شهود عيان يروون لحظات الرعب فى «مدينة نصر»: افتكرنا الإرهابى لصاً.. وآخر كلمات الضابط الشهيد «كله يبعد من هنا»

كتب: أحمد ماهر أبوالنصر

شهود عيان يروون لحظات الرعب فى «مدينة نصر»: افتكرنا الإرهابى لصاً.. وآخر كلمات الضابط الشهيد «كله يبعد من هنا»

شهود عيان يروون لحظات الرعب فى «مدينة نصر»: افتكرنا الإرهابى لصاً.. وآخر كلمات الضابط الشهيد «كله يبعد من هنا»

أبدى سكان منطقة عزبة الهجانة فى مدينة نصر استنكارهم الشديد لمحاولة تفجير كنيسة «أبوسيفين» قبل يومين، مشيرين إلى أنها المرة الأولى التى تشهد فيها المنطقة حادثة إرهابية مماثلة. وأكدوا فى حديثهم لـ«الوطن» أنهم اشتبهوا فى الشخص المجهول فور دخوله مسجد «الحق» لكونه غريباً عن الأهالى أو الطلاب المقيمين فى السكن الملحق بالمسجد. وقال عدد من شهود العيان إن أحد الأشخاص وضع حقيبة سوداء اللون أعلى المسجد المقابل للكنيسة، ما أثار ريبة أحد الأشخاص المقيمين فى السكن الخاص بالطلاب غير القادرين التابع للجمعية الشرعية بالمسجد، فبادر بسؤاله عن شخصيته، حيث أجابه بأنه صديق أحد الطلبة وبحوزته حقيبة بها بعض الملابس الشخصية.

وأشاروا إلى صعود الشخص المجهول إلى الطابق الرابع «قيد الإنشاء»، فرآه طالب آخر فى الطابق الأخير من المبنى، وأخبر مقيم شعائر المسجد الشيخ فارس عسكر، الشهير بـ«سعد»، الذى سارع بإبلاغ أمن الكنيسة، وسرعان ما وُجدت الشرطة فى المكان مدعومة بطاقم من الحماية المدنية، الذين طلبوا إخلاء المكان على الفور، ثم توجَّه أحد الضباط إلى الحقيبة المشكوك فيها، فانفجرت وأودت بحياته. وقال ميخائيل بدر، 26 عاماً، صاحب محمصة بجوار الكنيسة: «الراجل اللى حط الشنطة مستحيل يكون من المنطقة، لأننا هنا سمن على عسل طول عمرنا، حتى فى وقت حكم الإخوان وحوادث التفجير أيام ثورة 30 يونيو ما كُناش خايفين، لأن إخواتنا المسلمين بيخافوا علينا من الهوا الطاير».

وأضاف: «الحكاية بدأت الساعة السادسة والنصف أثناء صلاة العشاء، عندما شاهد طالب أزهرى اسمه (جميل) شخصاً مجهولاً داخل المسجد محاولاً الصعود إلى الطابق الأعلى، فأبلغ إمام المسجد عنه، وظن الجميع أنه أحد اللصوص، خاصة أن المسجد تعرض للسرقة من قبل، وفشلوا فى الإمساك به، وعندما صعد إمام المسجد للتحرى عما تمت سرقته، عثر على الحقيبة وأبلغ الشرطة».

وقال محمد الصعيدى، صاحب سوبرماركت، 57 عاماً، إن المسجد يضم سكناً خاصاً للطلبة غير القادرين، وهو ما سهَّل عملية دخول الشخص المجهول وصعوده أعلى المسجد، وأضاف: «ابن بنتى فى الحضانة اللى فوق المسجد، وكمان فيه طلبة كتير ساكنين فى الطابق الرابع اللى اتحطت فيه القنابل».

{long_qoute_1}

واستطرد: «كنت فى المحل بتاعى وقت الانفجار، بعد كده الشرطة جت ومشّوا الناس، وطلعوا فوق يستكشفوا الحكاية، وبعدها سمعنا صوت انفجار شديد، شوية والدنيا اتقلبت».

وفى مبنى من أربعة طوابق، أولها المسجد وآخرها سكن خاص بالطلبة، وقف مسعد فارس عسكر، الشهير بـ«مسعد سعد»، أمام بابه الخلفى، كى يتأكد من خلو المبنى من الطلاب، وإحكام غلق الباب الخلفى، حيث لا تزال الدماء تغرق درجات السلم المؤدى إلى المسجد والطوابق الثلاثة التى تليه، انتهاء بالدور الرابع الذى لا يزال قيد الإنشاء.

روى مسعد سعد عسكر، 34 عاماً، ما شاهده قائلاً: «كنا نُصلى العشاء، ولمح أحد الطلاب أثناء وضوئه شخصاً غريباً أثناء صعوده للأعلى، فسأله عن هويته، والذى أجابه بأنه فى زيارة لأحد أصدقائه، لكنه لم يصدق روايته فتوجه إلى إمام المسجد، بعدها شاهدنا الشخص المجهول أثناء محاولته الفرار، ولما صعد والدى، شيخ المسجد، إلى الطابق الأعلى عثر على حقيبة سوداء اللون، فأبلغ أمن الكنيسة».

وأضاف «مسعد»: «جاء 4 أفراد شرطة فى زى مدنى، وأخلوا المكان وطلبوا منّى النزول للأسفل، ثم سمعت أحد الضباط يقول: (كله ينزل تحت.. كله يبعد من هنا)، وفجأة سمعت صوت انفجار ليس مدوياً، ثم أعقبه بثوانٍ صوت انفجار قوى، وشخص يصرخ بصوت عالٍ طالباً استدعاء الإسعاف، فركضت إلى مكان الانفجار ووجدت مصاباً يحاول الخروج، لكنه طلب منّى سرعة إنقاذ الضابط، ولما تقدمت للداخل وجدت جثة الضابط غارقاً فى دمائه».

وتابع: «شِلته ونزلت بيه جرْى علشان كان فيه لسَّه عبوة موجودة، ورُحنا بيه المستشفى فى المنطقة، وبعدها بـ10 دقايق وصلَت الإسعاف، لكن للأسف كان الضابط قد استشهد، ثم جاء خبراء مفرقعات، وتمكنوا من إبطال مفعول العبوة الأخرى».

وفى وقار مرتدياً عباءته، جلس الشيخ فارس عسكر، الشهير بـ«سعد»، ذو لحية بيضاء، فى انتظار إقامة شعائر صلاة الظهر فى المسجد الذى يعمل به منذ نحو 17 عاماً، وهو المسئول عن تسكين طلاب الأزهر غير القادرين مادياً، وقال: «دول إخواتنا وما شُفناش منهم حاجة وحشة، وطول عمرنا مع بعض على الحلوة والمرة، وما اترددتش لحظة فى إنى أبلّغ أول ما شُفت الشنطة».

وأضاف: «بعد ما عرفت إن فيه شخص غريب طلع فوق، لقيته سايب شنطة فيها مواسير سودة موجّهة للكنيسة، فنزلت بلّغت ضابط تأمين الكنيسة وعملوا اتصالات، والدنيا اتقلبت، بعدها طلعت معاهم فوق، ولما اتأكدوا إنها عبوة ناسفة، صوَّروها ونزلونا كلنا لحد ما جه الضابط الشهيد، وطلع نحو الساعة ٨ وربع مساء، وفضل حوالى نص ساعة فوق، وبعدها حصل الانفجار، ومات شهيداً».


مواضيع متعلقة