ذنب، بل كان يسعى دائمًا لمساعدة صاحب المشكلة، وكان يستقبلهم أحيانًا في مكتبه، أو يوجههم لمن باستطاعته مساعدتهم على حل مشكلاتهم.
وبعد وفاة مطاوع استلم الكاتب الصحفي والإعلامي خيري رمضان مسؤولية الباب وقام بدور الناصح والمستشار الذي يرد على مشكلات القراء ومن بعده الكاتب الصحفي أحمد البري، وكانت رسائل البريد أو إجابته قطعة أدبية فريدة وكان لها أسلوب أدبي مميز من أدب الرسائل وكانت كلها ردود تحرص على الجمع لا على التفريق.
{long_qoute_1}
انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة وأصبح كل فرد يحمل هاتفا ذكيا يمكنه الدخول للإنترنت بضغطة واحدة ومن ثم متابعة مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالطبع انتقلت الفضفضة لـ"فيسبوك" وتخصصت بعض الصفحات والمجموعات في عرض مشكلات المواطنين ومن ثم تلقي تعليقات الناس عليها والتي قد تحض على الانفصال والتقاضي والمشكلات، ولكن كيف يرى الخبراء والمتخصصون ذلك؟
{long_qoute_2}
الدكتور إبراهيم مجدي حسين، استشاري الطب النفسي وخبير العلاقات الأسرية، وصف هذه الجروبات والصفحات بالخطيرة والتي تعتبر أحد الأشكال السيئة للتكنولوجيا وسماه "خراب البيوت الإلكتروني"، معتبرًا أن "خرابات البيوت" تطوروا وأصبحوا يدلوا برأيهم في هذه المشكلات ويحضوا أطرافها على الانفصال والتصعيد وغيره.
وأكد حسين أن الطبيب النفسي واستشاري العلاقات الأسرية نفسه لا يمكن له أن ينصح أحدا بالانفصال أو الارتباط ولكنه يساعده على التفكير في عواقب قراره.
ولفت حسين إلى أن الاستشارات الأسرية لها نظام خاص ويجب أن يكون طرفاها موجودين ولا يمكن لأي شخص المشاركة في هذه الاستشارات.
طالب حسين بإغلاق هذه الجروبات والصفحات، مؤكدًا أن من يرد على هذه الشكاوى يجب أن يكون دارسًا لعلم النفس وعلم النفس الإكلينكي وعلم نفس العلاقات الزوجية والاستشارات الزوجية، محذرًا أن ينصح أحدهم بناء على تجربته الشخصية.
{long_qoute_3}
الداعية الأزهري الشيخ تامر مطر عضو لجنة الفتوى الإلكترونية بالأزهر، أكد أن عرض مثل هذه المشكلات على هذه الصفحات والمجموعات لا يجوز شرعًا.
وقال مطر إن ذلك لا يجوز لأن ذلك سيؤدي إلى الإضرار بالناس على المستوى العام وتؤدي إلى انتشار الفساد وضياع الأخلاق لأن إحنا بنروج لضياع الفضيلة وكل البيوت لا تخلو من هذه الأمور.
وأكد الداعية الأزهري نشر هذه المشكلات الأسرية يؤدي إلى إحداث حالة من الفوضى، مستدلًا بقول الله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)"، سورة النور، معتبرًَا أن نشر مثل هذه المشكلات يشير إلى ضياع الأخلاق "العقل الجمعي بيتجه إن فعلا الأخلاق ضاعت وبالتالي زرع الأخلاق بيبقى صعب وأن ده يعتبر ضياع الفضيلة بين الناس".
ولفت مطر إلى أن معظم هذه المنشورات مكتوب فيها خيانات زوجية ومشكلات زوجية، مؤكدًا أن السؤال هنا لغير المتخصص والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "هلا سألوا إذا جهلوا" وأن من نسأله حدده المولى في كتابه: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)النساء".
وشدد مطر على أن مثل هذه الأمور لا تذاع على الملأ ولا تنشر على الناس ولا يؤخذ رأي السفهاء فيها ويجب عرضها على المتخصصين من أهل الذكر سواء كانوا فقهاء أو من التخصصات الخاصة بالعلاقات الأسرية.