«الصناديق الخيرية» صمام أمان لأموال التبرعات

كتب: عبدالعزيز المصرى

«الصناديق الخيرية» صمام أمان لأموال التبرعات

«الصناديق الخيرية» صمام أمان لأموال التبرعات

فى الوقت الذى يمثل فيه «التمويل» المشكلة الأكبر التى تواجه المنظمات والمؤسسات والجمعيات الأهلية العاملة فى القطاع الخيرى، ظهرت الحاجة إلى تحديد شكل قانونى يوفر الاستدامة المالية لهذه الجهات، وبدأت العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية بتدشين «صناديق الاستثمار الخيرية» البديل العصرى لـ«الوقف الخيرى» بحسب خبراء مال واستثمار أكدوا لـ«الوطن» أن تزايد الاتجاه لهذا الشكل من الأوعية الاستثمارية هدفه توفير الإدارة الرشيدة لأموال التبرعات، التى تحصل عليها الجمعيات والمؤسسات الأهلية بصورة أكثر كفاءة وشفافية مع تحقيق الاستدامة المالية، وإضفاء مزيد من الشفافية على أموال هذه الجهات والتى تتلقى مواردها المالية فى صورة تبرعات من قبَل المواطنين لإنفاقها على الأنشطة الخيرية أمام الرأى العام وقوانين الدولة، ولهذا كانت التعديلات التى قامت بها الهيئة العامة للرقابة المالية لتقنين استخدامات وإيرادات الجهات ذات الأنشطة الخيرية. ويرجع تاريخ تدشين أول صندوق استثمار خيرى فى مصر إلى شهر فبراير 2018، حيث أعلن خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، إنشاء «صندوق دعم الرياضة»، بتمويل من بنك مصر، وبرأسمال مدفوع للصندوق 5 ملايين جنيه كمرحلة أولى، ومستهدف زيادة حجمه لما يزيد على مليار جنيه فى أعوامه الأولى هدفه توفير الدعم اللازم لرعاية الأبطال الرياضيين.

{long_qoute_1}

«الوطن» تستعرض فى هذا الملف ماهية صناديق الاستثمار الخيرية، والهدف من إنشائها، ويتضمن استعراضاً للمواد القانونية التى صدرت لتقنين هذا النوع من الأوعية الاستثمارية والذى يعتبر حديث العهد فى مصر.

{long_qoute_2}

 

وصف عدد من خبراء المال والاستثمار اتجاه المؤسسات والجمعيات الخيرية لتدشين صناديق الاستثمار الخيرية بأنه تطور اقتصادى لما أطلق عليه خلال العقود الماضية «الوقف الخيرى»، الذى كان يمثل وعاء ريعياً للأموال المخصصة لأعمال الخير، واتفقوا على أن صناديق الاستثمار الخيرية ستؤدى إلى مزيد من الشفافية والكفاءة فى استخدام أموال التبرعات، خاصة بعد حدوث بعض الاتهامات لبعض الجهات فى إساءتها لاستخدام أموال التبرعات التى تتلقاها، كما أن إنشاء مثل هذه الصناديق يوفر الاستدامة المالية للمؤسسات الأهلية ويساهم فى خلق مشروعات تنموية يترتب عليها دعم غير مباشر من منظمات المجتمع المدنى للدولة فى توفير فرص عمل للشباب.

{long_qoute_3}

وقال أحمد أبوالسعد، رئيس مجلس إدارة رسملة مصر لإدارة الأصول، إن الفكرة من صناديق الاستثمار الخيرية هى ببساطة تطور لما كنا نطلق عليه فى الماضى «وقف خيرى» وإن الهدف منها إدارة أموال التبرعات بشكل أكثر كفاءة وتحقيق استدامة مالية للجهات الخيرية، مع مساعدة هذه الجهات فى أن يكون صرف أموال التبرعات فى الغرض التى جمعت من أجله، ما يحقق مزيداً من الشفافية للمؤسسات الأهلية الخيرية خاصة أمام المواطنين الذين هم أساس الموارد المالية عبر دفع التبرعات.وكشف «أبوالسعد» لـ«الوطن» عن اتجاه شركته إلى تأسيس صندوق استثمارى خيرى يهتم بدعم متحدى الإعاقة خلال الفترة المقبلة بدعم من وزارة التضامن الاجتماعى، خاصة أن الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، تسعى لدعم ذوى الاحتياجات الخاصة وتنميتهم، وتوفير كافة السبل لتذليل العقبات أمامهم، ومن هنا كان الاتجاه لعمل صندوق استثمار خيرى، لافتاً إلى أن بنك ناصر الاجتماعى هو أحد مؤسسى الصندوق الخيرى، الذى سيتم إصداره فى أقرب وقت مناسب، وفقاً لما تحدده الوزارة والجهات المؤسسة للصندوق.وقال محمد قطب، العضو المنتدب ورئيس الاستثمارات العالمية بـ«مباشر انفست»، إن صناديق الاستثمار الخيرية أصبحت اتجاهاً عالمياً منذ سنوات كوعاء استثمار آمن وذات كفاءة، مشيداً بقيام «الرقابة المالية» بإدخال تعديلات تشريعية سهلت دخول هذه النوعية من الصناديق فى مصر، وتوقع «قطب» أن تشهد الفترة المقبلة تأسيس المزيد من صناديق الاستثمار الخيرية، خاصة أنها توفر الاستدامة المالية للجمعيات الأهلية والمؤسسات التى تقدم أنشطة خيرية، الأمر الذى يترتب عليه استدامة المسئولية المجتمعية من قبل منظمات المجتمع المدنى أو الشركات. وأكد محمد محيى الدين، نائب رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، أن الاتجاه خلال الفترة الأخيرة لإنشاء عدد من الصناديق الخيرية يعد استكمالاً لمنظومة الاستثمار فى مصر، ووضع «أموال الوقف الخيرى» فى إطار استثمارى ومنظم مع تحقيق مزيد من الشفافية والرقابة، وأوضح «محيى الدين» أن قيام مؤسسات وجهات التمويل الخيرية بإنشاء صناديق استثمار خيرية تابعة لها يساهم فى سد الفجوة المالية التى قد تطرأ على مؤسسات العمل المدنى فى بعض الفترات، والعمل على تحقيق استدامة تمويلية لهذه الجهات، لا سيما أن الموارد المالية لهذه المؤسسات قد تعتبر موسمية لأنها تعتمد على التبرعات، وأضاف أن هذه الصناديق من الممكن أن تقوم باستثمار أموال هذه المؤسسات فى استثمارات آمنة، سواء فى أصول أو فى استثمارات فى شكل حصص فى شركات ناجحة، بدون تعرضها لأى مخاطر ممكنة، وهذا النوع من الاستثمار هو اتجاه عالمى فيما يعرف بـ«capital protected fund» الذى يعنى ببساطة أن يتم الاستثمار فى مجالات ثابتة وغير معرضة للخطر تماماً، كما أن صناديق الاستثمار الخيرية ستقوم بالمساهمة فى إقامة مشروعات تنموية Impact Investments لتشغيل الشباب ما يخفف عبء التشغيل عن كاهل مؤسسات الدولة. من جانبه، توقع محمد متولى، نائب الرئيس التنفيذى لشركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار، أن تشهد أسواق المال خلال الفترة المقبلة ظهور صناديق استثمار خيرية جديدة، وأوضح لـ«الوطن» أن صناديق الاستثمار الخيرية تحقق العديد من المنافع على المستوى الخيرى، منها أنها ستقوم باستثمار أموال التبرعات، التى تحصل عليها الجهات التى تقوم بأعمال خيرية، سواء مستشفيات أو جمعيات تنموية، بما يحقق الاستدامة فى موارد هذه الجهات، خاصة أنه من المعروف أن التبرعات فى الغالب تكون موسمية، وأضاف أن صناديق الاستثمار الخيرية تضفى مزيداً من الشفافية حول عمل وإنفاق هذه الجهات المتلقية لأموال التبرعات، كما أن صناديق الاستثمار الخيرية ستؤدى بشكل غير مباشر إلى تنشيط سوق المال، خاصة أن جزءاً من استثمار هذه الصناديق سيكون فى أذون الخزانة أو السندات، إضافة إلى الأسهم المدرجة بالبورصة المصرية، وتابع: «الهدف من صناديق الاستثمار الخيرية هو تعظيم أموال التبرعات المستثمرة، وتحقيق مفهوم العوائد المستدامة عبر استثمار أموال التبرعات للمؤسسات العاملة فى مجال النشاط الخيرى والاجتماعى»، لافتاً إلى أن «إتش سى» ترحب بالتعاون مستقبلاً مع أى جهات تريد المساعدة فى إنشاء صناديق استثمار خيرية خاصة بها. وقالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة فاروس القابضة للاستثمارات المالية، إن الاتجاه لإنشاء صناديق الاستثمار الخيرية فى الأساس يستهدف مزيداً من الشفافية والكفاءة فى إدارة الأموال التى تتلقاها الجهات التى تقوم بأعمال خيرية، لكنها بشكل غير مباشر ستؤدى إلى إنعاش سوق المال، فأى أموال أو استثمارات جديدة تدخل سوق المال ستؤدى بالتبعية إلى مزيد من التداول، مضيفةً أن المحدد لطرح صناديق استثمار خيرية خلال الفترة المقبلة هو السوق.

وأكد الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن صناديق الاستثمار الخيرية أصبحت أمراً ملحاً لدعم الأكثر فقراً، مشيراً إلى أن برامج تكافل وكرامة التى تنفذها وزارة التضامن تعد مكملة لإطلاق تلك النوعية من الصناديق، ولهذا قامت الهيئة بإجراء التعديلات التشريعية، التى بموجبها تم استحداث صناديق استثمار خيرية لأول مرة فى مصر، وأوضح أن الهدف الأساسى من وراء صناديق الاستثمار الخيرية هو توفير وعاء لتجميع التبرعات والأموال المخصصة لأنشطة أعمال الخير لاستثمارها والصرف من عوائدها على تلك الأنشطة، وإتاحة المرونة فى طرح فئات الصناديق لتتناسب والغرض الذى أنشئت من أجله، لا سيما الصناديق الخيرية. وكانت الحكومة قد أعلنت على لسان وزيرتى الاستثمار والتعاون الدولى، والتضامن الاجتماعى، دعم الدولة لإنشاء تلك النوعية من الصناديق الخيرية، حيث قالت الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، إن الوزارة تولى أهمية قصوى للمسئولية المجتمعية للشركات، وإن قانون الاستثمار الجديد حدد حافزاً للشركات التى تقدم المسئولية المجتمعية بإعفائها من 10% من الضرائب المفروضة عليها تشجيعاً لها على ممارسة دورها المجتمعى، فيما قالت الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، إن صناديق الاستثمار الخيرية هى التطبيق الأمثل لتعديل قانون الوقف، وتعد بديلاً مهماً للتمويل الأجنبى للجمعيات الأهلية.

 

أحمد أبوالسعد

 

محمد محيى الدين

 

 

 

صندوق الاستثمار الخيرى:

هو صندوق استثمارى، يقتصر توزيع الأرباح والعوائد الناتجة عن استثماراته على الإنفاق على الأغراض الاجتماعية أو الخيرية من خلال الجمعيات أو المؤسسات الأهلية المشهرة.

وتستمتع أنشطة الصناديق الخيرية بخصم ضريبى يصل إلى 10% من الضرائب المفروضة على الشركات وفقاً لقانون الاستثمار الجديد.

أهدافه:

 

الهدف الأساسى من إنشائها هو توفير وعاء لتجميع التبرعات والأموال المخصصة لأنشطة أعمال الخير لاستثمارها والصرف من عوائدها على تلك الأنشطة.

جهات تأسيسه:

هيئات الوقف أو الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو الشركات أو غيرها.

يراعى فى رأسمال شركة صندوق الاستثمار ألا تقل نسبة مساهمة الأشخاص الاعتبارية عن ثلثى رأسمال شركة الصندوق.

 

أغراضه:

 تمويل أنشطة ومؤسسات التعليم والتدريب وتقديم المنح الدراسية المساهمة فى تمويل بناء أو تشغيل دور لإقامة أو رعاية الأيتام أو الأشخاص غير ذوى المأوى، أو الطلبة المغتربين غير القادرين أو المسنين.

تمويل تقديم المساعدة النقدية أو العينية للأرامل والمرأة المعيلة، أو ذوى الاحتياجات الخاصة، أو الأسر الفقيرة أو الغارمين. المساهمة فى تمويل بناء أو تشغيل مراكز لرعاية الأطفال ومراكز شباب ونوادٍ رياضية لغير القادرين.

المساهمة فى تمويل بناء وتجهيز أو تشغيل المستشفيات ووحدات الرعاية الصحية والمراكز العلاجية.

تمويل تحمل كل أو جزء من تكاليف العمليات الجراحية، أو الأدوية، أو الإقامة، أو شراء أدوية أو المستلزمات الطبية لغير القادرين.

تطوير القرى الفقيرة والعشوائيات وكافة الأغراض الأخرى التى تهدف إلى تنمية وخدمة المجتمع والتى توافق عليها الهيئة.

 

 

أقرا إيضا

شريف سامى: الحل الأمثل لإدارة أموال التبرعات بكفاءة وشفافية

 


مواضيع متعلقة